|
من البدهيات أنه عند غروب شمس آخر يوم من شهر ذي الحجة يمضي عام بكامل ما ستودع
به من عمل ، ويستقبلنا عام آخر ، فيعتاد الواحد منا باسترجاع الذاكرة إلى
الوراء بتذكر غروب شمس أخر يوم من العام الماضي وسرعة مضي هذا العام ، ونبدأ
نسمع ونقرأ الحث على ختام العام بالاستغفار والتوبة ومحاسبة النفس ، وفتح صفحة
جديدة ، والتفكر بسرعة انقضاء الأيام والسنين ، وأدبياتنا ، وطروحاتنا يغلب
عليها طرح هذا الموضوع ؛ إلا أن ثمت موضوع له من الأهمية بمكان لا يقل عن ذلكم
الموضوع ، ألا وهو الوقوف والتمعن عند قوله تعالى : " وأنذر عشيرتك الأقربين "
، وقوله : " ويسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين
....." ، ووصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لرجل من بني تميم
لما قال له يا رسول الله : إني ذو مال كثير وذو أهل وولد وحاضرة ، فأخبرني كيف
أنفق وكيف أصنع ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تخرج
الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك ، وتصل أقرباءك ، وتعرف حق السائل والجار
والمسكين " . وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة لما قال له :
أنبئني بأمر إذا عملته دخلت الجنة ، قال : " أفش السلام ، وأطعم الطعام ، وصل
الأرحام ، وصل والناس نيام ؛ تدخل الجنة بسلام " .
فقريبك يأخي أياً كانت جهته ما هو نصيبه من دعوتك ، فهل هو أحد الذين تحرص على
أن توصلهم إلى بر الأمان ؟ وهل سبق أن وصل لأذناه من همساتك اللاتي تشعر بحرقتك
وحرصك ؟ وهل هو من ضمن جدول زيارتك التفقدية للحال والتودد ، وإظهار الإهتمام ؟
وفي ذات يوم لما قمت بزيارتك ،ودار الحديث عن بعض شيء من دعوتك وتوعيتك للمجتمع
ناولتني عدة أوراق مجدولة بأسماء من تقوم بدعوتهم ،وتوزيع أشرطة وكتيبات عليهم
؛ فرأيت أسماء من شرق المدينة وغربها ، وهذا تشكر عليه ، لكنني لما قلبتها يمنة
ويسرة لكي أراء بعض أسماء أقاربك من هو بحاجة للدعوة ، وإيصال الشريط الإسلامي
له أكثر من بعض الأسماء المدرجة بقائمة ورقتك ، ومنزله في طرف حيك فهل سيكون من
ضمن قائمة الأسماء الجديدة في العام القادم بعدما نقوم بمساءلت أنفسنا أين نحن
من قوله تعالى : " وأنذر عشيرتك الأقربين " ؟ !. وفي ذات يوم يأخي أوقفتك لما
رأيتك تخرج من منزل إلى منزل لقوة الود الذي بيننا فسألتك سؤال تعجب عن هذه
الزيارة لأنه ليس هناك قرابة تربط بينكم ؛ فأجبتني بعد شدة إلحاح أن هؤلاء كثير
ما نفقدهم في المسجد لاسيما في صلاة الفجر ؛ فغبطة أقربائك ؛ لأن ما رأيته من
حرص ولين الجانب مع جارك الذي لا يربط بينكما رابط القرابة ، فمن البديهي الذي
يكون بينك وبينه رابط القرابة سيجد منك أشد حرص ، وأحسن تعامل حين دعوته !ومما
خلد في ذاكرتي وشغل تفكير دوماً ، وأحب أن أبوح به لا سيما عندما تسقط آخر ورقة
من شجرة عام ونترقب أول ورقة من عام آخر ؛ أنه في ذات يوم لما كنت متكئ على
أريكتي وبين يدي مجموعة من التقارير المالية السنوية : ما بين جمعية بر أو
جمعية تحفبيظ القرآن ، أو صندق خير أو .....فلفت نظري اسم أحد من بسط الله عليه
من الرزق في مجموعة من هذه التقارير وقد ساهم فيها ما بين قطعة أرض ، أو حافلة
، أو تحمل مصاريف سنة كاملة أو ......... واسم آخر من نفس العائلة المباركة في
أحد التقارير أنه أكثر من تبرع سيولة ، وذهبت الأيام واسم هذان الشخصان مازال
متعلقان في ذاكرتي ، ويكونان أمامي عندما أسير بجانب أحد المؤسسات الخيرية ،
وفي يوم من الأيام يجمعن مجلس بأحد أقارب صاحبيّ ، ودار الحديث بيني وبينه ،
وعقارب الساعة تأخذ دورتها دورة تلو الأخرى ، ونحن لا نشعر بذلك لأن الحديث
الذي يدور بينا بعضه يجر بعضاً ، وانتهى بنا الحديث إلى حالة أفراد عائلته
المالية ، ونسبة الشباب الذين لم يتشرفوا بالدخول إلى عالم الزوجية ، وكم هو
رأس مال صندوق عائلتكم ، وذكرته بما وهبه الله لكم من أصحاب رؤوس الأموال ، وأن
خيركم امتدّ إلى الغير .... فطأطأ رأسه وفهم ماذا أعني ، وبدأ يتمتم تارة
ويسمعني تارة آخرى بحسرة وندم ؛ ومما حفظت من كلامه : ويا من أغناه الله هناك
أقرباء لك بحاجة إلى مال الله الذي بين يديك فهم مما ذكرهم الله في قوله : "
ويسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين". وودعني وهو
يكرر نريد ثلث ما أنفقته على الغير ، وفي كل خير . فآلمني حاله ، وأنساني لذة
مجلسنا . ! فيا من بسط الله له من الرزق ألا فَتْحت صفحة تبرع لأقاربك جديدة مع
بداية فجر عام جديد ، مع عدم نسيان فقراء الأمة .
وأستودعكم الله على أمل أن نلتقي معكم وقد وصل خيرنا ، وبرنا ، وصدقتنا ،
ودعوتنا .... إلى أقاربنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين .
أخوكم
إبراهيم بن محمد بن سليمان السعوي
ams2041@naseej.com