|
لَـقَدْ سَـاءَنِي جُـرْمٌ أَتَانِيَ خُبْرُهُ *** مِنَ
الدَّوْلَةِ الْبَغْضَاءِ قَدْ حَاقَهَا الظُّلَمْ
لَقَدْ سَاءَنِي وَسَـاءَ مَـنْ كَـانَ قَلْبُهُ *** مُحِبًّا
لِخَيْرِ الْخَلْقِ مَنْ سَادَ بِالْحِكَمْ
صَنِيعٌ أَتَى بِهِ شَيَاطِينُ دَوْلَــــةٍ *** تَعِيشُ عَلَى
الْفَسَادِ وَالْكُفْرِ وَالأَضَمْ [1]
فَيَالَيْتَهُـمْ شُلَّـتْ يَمِينٌ بِـهَا افْتَرَوْا *** وَآذَانُهُمْ
صُمَّتْ وَأَعْمَاهُمُ الْغُمَـمْ
فِـدَاءً لَهُ أَبِـي وَأُمِّـي وَمُهْجَتِـي *** فَمَنْ مِثْلُهُ فِي
النَّاسِ قَدْ حَاطَهُ الْكَرَمْ
فَيَا مَنْ كَفَى الْمُسْتَهْزِئِينَ حَبِيبَــهُ *** لِتُنْزِلْ
عَلَيْهِمُ عَذَابًا قَدِ اصْطَلَــمْ
يَعُمُّهُمُ وَمَنْ غَدَا نَاصِرًا لَـــهُمْ *** وَيَضْحَكُ مَعْهُمُ
إِذِ الْكُـلُّ قَدْ ظَلَمْ
فَسُنَّتُكَ الَّتِي خَـلَتْ قَبْـلُ تَنْـزِلُ *** عَلَى كُلِّ مَنْ
يَبْغِي وَيُؤْذِي أُولِي الْقِيَمْ
فَيَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ قُومُـوا عَلَـى الْعِدَا *** بِكُلِّ
الَّذِي لَكُـمْ لِسَـانًا أَوِ الْقَلَمْ
فَقَدْ نَزَلَتْ فِيكُـمْ مُصَائِبُ لَوْ أَتَتْ *** عَلَى الرَّاسِيَاتِ
الشُّمِّ أَرْكَانُهَا انْهَدَمْ (10)
فَإِنْ لَـمْ تَرَوْا هَذِي مُصَابًـا مُجَلَّلاً *** فَإِنَّكُمُ
مَوْتَى وَإِنَّ الْهُدَى انْصَـرَمْ
وَإِنْ تَسْكُتُوا بِالْعِلْـمِ فَالْوَيْلُ قَـادِمٌ *** وَقَدْ ضَلَّتِ
الآمَالُ وَالشَّرُّ قَدْ نَجَمْ
وَلاَ شَكَّ أَنَّهَا مَضَى قَبْلُ مِثْلُهَــا *** تَوَلَّى قِيَادَهَا
أُولُو الْحِقِدِ وَالسَّقَـمْ
تَعَدَّى أَبُو جَهْلٍ وحَمَّـالَـةٌ طَغَتْ *** وَمَنْ تَبَّتِ
الْيَدَانِ مِنْهُ قَدِ اضْطَرَمْ [2]
فَذِي سُنَّةُ الإِلَهِ فِي الْخَلْقِ قَدْ جَرَتْ *** فَيَمْتَحِنُ
الأَخْيَارَ بِالْفِرْقَةِ اللَّــوَمْ [3]
لِيَرْفَـعَ قَـدْرَهُمْ وَيُعْلِيَ ذِكْرَهُـمْ *** وَيَعْرِفَ فَضْلَهُمْ
كَثِيرٌ مِنَ الأُمَـمْ
فَلَوْ لاَ اشْتِعَالُ النَّارِ فِي الْعُودِ لَمْ يَفُحْ *** لَهُ
عَرْفُهُ الشَّذِي لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَشَمْ
وَلَيْسَ احْتِجَابُ الْعُمْيِ للشَّمْسِ ضَائِرًا *** فَرِفْعَةُ
قَدْرِهَا لِذِي الْبَصَرِ ارْتَسَـمْ
فَقَدْرُ رَسُولِ اللهِ فِـي الْخَلْقِ ظَـاهِرٌ *** فَمَا ضَرَّهُ
قَوْمٌ أَضَلُّ مِنَ الْبَهَـمْ [4]
لَـقَدْ رَفَـعَ الإِلَـهُ قَـدْرَ مُحَمَّدٍ *** فَقَرَّبَهُ زُلْفـَى
