بَغْدادُ تنطقُ بالهـوَى عيْنَـاكِ *** وكجَمْرِ
أشواقِي بَـدَتْ شَفَتـاكِ
وقفتْ على الأطلالِ ساعةَ رهْبةٍ *** تلك السّحائِبُ فاسْتَهـلَّ
نَـدَاكِ
بغدادُ يحملُنِي الهَوَى ويُذيْبُنِـي *** شوقٌ لرؤيةِ ثغْـركِ الضّحـاكِ
ويزيدُني مَرُّ النَّسيمِ من الجَوَى *** وتعيدُنِي الذّكرَى إلـى
ذكْـرَاكِ
وتفيدني الأيـامُ درْسَ عزيمـةٍ *** لمّا تسير إلـى العُـلا قدَمَـاكِ
تتأوّه الأغصانُ من ألمِ النّـوَى *** ويتوهُ بالألحَانِ رَجْـعُ
صـداكِ
أبكي ويرتعشُ اليراعُ وترتَمِـي *** منِّي الحروفُ على سَنَا نجْوَاكِ
بالله يـا دارَ السّـلامِ ترفّقِـي *** إنّي لأشكُو منْ لظَـى شَكْـوَاكِ
ورُبَى الحجازِ عليلةٌ ممّا جَـرَى *** والشامُ يسلبُها الهَـوَى
مَـرْآكِ
وَرِمَالُ نجْـدٍ أغرقتهَـا أدمـعٌ *** فيَّاضَةُ الأحـزانِ حيـنَ
تَـرَاكِ
وشواهقُ السَّرَواتِ تُعْلِي صرْخةً *** لا تخضَعِـي يـا دُرَّةَ
الأفْـلاكِ
تتقاذفُ الأيـامُ غابـرَ مجدِنَـا *** ومراتعَ الذّكرى وبَـوْحَ
ثَـرَاكِ
أيامَ كنتِ على الدِّيـارِ أميـرةً *** تتضوَّعُ الأزهارُ نفـحَ
شـذاكِ
أيّامَ يرسِلُهـا الرّشيـدُ بعـزَّةٍ *** أينَ المكـارم والهـدى
لَـوْلاكِ
يا دارُ يأسرني الحنينُ لروضةٍ *** تروي الظِّمآءَ وتنتمِـي لرُبَـاكِ
وأرى الصّبابةَ والمحبّةَ والنَّدَى *** حسبُ العُلا والجُودِ أنْ
عَرَفَـاكِ
كمٍ عَاشقٍ أفنى صَبَابةَ عُمْـرِهِ *** يرجو الوِصَالَ فأكرمتْـهُ
يَـدَاكِ
والنورُ يحسبُ أنَّـهُ مـن دُرّةٍ *** حسناءَ يرمُقُها الهَوَى
فيـرَاكِ
والسيفُ يلمعُ في مقابضِ فتيةٍ *** دصانُوا حَرِيْمَكِ واحتَمَوا
بحِمَاكِ
فاستبسلتْ تلكَ الأسُودُ ببَذْلِهـا *** وأبَيْتِ يـا بَغْـدادُ أنْ
ننسَـاكِ
لا زالَ للمجـدِ الأثيـلِ بقـيّـةٌ *** قد شادها في الخافقيـنِ
فِـدَاكِ
بغدادُ ماذا قد يرومُ بِكِ العِـدَا ؟ *** والسيفُ والقرآنُ قد
حَرَسَـاكِ
يا درّةَ الأمجادِ هل من سَائـلٍ ؟ *** عن فجْرٍ مَجْدٍ باسِـمٍ
يغشـاكِ
وعنِ الكرامةِ والشهادةِ والهُدَى *** والصِّيْدُ قد لبَّـتْ كَرِيـمَ
نِـدَاكِ
وعنِ الجيوشِ الفاتحاتِ وأهلِها *** وعنِ الفصَاحةِ تعتلـي بِعُـلاكِ
بغدادُ يا رمْزَ الثّبـاتِ تمسّكـي *** فالنّصر يا بغـداد قـد حيّـاكِ
ولربَّمَـا تَحيَـا مَآثـرُ أمَّتِـي *** وتعيدُهـا للمكْرُمَـاتِ
خُـطَـاكِ
|