حين يتهجم رأس الكنيسة العالمية على الإسلام والمسلمين ، والنبي صلى الله عليه
وسلم فهذا شأن اراه طبيعيا ، لأنه يقف مع الإسلام في حالة خصام ، وهو تلوح بين
عينيه الحروب الصليبية التي قادتها الكنائس العالمية ، وكان طابعها ديني محض ،
واشراف قليل على ما فعلوا في العالم الإسلامي يقنعهم هم قبل إن يقتنع غيرهم بمن
هو " الإرهابي " الذي غاصت قوائم خيوله في دماء الأبرياء من المؤمنين في القدس
والشام ومصر وما حولها ..
إن من البلايا الكبيرة أن يتحدث نصراني عن " العقل والمنطق " ، فأي عقل وأي
منطق في الدين النصراني المحرف ، فكيف يكون الثلاثة واحد ، والواحد ثلاثة إلا
في عقول المخرفين الذين لم يستنيروا بنور الوحي والعقل ، وأي منطق يسعف من يرى
أن إلهه قتل ابنه حتى يخلص الآثمين من آثامهم ، فهو كالذي غضب على زوجته فقطع
ذكره ..!
لا استغرب إن يصدر من بابا الفاتيكان ماهو أشر من هذا واشنع ، فقد بدت البغضاء
من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ، ولكني أعجب حين يكون هدي " القران " ومنهج
محمد صلى الله عليه وسلم ماهو إلا تعاليم شريرة قليلة ، فأصبح الإسلام الشامل
لتفاصيل الحياة دقيقها وجليلها تعاليم شريرة ، بينما صارت النصرانية المحرفة هي
الدين الذي يخالف العقل والمنطق ... مع أن الدين النصراني " الروحاني " هو الذي
أسس للعلمانية التي تجعل الدين منزويا في الكنائس ، لا يعرفون منه إلا قرع
الأجراس ، وتعميد الصبية ، وأكل الخبز وشرب الخمر ، فوجدت " العلمانية " التي
اشقت الناس المجتمع النصراني خاويا من كل تشريع مدني ، لان دينهم ليس دينا
شموليا يأتي على تفاصيل الحياة .. بل هو دين هلامي لا يري الروح ولا النفس ،
ولا يحل مشكلات الواقع ، بل هو إلى الخرافة أقرب منه إلى العقل والمنطق !
لا استغرب هذا ابدا من رجل يسب الله حين يعتقد بأنه ثالث ثلاثة ، او إن له ولد
، " تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ، إن دعوا للرحمن
ولدا ، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا " ، فمن يقول هذا يقول ماهو اقل منه من
سب الإسلام وتعاليمه، ولكن العجب كل العجب من " باباواتنا " الذين بصموا على
كلام البابا ، وأيدوه ، وجعلوا كلامه فرصة لتبيين حقيقة الموقف من الإسلام ،
وهم قد رضعوا مناهجه في تعليمهم ، وخالطوا اهله ، ولكنهم يقومون بالانابة لهدم
قيم الإسلام وشرائعة حين يتهمونه بأنه " انتشر بالسيف " ، ولا يقصدون انتشار
الاسلام بالسيف بمعنى " الجهاد " الذي يزيل الطواغيت التي تحول دون المسلمين
ودون إن يسمعوا الناس هداية الله ، ولكنهم يقصدون بانتشار الإسلام " بالسيف "
إكراه الناس على دين لا يوافق العقل ، والتاريخ يشهد على طوله ، وكثرة معارك
المسلمين أنهم لم يكرهوا أحدا على الدخول في الإسلام ، بل الإسلام ينساب إلى
نفوسهم كالماء الرقراق العذب ، فيجدوا فيه لذة لا يجدونها في أي دين غيره ، بل
أمن " النصارى " في بلاد المسلمين وتعايشوا مع أهل الإسلام مالم يأمنوا في
بلادهم الاصلية بلاد بني الأًصفر ؟ فأي سيف يتحدثون عنه ؟؟
إن بليتنا الكبرى في مثل " عبده خال " ومن حذا حذوه من الكتّاب الذين لم يدركوا
أنهم يصادمون صخرة الإسلام ، الذي أعيا المناطقة والفلاسفة ، ووجدوا فيه توافقا
بين العقل والنقل ، وتمازجا بين الروح والمادة في تعاليمه ، وشمولية من غير
تناقض ، فلم يجدوا إلا المخاتلة بالالفاظ ، والتعميم في الاحكام ، بمثل قولهم :
أن الاسلام انتشر بالسيف ، وأنه لا يقبل تطبيق العقل في النص ، ولا أدري أين هو
تراث المسلمين الذين جعلوا للعقل مكانته الحقيقية من غير إفراط ولا تفريط ،
واين هي قراءة منهج المحدثين في نقد متون السنة ، وأين هي القواعد العقلية التي
قعدها علماء المسلمين على مدار التاريخ ، وأين هي حركة الفقه الكبيرة ،
والاجتهاد في ابواب العلم والمعاملات ، في تراث لم تعرف البشرية مثله ؟ وأين هو
عن مدونات الفقه التي لم تترك شاردة ولا واردة إلا وذكرت لها حكما ، وأين هو عن
" منهج القران " الذي دلل على قضايا الاعتقاد والغيب والنبوة والالوهية بأدلة
عقلية ، واثنى على اهل العقول واشاد بهم في مواضع كثيرة .. وكثيرة جدا !
إن خذلان الإسلام يأتي من دعاة على أبواب جهنم ، وهم اشد فتكا به من " بابا
الفاتيكان " الذي أخرج خبيئة نفسه ، ثم جعلها اسئلة مشروعة تحتاج لإجابات .. ،
فإن كان بابا الفاتيكان قد عاش في كنيسته وصومعته بين كتب لا تساوي خروج الحمير
، فكيف بمن تربى حول البيت العتيق ، ورضع من منهج الاسلام ، ثم ينقلب عليه
ويلمزه ، ولا أخاله إلا خال من كل شيمة وعلم وعقل ... والله المستعان !