وَحَـلاَّهُ بِالنِّعَـمْ (20)
وَيَبْعَثُهُ يَـوْمَ الْقِيَامَـةِ شَافِعًــا *** لِفَصْلِ الْقَضَا
بِهَا فَمَا أَعْظَمَ الْكَرَمْ
وَقَدْ شَـرَحَ اللَّطِيفُ صَدْرًا وَأَوْدَعَهْ *** بَدَائِعَ
حِكْمَةٍ فَيَـا وَيْلَ مَنْ هَضَمْ [5]
وَشَقَّ لَـهُ الْبَدْرَ الْمُنِيرَ مِـنَ السَّمَا *** وَشَاهَدَهُ كُـلٌّ
بِلَيْلٍ قَـدِ ادْلَهَمّْ
وَحَنَّ إِلَيْهِ الْجِذْعُ لَـوْلاَ احْتِضَانُـهُ *** لَمَا فَارَقَ
الْبُكَـا إِلَى سَاعَةِ النَّدَمْ
شَكَى الْعِيرُ ضُرَّهُ وَسَلَّمَهُ الصَّفَ [6] *** فَيَا وَيْلَ
أَقْوَامٍ أَضَلُّ مِـنَ النَّعَـمْ
رَسُولُ الْهُدَى أَحْيَى الْقُلُوبَ بِذِكْرِهِ *** قُلُوبَ ذَوِي
الأَلْبَابِ وَالنُّورِ وَالشِّيَمْ
هُـوَ الرَّحْمَةُ الْمُهْدَاةُ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ *** كَـمَا
أَخْبَرَ اللهُ الْـكَرِيمُ فَلْيُغْتَنَـمْ
فَمِنْ تَبِـعَ الرَّسُـولَ كَـانَ مُعَزَّزًا *** بِذِي الدَّارِ
وَالأُخْرَى مُعَافًى مِنَ النِّقَمْ
وَمَنْ لَمْ يَرَى الْهُدَى لَدَيْهِ فَقَدْ جَنَى *** عَلَـى نَفْسِهِ الْوَبَالَ
قَـدْ نَالَهُ الْغُمَمْ
فَيَـا رَبِّ أَحْيِنَـا عَلَى حُبِّهِ إِلَـى *** مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا
وَنَحْنُ عَلَـى النِّعَـمْ (30)
وَيَــا رَبِّ أَهِّلْنَا لإِحْيَـاءِ شَرْعِهِ *** وَنَنْشُرُهُ فِي
الْعُرْبِ أَيْضًا وَفِي الْعَجَمْ
وَنَدْفَعُ عَـنْ حَرِيمِـهِ كُـلَّ مُفْتَرٍ *** مَرِيدٍ مُعَـانِدٍ
وَبِالْفُحْشِ قَـدْ جَرَمْ
صَـلاَةٌ مِـنَ الرَّحْمَنِ ثُمَّ سَلاَمُهُ *** عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ
الْمُحَبَّبِ فِي الأُمَمْ
وَآلٍ لَهُ أَهْـلِ الْمُرُوءَةِ وَالْهُـدَى *** وَأَصْحَابِـهِ أُولِي
الْمَعَارِفِ وَالْكَرَمْ
يَقُـولُ مُحَمَّدٌ أَيَارَبِّيَ ارْحَمَــا *** إِذَا الأَجَلُ انْقَضَى
وَحَبْلِي قَدِ انْصَرَمْ (35)
------------------------------------------------
[1] ـ محركة الحقد والحسد والغضب اهـ "ق".
[2] ـ أي التهب.
[3] ـ اللَّوَمُ محرّكةً: كثرة العذل، وهو هنا على حذف مضاف، أي ذوي اللوم، أو
وُصفوا به مبالغة.
[4] ـ محرّكةَ، تُسكّن هاؤه أيضًا: أولاد الضأن والمعز والبقر، أفاده في "القاموس".
[5] ـ هَضَم من باب قتل: إذا كسر، ويقال: هضمه: إذا دفعه، وكسره، أفاده في "المصباح"،
والمراد هنا انتهك حرمة النبيّ e، ودنّس عرضه، وانتهكه.
[6] ـ جمع صَفَاة، وهو الحجر الصَّلْد.