وقفةٌ أمامَ دارِ الخـلافة

فلاح بن عبدالله الغريب


سَهِرْتُ و مَاليَ لا أسهرُ ؟   ***   ومنْ مُقلتيَّ جرَتْ أنْهُرُ
وفي ناظريَّ صُدُودُ الحبيبِ   ***   وفي مَسْمَعَيَّ شَجَىً أكبرُ
أبغدادُ واصطفّتِ الذّكرياتُ    ***   وريحُ العَبيرِ بدا يُنشَرُ
وطَافَتْ تباريحُ عهْدٍ مضى  ***  أكلُّ عهُودِ الهوَى تقصُرُ؟
سقى اللهُ عهدَ الهَوَى كلّما   ***   سما عزةً مجدك المبهـرُ
أبغْدادُ كنتِ مَزارَ القلُوبِ   ***    وكنتِ رُبى الحَقِّ إذ تُزهِرُ 
وكنتِ أغاريْدَ أيامِنـا   ***   وكنتِ الهوَى والهوَى يأسِرُ
وتَاهَتْ ببَابِكِ حرفِي الحزينُ     ***   فما تحْتويْكِ هنا الأسْطُرُ
أبغْدادُ ذا شَاطئُ الذّكرياتِ  ***    وبحرٌ بلُؤلُؤِكِ يزْخَرُ
سَلَبْتِ من القلب تيجَانَهُ      ***    وإنّ الوفَاءَ له قَيصرُ
وتـَـاهَتْ من الشّعرِ ألحانُهُ     ***     وألحَانُ شعْرِكِ كم تُسْكِرُ
أبغْدادُ أين جُيُوشُ الرّشيْـدِ ؟  ***   وأين الأسُوُدُ ألا تزأرُ ؟
وأين ابن حنبلَ يروي الحَديثَ ؟   ***    وأين الرَّصَافةُ لا تُذكَرُ ؟
وأينَ عُيونُ المها ؟ ما لها   ***    ببؤْسٍ تُجيبُ ولا تَسْحَرُ 
وأين الرّبابُ على رافِدَيك ؟    ***   وأينَ رِداءُ النّدَى الأخضرُ ؟
أبغْدادُ هذي جيُوشُ الصَّلِيبِ   ***    تُبينُ لِحِقْدٍ ولا تَسْتُرُ
وتبْغي بأرضِك في كُلِّ سَاحٍ   ***    فتَقتُلُ هَذَا وذَا تأْسرُ
أبغْدادُ يا عِزَّة المؤمنينَ  ***   ويا مَوطِنَ الفَخرِ إذْ يُذكَرُ
نراكِ تُذيقيْنَهم عَلْقَماً  ***    وعِرْقُ الإبَا نازِفٌ أحْمرُ
تزُفِّينَ من فَلَذَاتِ الكُبُودِ   ***    لِيُمْحَى زمَانُ الرّدى الأغْبَرُ
ويُسْرَجُ نحْوَ طَريقِ الصُّمُودِ  ***   أصِيْلُ الخُطَى سَابِحٌ أشْقَرُ
فنشْهدُ أنوارَ فجرٍ قريْبٍ   ***   يَمنُّ به القَاهرُ الأَكبَرُ