بسم الله الرحمن الرحيم
{ السودان يعيش هذه الأيام هجمة شرسة
من العلمانيين و الشيوعيين و الجمهوريين و غيرهم ، بهدف التشكيك في ثوابت
الإسلام ، و بث ما عندهم من أفكار بين الناس عبر الإعلام و وسائل التواصل
الاجتماعي ؛ حتى يؤثِّروا على الشباب و الشابات ، بعد أن حاولوا أن يرموا
كل من يدافع عن الدين بالكوزنة و غير ذلك من الصفات حتى يهزموهم معنويا .
و الإسلام في السودان لا يمتلكه حزب أو جماعة ؛ فهو راسخ رسوخ الجبال بإذن
الله ، و الشعب كله يدافع عنه ، و التاريخ خير شاهد لمن يراجعه ، فالتصدِّي
لهذه الهجمة الفكرية صفاً واحدًا بشجاعة و ثبات واجب .
و من الذل و العار أن يتكلم أهل الباطل و يسكت أهل الحق ، و الحق يضيع بين
تلبيس أهل الباطل و سكوت أهل الحق ؛ و لذا قال تعالى :
( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة : ٤٢ .
فكشف الباطل و إظهار الحق للناس واضحاً هو مهمة الأنبياء و الأخيار ، و
الانتصار بالحجة و الفكر و الرأي هو الذي يحقق دحر العدو في أي ميدان ، و
نصر الدين و الوقوف في وجه المنكر ليس بفرض كفاية بل فرض عين لكل مسلم ،
فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي سعد الخدري قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ ، فإنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، و ذلكَ
أضْعَفُ الإيمان ) .
و جاء في مسلم أيضاً عن ابن مسعود قوله صلى الله عليه و سلم في مجاهدة أهل
الباطل : ( فمَن جاهَدَهُمْ بيَدِهِ فَهو مُؤْمِنٌ ، و مَن جاهَدَهُمْ
بلِسانِهِ فَهو مُؤْمِنٌ ، و مَن جاهَدَهُمْ بقَلْبِهِ فَهو مُؤْمِنٌ ، و
ليسَ وراءَ ذلكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَل ) .
و لو شارك كل واحد منا في تغيير المنكر بما يقدر لما عبث العابثون ، فصاحب
القرار بفعله و بقية المسلمين بلسانهم و هذا لا يعجز عنه أحد لما علا صوت
أهل الباطل ، و لو كل من قرأ هذا المقال شارك بمشاركة في إحدى الوسائل
لجاءت مئات بل آلاف المشاركات ، فلينتبه لذلك فإنه فرض .
كما لا ينبغي السكوت عن نصرة الحق خشيةً من أهل الباطل فقد قال تعالى :
( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا
يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ) اﻷحزاب
: ٣٩ ،
أو من أجل المحافظة على مصالح و منافع خاصة ، قال تعالى :
( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا
وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ
إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) التوبة : ٢٤ .
و سبب طغيان أهل الباطل مع قِلَّتهم هو جرأتهم في طرح ما عندهم من باطل و
اجتماعهم على ما يريدون كحد أدنى ، و ذلك مع شدة ما بينهم من خلاف في أصل
فكرتهم ، فانظر شدة التباين بين الفكر الجمهوري و الشيوعي و البعث .
و لذا يجب أن تجتمع الكلمة على الأصول و الثوابت و يؤخَّر خلاف الفروع و
الظنيات ، و يدافع الجميع بما يستطيع عبر كل الوسائل ؛ خاصة وسائل التواصل
الإجتماعي ، من خلال نشر مقالات و مقاطع قصيرة بأسلوب محكم و حجة واضحة دون
إساءات و تجريح ، مستغلين شعار الحرية الذي يجب أن يكون للجميع و إلا
برهنَّا للناس أنه لا حرية ولا عدالة .
ولا ننسى أن الأمة - الحمد لله - بخير ، و هؤلاء قلة منبوذة ، و اللهُ
تعالى ينصر من ينصره ، و ينجي الذين ينهون عن السوء من كل مكر و مكروه و
سوء قادم ، قال تعالى :
( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ
عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا
كَانُوا يَفْسُقُونَ ) اﻷعراف : ١٦٥ .
كما يجب علينا التصدي لكل فكر جهوي يهدد وحدة البلاد بدعوات عنصرية ، أو
يدعو إلى ما يضعف و يشين قوته الأمنية ، أو يهدم بنيته الإجتماعية ، أو
يريد الإرتماء في أيدي عمالات خارجية لها أهدافها الخاصة ، فإن سلامة و أمن
و استقرار الأوطان من أعظم ما ينبغي أن يحميه الأئمة و الدعاة و العلماء و
كل المجتمع .
|