|
رسالة أرسلتها مع زوجتي حين زيارتها لبناتي في بيروت، حمّلتها شوقي لهنّ
ووصيّتي بالاعتناء بأمّهنّ ورعايتها.
رسالة من القلب إلى أولادي
أرسل لكم شَوقي مَخطوطاً عَلى الورقِ --- أشكو بهِ ما أعاني مِن شِدة القَلق
فيا مُنْيَةَ النفسِ إذا الأنفاسُ ما عَبقت --- بأريجِ زَهـرٍ أو مِن نَفحة
الحَبَـق
ويا مقلة العَيـن التي أُبْصِر بهـا --- ويا رمشَ عيـنٍ أحاطَ بالحَـدق
ويا غِنى النفس أغنانا ربّ العالمين بها --- ويا أمهم رُبّـان نجّانا من
الغَـرق
أنتم إليَّ كَمصباحٍ أنـارَ في غَسَـقٍ --- أو كَسَوَادِ عَيْـنٍ أَو حُمْرَةَ
البَـرَق
أرنو إليكم ودمعي بَات يغرقنـي --- لفراقكم والصَوت منّي جَشَّ في الحَلق
فَكَم وَكَم منَ الأقطار تَفصِل بيننا --- وأعـوامٌ مَضت والعُمر في سَبَـق
رَبِّ، فهل تجمع الشتيتين بَعد غُربتهم --- في مغرب الأرض منها أَوْ كنا في
شَرْق
ماذا أقول والأحباب عنّي قد بعدت --- قَسْرًا، أو بشتى الأسباب والطـرق
نهاري ، كباقي الناس كُنْتُ أُشغله --- لكنَّ ليلي كان "هو" الذي يُشغلني
بالقلـق
أقضيه سُهـداً، نجومَ الليل أَرْصُدُهَا --- والزاهراتِ، وأرقب البدر حين يتسق
وكم من ليلٍ قضى والشوق يعصرني --- فأبتهل لإلهـي في ظلمة الغَسـق
ربَّـاه أُناشدك صَبْرًا لما أكابـده --- فالصبر أضناني والقلب في حَـرَق
صَبْري اشتكى للصْبْرِ ما أُحمّلـه --- من لوعـةِ الشوق,لَمْ يَعُـد يَطِـق
ادعوُا معـي إلى الرحمان ليجمعنا --- من بعد طـولِ تشتتٍ وتفـرق
أبعث لكم بهديةٍ,بالهدى الله صاغها --- كريمةٌ , تنتمي لِشهابٍ عاليَ
الأفُـق
أمٌّ رؤومٌ, رحوومٌ, عمَّت فضائلها --- بالنصح تنطق, وبالإحسان في شَفـَق
بحر الحَنان إذا الأطفال ما ظمِئت --- تروي المحبة من فَيضٍ وفي غـدق
فهـي رفيقةٌ لي في كل الخطـى --- ومنارة دربي لكل تَجَمّلٍ وَتَأَلُـق
هي,معصمي وأصابعي في راحتي --- وجميلهـا مني كالطـوق في العُنـُق
فهي سفيرتي للشوق بيني وبينكم --- وهي لكم محبتي وتطلعي وتـحدق
(أوصيكم,كما أوصانا ربّ العالمين بها --- بالرفقِ في الحالِ وحُسْنِ القَوْلِ
والخُلُقِ)
عبد القادر اللبَّان(لندن) 22-02-1990