لعلك تساءلت - أخي الشاب - وحدثتك نفسك ؛ من هو أصغر سجين في العالم ؟؟
- نترك الجواب لابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - حيث يقول : ما شيءٌ أحق
بطول حبسٍ من لسان . فلعك عرفت أصغر و أخطر سجين في العالم ..
- اللسان هو تلك العضلة التي وراءها كل معضلة .. يقول فيه الحبيب - صلى
الله عليه وسلم - : ( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة
) [ أخرجه البخاري ] ..
فالحبيب - عليه الصلاة والسلام - ما ضمن لنا الجنة من أمر يسير بل هو والله
شاقٌ عسير ولكن ليس إلا على أصحاب النفوس الضعيفة .. ثم هو في الوقت نفسه
يسير على من يسره الله عليه و إن شئت فقل إن ضبطه سهلٌ ممتنع ؛ يوفق الله
إليه مَن شاء مِن عباده ..
وقد قيل قديما : { اللسان عضو صغير يكشف به الأطباء عن أمراض الجسد
والحكماء عن أمراض النفس } ..
- يروى أن المغيرة بن شعبة قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : أنا بخير
ما أبقاك الله ؛ فقال عمر : أنت بخير ما اتقيت الله .. فانظر - بارك الله
فيك - إلى ضبط اللسان ، واختيار الألفاظ ، وإلجام النفس بلجام التقوى
والحزم ، فلله در الهمم ..
- يقول الحق تبارك وتعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ؛ قال ابن
كثير - رحمه الله - في تفسيره (7/398) لهذه الآية : [ وقد اختلف العلماء :
هل يكتب الملك كل شيء من الكلام ؟ وهو قول الحسن وقتادة ، أو إنما يكتب ما
فيه من ثواب وعقاب ؟
وهو قول ابن عباس ، على قولين ؛ وظاهر الآية الأول ، لعموم قوله : ( ما
يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ] ..
و أخرج أحمد بإسناده عن بلال بن الحارث – رضي الله عنه – قال : قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله
تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ،
وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله
عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " ( صححه الألباني في السلسلة الصحيحة
: 2 / 579 )
؛ فكان علقمة يقول : كم من كلامٍ قد منعنيه حديث بلال بن الحارث .
قلت : وصدق الأول إذ يقول :