|
كل
أمهات اليوم
كنّ بنات الأمس ، وغالب بنات اليوم
هنّ أمهات الغد ، ولكن هل كل من مرت بهذه
التجربة
حدث لها
ما حدث معي ؟
أم إن ما حدث معي ، شيء خاص بي وحدي ؟
هذا
السؤال مابرح خاطري منذ زمن
طويل ، فكم طرحت على نفسي هذا السؤال مرارًا وتكرارًا ،
وها أنا ذا أطرحه عليكن عبر
هذه الصفحة بعد سنوات طوال ما من يوم فيها إلا ولي فيه
مشاعر وأحاسيس وتجارب تعمق
أثارها التي لا تنمحي في شخصي ، حتى إنني كلما راجعت
ذكريات الماضي البعيد عن شخصي
قبل أن أصبح أمًا ، أنكر نفسي ولا أكاد أتعرف على
شخصي ، ويزداد السؤال إلحاحًا
على خاطري :
فيا تُرى ما السبب؟
وهل هذه التجربة (الأمومة) هي
السبب الرئيس في اتساع البون بين أم هانئ قبل الأمومة
، وأم هانئ بعدها ؟
-
وأضرب لكنّ مثلا علِّي أقرِّب به
المراد
:-
*عندما وضعت أول مولود لي وكان
ذكرًا ، كنتُ كثيرًا ما أتأمل
ضعفه الشديد - كأي مولود -
وهالني ما شعرت به وما تواتر إلى خاطري من أفكار مثلًا
:
- كان كلما جاع أخذ يصرخ
باكيًا يحرك رأسه ها هنا وها هنا فاتحًا فاه على
اتساعه يبحث عما يتقوت به
عاجزًا -حبيبي- عن ترجمة
إحساسه في كلمات قليلة : (أنا
جائع) وساعتها خطر على بالي لو
أني لا أرحمه ، وقررت أن أتركه يصرخ هكذا إلى ما شاء
الله ،
فماذا عساه يفعل ؟ سيموت جوعًا ؟
لن يستطيع الصراخ
طويلا ، بله الحركة للبحث عن
قوت ، ما أعجز الإنسان ! هل كنتُ يومًا بهذا الضعف ؟ لم أستطع
تصوّر ذلك ، وساعتها حضرني
قوله تعالى :
((قتل
الإنسان ما
أكفره من أيّ شيء خلقه
...)) سورة : عبس
هل كل العصاة -وأنا منهم كنا-
بهذا العجز يومًا ، بغير حول
لنا ولا قوة ، وضع الله في قلوب أمهاتنا رحمة جعلها
تهرع لجبر عجزنا ، وإطعامنا
لنحيى وننمو ثم نبارز الله بالمعاصي - كلنا نعلم أننا
كنا كذلك ولكن كما قالوا :
((
ليس الخبر كالمعاينة
)).
حقًـــــــا :(( قتل الإنسان ما أكفره
))
هــــــــذه واحــــــــدة
.
-وأخـــــرى
:
* حينما
كنت أضع عنه حافاظته بعد قضاء حاجته- مسرعة لئلاّ يتأذى - حبيبي- وهنا
حضرني خاطر
ماذا عساه هذا
العاجز يفعل إن تركته هكذا
لساعات وساعات؟؟!،
يبكي ويصرخ متأذيًا لا يستطيع
حتى طلب التطهر من القاذرات ،
منزوع الحول والقوة لا يستطيع البعد والتنزه حتى عنها
بجسده ،
ياالله هل كنتُ يومًا بهذا
الضعف؟؟!
تحت رحمة أمي
تمامًا أحيا بسبب شفقتها عليّ
،واعتمادي الكلي على ما وضعه الله في قلبها من رحمات
عليّ!!!.
**الحق
بكيت لمجرد تخيلي شدة ضعفي وتجردي من الحول التام
والقوة ، لن أستطيع وصف ما
أثارته تلك الخواطر من مشاعر داخلي ، غير أنــِّــــــي
:
1-ازددت حبًا لأمي ما لا
أستطيع وصفه ، شعرت كم أني مقصرة نحوها ، تحرك
نبض قلبي حبًا لها ، ومن
ساعتها
أحاول برّها ما استطعت إلى ذلك
سبيلا ، وكنت
قبلا
بارة
بها -بزعمي وفي ظني- قبل أن أصبح أمًا ،وازداد هذا الشعور ونما في
قلبي ،كلّما بكَّتُّ أحد
الأولاد على تقصيره في برِّي ؛ معدِّدةً له كم كنت أحبه
وأرحمه صغيرًا ، و....و.... ،
أضيفُ إلى ذلك وصية رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله
وسلم- له بذلك ،
ولكـــــــن مهلا لحظة
:
هنا يـأتي سؤال
تَوَلَّد عن السؤال السابــــق
:
لِـمَّ أتوقع من أبنائي أن
يبروني ما استطاعوا إلى ذلك
سبيلا ، بينما لا أفعل نفس الشيء بنفس القوة و بهذه
الكيفية مع أمّـــــــي ؟
-وهنا قفز إلى خاطري قوله
تعالى :
((
ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على
الناس يستوفون وإذا كالوهم أو
وزنوهم يخسرون
))
سورة : المطففون
، لم يخطر لي على بال -قط
-أنني منهم
، كيف وأنا الملتزمة -بزعمي- حاشا لله
أنا من المطففين ؟ ولكن مهلا يبدو أني واقعة
فيه من حيث لا أدري
!!
ألـــــــيس كـــــــــذلك
؟!
***هنــــــا
حدثت نفسي لا بد من وقفة مع النفس لا
بل وقفات ، واللــــه
المستعــــــــــان .
2-وهنا علمت بل شعرت- بكل
كياني - بمعنى حديث عمر بن
الخطاب حيث قال : [[
قدم على النبي
صلى الله عليه وسلم سبي ،
فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي ، إذا وجدت صبيا
في السبي أخذته ، فألصقته
ببطنها وأرضعته ، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم
: ( أترون هذه طارحة ولدها
في النار ) . قلنا : لا ، وهي تقدر على أن لا تطرحه ، فقال
: (
لله أرحم بعباده من هذه بولدها
)
]] صحيح البخاري
/ رقم : (5999).
**ساعتها فقط علمت -نعم كنت
أحفظه وأعرف معانى ألفاظه الظاهرة ،
ولكن إحساس المعنى بالقلب شيء
آخر- لماذا ضرب رسولنا الكريم -صلوات ربي وسلامه
عليه- المثل للصحابة برحمة
الأم ؛ ليقرب لهم التصور لرحمة أرحم الراحمينِ ، حيث من
رحمته أنه جعلها رحيمة وأي
رحمة
!!!!!!!!!!!!
رحمك الله يا
أمـــــي حية وميتة
.، وما ظنكم برب من صفاته أنه
أرحم بعباده من والدة
بولدها ، بل وكتب سبحانه على
نفسه الرحمة وهو الغني عن العالمين ، ما أجملك من رب
وما أعظمك من إلــه
.
ومما زادني فخرًا وتيها
****وكدت
بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي****وأن
صيرت أحمد لي
نبيا
وحتى لا أطيل عليكن : هذا مثال
واحد للتغير في سمت شخصي ، فهل
استطعت تقريب المراد ؟
ولعلي أذكر لكم قريبا ، تأمل
آخر لموقف آخر .
والله أسأل أن يرحمنا برحمة من
عنده ، يجبر بها تقصيرنا
في عبادته ، إنه الغني ذو
الرحمة.