يقول الله تعالى { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ
الْوِلْدَانَ شِيبًا }
دخلت اليوم أحد المواقع فوجدت عنوان أحد المواضيع " الممثلة فلانة جاهزة للآخرة
"
فظننت أنها أصيبت بداء خطير وأن حياتها تكاد تنتهي ، ثمّ قلت لعلها اهتدت
فتحجبت وهي تعمل للآخرة ..
دخلت على الموضوع فهالني ما قرأت !
نُقِلت مقابلة لها أجرتها معها إحدى القنوات العفِنة !
قالت تلك الممثلة مِن ذلك المجتمع الفاسِد المفسِد لما سألها المذيع عن ابنها (عيسى)
( الممثل القادم ) و بأن أحلامه دائما تتحقق .
فردت عليه بأن ابنها دائما يحلم بالرسول عليه الصلاة و السلام... و الأهم أنه
يحلم بيوم القيامة .
فقاطعها المذيع و قال: و هل تخافين من ذلك ( أي يوم القيامة و أهوال الساعة ) ؟
فقالت له بكل ثقة : لا أبدًا أنا لست خائفة أبدًا... أنا مرتاحة...
والله تعالى يقول في سورة الأنبياء عن عباده الصالحين الذين سبقت لهم مِن الله
الحُسنى { لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ
الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ }
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله وأدخله في رحمته - :
" أي لا يُقلقهم إذا فزِع الناسُ أكبرَ فزع ، وذلك يوم القيامة ، حين تقرُب
النار تتغيظ على الكافرين والعاصين فيفزعُ الناس لذلك الأمر وهؤلاءِ لا يحزنهم
لعلمهم بما يقدمون عليه ، وأن الله قد أمنّـهم خوفهم"
هذا الفضل لعباد الله الصالحين الذين جعلوا حياتهم طاعة لله وقُربة ، نسأل الله
أن نكون منهم ..
فكيف يأمن إنسانٌ عاصٍ هذا الفزع ؟؟
وكيف تتجرأ هذه المفسِدة لتقول : أنها لا تخاف ، بل هي مرتاحة ..
سبحان الله !
هكذا هو مجتمع الفساد والشهوات ومجتمع الذين يُخشى أن يكونوا مِمَن قال الله
عنهم { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ
آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }
تذكرت قول الحسن البصري : " إن المؤمن جمع إيمانا وخشية، والمنافق جمع إساءة
وأمنا "
مجتمع - أعوذ بالله - طغت فيه الملذات حتى قست القلوب ، وعُميت الأبصار
والبصائر ..
والمُحزِن حقيقة أننا ما زلنا إلى الآن نرى مَن يتابعهم بل ويدافع عنهم في
المجالس ! ولو تكلم أحدٌ في داعية أو عالِم دين ما حرّك فيه ساكنًا !
يقول تعالى عن عباده المؤمنين { وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا }
ويقول سبحانه { الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ
السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ }
وهذه المتبرجة الناشرة للرذيلة والفساد تقول ليست خائفة وهي مرتاحة !
عجبًا والله وعجب .
روى الترمذي ، عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -
قالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية والذين يؤتون ما
آتوا وقلوبهم وجلة
قالت عائشة : أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟
قال : لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا
يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات .
وكانت عائشة - رضي الله عنها – تقصِد قول الله تعالى { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ
مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }
قلوبهم وجِلة أنهم إلى ربهم راجعون ..
وتلك تقول : أنها لا تخاف وهي مرتاحة !
نسأل الله العافية ونسأل الله أن يرزقنا رقة القلب ويرزقنا رضاه وعفوه وعافيته
..