|
الحمد لله رب العالمين ، وصلاة والسلام على نبينا الأمين محمد ابن عبد الله ,
وعلى آله الطاهرين ,وصحبه والتابعين.
وبعد:
يقول الله جل في علاه وتبارك في عالي سماه في كتابه الكريم ( ولا يزالون
مختلفين إلا من رحم ربك) [هود118]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلام ( فإنه من يعش منكم ، فسيرى اختلافاً كثيرا)
[رواه أحمد (( المسند)) 4/126 وصححه ابن حجر]
فمن خلال هذه النصوص ، يتبين لنا ، أن الخلاف
أمرٌ محتوم
فا الخلاف مما قضاه الله وأراده كوناً لحكمةٍ
بالغة ، حتى يتميز المُتبع من المبتدع
فهو إذاً كالكفر باعتبار إرادةِ الله ِ له كوناً فاللهُ لا يحبه ، ولكنه سبحانه
شاءه وأراده إرادة كونية قدرية
قال الإمام ابن حزم رحمه الله : وقد نصَّ ـ تعالى ـ على أن الاختلاف ليس من
عنده، ومعنى ذلك أنه ـ تعالى ـ لم يرضَ به، وإنما أراده ـ تعالى ـ إرادة كونٍ ،
كما ارادَ الكُفر وسائر المعاصي . إ.هـ.
[ الإحكام في أُصول الأحكام (( 5/64)) ]
الخلاف من أوصاف المبتدعة
يقول الله تعالى ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا
شيعاً ) [ الأنعام :159]
قال البغوي رحمه الله : هم أهلُ البدع والأهواء [ شرح السنة 1/210]
وقال الشاطبي رحمه الله : الفُرقةُ من أخس أوصاف المبتدعة [ الاعتصام1/113]
وقال أبو الُظفر السمعاني رحمه الله : إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع ،
رأيتهم متفرقين مختلفين .
[الحجة في بيان المحجة 2/225]
الخلاف آفةُ الذنوب
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما توادَّ
اثنان في الله ، ثم يُفرق بينهما ، إلا بذنبٍ يُحدثُهُ أحدهما ) [ رواه البخاري
في الأدب المفرد (( 401)) وصححه الألباني في الصحيحة 637]
وقال قتادة :
أهلُ رحمة الله أهل جماعة ، وإن تفرقة دُورُهم وأبدانهم ، وأهل معصِيِتِهِ أهل
فرقة وإن اجتمعت دورهم وأبدانهم .
[ رواه الطبري في تفسيره ((12/85))]
الخلاف شرٌّ
قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : الخلاف شرٌّ
. رواه أبو داود كتاب المناسك (( 1960))
ويقول المُزني عند قوله تعالى ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما
جاءهم البينات )
فذم الله الاختلاف ، وأمر عنده بالرجوع إلى الكتاب والسنة ، فلو كان الاختلاف
من دينِهِ ما ذمه .
[ جامع بيان العلم وفضله (( 2/910)) ]
وقال علي ـ رضي الله عنه ـ : اقضوا كما كنتم تقضون ، فإني أكرهُ الاختلاف ، حتى
يكون الناس جماعة ، أو أموت كما مات أصحابي
[ رواه البخاري في مناقب علي 3707]
وقال الطحاوي :
ونرى الجماعة حقاً وصواباً ، والفُرقة زَيغاً وعذاباً
[ متن الطحاويه ]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فإن الجماعة رحمةٌ ، والفُرقة عذابٌ .
مجموع الفتاوى 3/421
تخريج حديث (( اختلاف أمتي رحمة )).
قال السُبكي :
ليس بمعروف عند المُحدثين ، ولم أقف له على سندٍ صحيح ، ولا ضعيف
ولا موضوع
[ فيض القدير 1/212]
وقال ابن حزم :
وأما الحديث المذكور ، فباطلٌ مكذوب من توليدِ أهل الفسق .
[ الإحكام من أصول الأحكام 5/61]
قال القاسمي :
ذكر بعض المفسيرين هنا ما روي من حديث (( اختلاف أُمتي رحمة ))
ولا يُعرف له سندٌ صحيح ، ورواه الطبراني والبيهقي في المدخل بسندٍ ضعيف ، عن
ابن عباس .
[ محاسن التأويل 4/928]
والحديث الذي اشار إليه القاسمي ، هو في المدخل
152 وإسنادُهُ ساقطٌ بالمرة ، فيه ثلاث علل:
الأولى: سليمان بن اب كريمة ، ضعفهُ ابو حاتم الرازي.
الثانية: جُويبرٌن متروك الحديث ، كما قال النسائي والدارقطني.
الثالثة: الانقطاع بين الضحاك وابن عباس.
وفي الجملة ، ليس في الأدلة من الكتاب والسنة ما يدل على أن الخلاف رحمة ، وإذا
كان اختلاف أمتي رحمةً ، فهل يكون اجتمعها عذاباً.