|
إلى أرباب الفكر وحملة المنهج (1)
ومن شمائله صلى الله عليه وسلم التي يحتاجها كل
معلم
ثالثا : التواضع .
ينبغي على المعلم أن يتواضع لطلابه ،
فيرعي حال ضعيفهم ، وقد يخصه بمزيد بيان وشرح ووقت ، قال أبو رفاعة انتهيت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب قال ، فقلت : يا رسول الله : رجل غريب جاء
يسأل عن دينه لا يدري ما دينه ، قال " فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وترك خطبته حتى انتهى إلي ، فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديداً ، قال : فقعد عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل يعلمني مما علمه الله ، ثم أتى خطبته ،
فأتم آخرها " [ رواه مسلم برقم 876 من حديث أبي رفاعة ] وعن أنس بن مالك رضي
الله عنه قال " إن امرأة كان في عقلها شيء ، فقالت : يا رسول الله إن لي إليك
حاجة ، فقال : يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك " بل كان يرضى
صلى الله عليه وسلم من ضعيفهم ما لا يرضى من قويهم ، ولما وفد عليه ضمام بن
ثعلبة دعاه وذكر له فرائض الإسلام فقال ضمام " والله لا أزيد على هذا ولا أنقص
" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفلح إن صدق " [ رواه البخاري برقم 46
من حديث طلمة بن عبد الله ]
رابعا : الإجابة عما يترجح عنده جهل
طلابه به .
وذلك بذلاً منه للعلم عند أهله ، وقد
يجيب عما يراه يجيش في صدورهم من المسائل وإن لم ينطقوا به "سأل رجل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من
الماء ، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " [ رواه البخاري برقم 69 من حديث أبي
هرير ] وسأله رجل ما يلبس المحرم ؟ فقال " لا يلبس القميص ولا العمامة ولا
السراويل ولا ثوباً مسّه الورس أو الزعفران ، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين
، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين " [ رواه البخاري برقم 134 من حديث ابن عمر
، ومسلم برقم 1177] وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أخبرنا
عن سبأ ما هو ، أرض أم امرأة ؟ فقال " ليس بأرض ولا امرأة ، ولكنه رجل ولد عشرة
من العرب فتيامن ستة ، وتشاءم أربعة " [ رواه أبو داود برقم 3988 ] وقال يوماً
لأصحابه " يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من
خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته " [ رواه البخاري برقم 3276 من حديث
أبي هريرة ، ومسلم برقم 134] .
خامسا : التريث في الإجابة عن السؤال ،
وترك القول بلا علم .
وكما قال الله " ولا تقف ما ليس لك به
علم إن السمع والبصر والفؤاد كان عنه مسؤولاً " وسأل جابر بن عبد الله يوما
فقال يا رسول الله كيف أصنع في مالي ؟ كيف أقضي في مالي ؟ فلم يجبني بشيء حتى
نزلت آية المواريث " [ رواه البخاري برقم 6723 من حديث جابر ، ونحوه في مسلم
برقم 1616] .
رابعاً:
من معالم في تربية النبي صلى الله عليه وسلم
لأصحابه
كيفية التعامل مع المخطئين والمقصرين .
ولما كان القصور والخطأ والجهل أمراً معهوداً في الأبناء والطلاب فإننا نتساءل
كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أمثال هذه الحالات ، وفي هذه الأمثلة
نقرأ الإجابة وتستلهم المنهج ، تقول عائشة رضي الله عنه " ما ضرب رسول الله صلى
الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ، ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل
الله " [ رواه مسلم برقم 2328 من حديث عائشة رضي الله عنها ] ولما تخلف كعب بن
مالك عن الجهاد في تبوك ، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوه جاءه كعب
فيقول " فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب " [ رواه البخاري برقم 4156 من
حديث كعب بن مالك] وبينما هو في المسجد دخل أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه ، قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " لا تزرموه ، دعوه ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر
، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن.. " وفي رواية للترمذي أنه
قال لأصحابه " إنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين " [ رواه الترمذي برقم
147] وما حصل للشاب الذي جاء يستأذن رسول الله بالزنا فزجره الصحابة فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم " ادنه فدنا منه قريباً ، قال : فجلس قال : أتحبه لأمك
؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونهم لأمهاتهم ، قال
: أفتحبه لابنتك ؟... اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه " [ رواه أحمد برقم
21708 من حديث أبي أمامة ] وهجر رسول الله كعب بن مالك في تخلفه عن تبوك ، وأمر
أصحابه أن لا يكلموه [ ذكره البخاري في صحيحه برقم 4156 من حديث كعب بن مالك ]
وكان عنده رجل به أثر صفرة قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد
يواجه أحداً بشيء يكرهه ، فلما قام قال للقوم " لو قلتم له : يدع هذه الصفرة "
[ رواه الترمذي في الشمائل برقم 297 من حديث أنس ] وأقر رسول الله صلى الله
عليه وسلم التأديب بالضرب كما في قصة أبي بكر مع غلامه وقد أضاع بعيره قال :
فطفق يضربه ، ورسول الله يتبسم ويقول " انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع " [ رواه
أبو داود برقم 1818 من حديث أسماء ]
إلى أرباب الفكر وحملة المنهج
(3)