|
سأحكي لكم حكاية طريفة اسمعوها وتمعنوا بمعانيها الغريبة وافهموها:
كان في سالف العصر والزمـان --- غابة يعيش فيها الطير والحيوان
الطيروالحيوان فيها بالحقوق سواسية --- لا فرق بين ذئـابٍ فيها وماشية
فكانت نموذجًا فريدًا للعيش المشترك --- لا مجـال فيهـا لِفَـخٍ أو شَـرك
فعاش الكل فيها ، بتعـاون وأُخـوٌة --- بتوافق وتواصل، ودون هِـوٌة
فالتقى السبع بضبعٍ والثعلب بأرنب --- واجتمع النمر بجَروٍ والهرٌة بكلب
والذئب رافـق شاة وتغنٌى بنعامة --- والباشق ناجى هُدْهُدًا وغرٌدَ ليمامة
وهكذا عاش الجميع بمحبٌة ووئـآم --- إلى أن أتاهم وحش وغدٌ وابن لئام
قـدِمَ الوحش مـن الخارج والجوار --- وجلب معه للغابة الخراب والدمار
فجاءهـا للجـوار كمرتزق وعميـل --- لينوب عنهم ويعمل كنائبٍ ووكيل
فدخـل إلى الغابـة بمسوح رهبـان --- وأخفى بداخله ثوب أفعى وثعبان
وجلب لزمرتـه مـن العسـل والحلوى --- ومنٌّى ضعاف النفوس بالمن والسلوى
وأمده الجوار بزُمرةٍ من الكلاب --- فاشتد ساعده وزاده الكِبْرُ والعُجاب
وكلُما شعر الجوار بالكَرَبِ والتَرَح --- أََوْعَـزَ إليه وَجَعَلـه عَنْـهُ
يَنْبَـح
فطاح بالغابة وضرب جزية وأتاوة --- فجاءه الذئب بنعجة والثعلب بدجاجة
فلم يُعجبه ، فطالب بَسَلةِ مَطالب --- ويكون فيها، دجاج وحمام وأَرَانـب
ونادى بالثلثين، وقََسٌَّم الغابة لقسمين --- وعطٌَـل الأرزاق فيهـا لمـدة
سنتين
وعاش بالوهم، ليستولي على الحكم --- وكَال الأحرارَ فيها بالمَذمٌة والتهَم
ولمٌـا لـم يَجِـد فيهـم أيٌ شَيـَـن --- عَابَهُم حسدًا ووصمهم بوفرة اليدين
وراح يُسْرِف بالتحدي وينذر بالوعيد --- وأغْدَق عليهم بالشتائم وزادهم تهديد
ولمٌـا كَثُــرَ عليهـم جَـوْرُه وبـلاه --- أَجمعـوا أمـرهم للعمـل لكـفٌِ
أَذاه
فحفـروا حفـرة عميقة وملؤوها مـاء --- وزادوها بدُهـن وأغلقـوها بغطـاء
ورَصٌٌعُـوا غطـاءها بحـرير وديبـاج --- ووضعوا سلة، فيها أرانب ودجاج
فلمٌا رآهـا المغـرور إليها بَرْطـَع --- فلمٌا جاءها ، بالماء هَـوَى ووقـع
فغَـرِقَ فيهـا وإلـى أُذنيـه غـَاص --- فأيقـَن ، مـن المنيٌـة لا مَنَـاص
فَأخَذَ يَنْبَـح ويصرخ وبهم يستجير --- وأدرك ، حانت نهاية كُلٌ شـرٌيـر
فانتشلوه ومزقوه إرَبًا بمخالب وأنياب --- وتركوه عِبْرَةً وطعامًا للقطط
والكلاب
فعـادت الغابـة إلـى مـا كـان --- وساد فيها المحبة والأمن والأمان
لندن : 21-01-2008 عبد القادر اللبٌان