((فضل يوم عرفة))

محمد أنور مرسال

 
بسم الله الرحمن الرحيم


 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

يوم عرفة من أعظم أيام الدنيا، وهو يوم من أيام الله العظيمة، وله الكثير من الفضائل، وإليك بعضها.

من فضائل يوم عرفة ما يلي:

(1) ــ أنه أفضل الأيام:

عن جابر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ قال:((...مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ...)) ([1]).

(2) ــ أنه يوم إكمال الدِّين، وإتمام النِّعمة:
ففي الصحيحين عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ لِعُمَرَ:
يَا أَمِيرَ الـمُـؤْمِنِينَ،

لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾{المائدة:3} لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ:(( إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ )) ([2]).

وفي رواية: فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-:(( إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ،وَأَيْنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَيْثُ أُنْزِلَتْ،أُنْزِلَتْ بِعَرَفَةَ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ )) ([3]).

(3) ــ أنه يوم عيد لأهل الموقف:

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:(( إنَّ يومَ عرفةَ ويومَ النَّحرِ وأيَّامَ التَّشريقِ عيدُنا

أَهْلَ الإسلامِ، وَهيَ أيَّامُ أَكْلٍ وشربٍ )) ([4]).

(4) ــ أنه يوم أقسم الله -تعالى- به في أكثر من موضع:
والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، وإليك بيان المواضع التي أقسم الله فيها به:

الموضع الأول:

قال الله -تعالى-:﴿وَٱلسَّمَاۤءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡمَوۡعُودِ وَشَاهِدࣲ وَمَشۡهُودࣲ﴾{البروج:3}.

على وجه من وجوه التفسير ([5]): (المشهود) هو يوم عرفة.

برهان ذلك:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله ﷺ:(( اليَوْمُ المَوْعُودُ: يَوْمُ القِيَامَةِ، وَاليَوْمُ المَشْهُودُ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ: يَوْمُ الجُمُعَةِ )) ([6]).

وقد ثبت هذا التأويل عن: على بن أبي طالب، وعن أبي هريرة -رضي الله عنهما- ([7]).

وهو قول أكثر أهل التفسير ([8]).

الموضع الثاني:

أقسم الله به في مطلع سورة الفجر.

قال الله -تبارك وتعالى-:﴿وَٱلۡفَجۡرِ  وَلَیَالٍ عَشۡرࣲ وَٱلشَّفۡعِ وَٱلۡوَتۡرِ﴾{الفجر:3}.

على وجه من وجوه التفسير ([9])، الشفع: يوم النحر، والوتر: يوم عرفة.

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (( الشَّفْع: يَوْم النَّحْر، وَالوَتْر: يَوْم عَرَفَة )) ([10]).

وهو مرويٌّ عن عكرمة ([11])، والضحاك ([12]).

(5) ــ أن صيامه يُكفِّر سنتين:

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: (( يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ )) ([13]).
وهذا إنما يُستحب لغير الحاج، أما الحاج: فلا يُسن له صيام يوم عرفة -وهذا قول الجمهور- لأن النبي ﷺ ترك صومه؛ ولأنه يُضْعِف الحاج عن الدعاء بعرفة والاجتهاد في الدعاء.

(6) ــ أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:(( أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا )) قَالَ:﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ {الأعراف: 173} )) ([14]).

فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق!

(7) ــ أنه يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف:

 عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ )) ([15]).

وزاد رزين في جامعه: (( اشهَدُوا يَا مَلائِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرتُ لَهُم )) ([16]).

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ:(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا )) ([17]).

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:(( إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا )) ([18]).

(8) ــ فيه ركن الحج العظيم:

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَقَالَ:(( الْحَجُّ عَرَفَةُ )) ([19])

وفي رواية:(( الْحَجُّ عَرَفَاتٌ، الْحَجُّ عَرَفَاتٌ، الْحَجُّ عَرَفَاتٌ.....)) ([20]).

(9) ــ وهو يوم استجابة دعاء:

يُسنُّ في يوم عرفة الإكثار من الدُّعاء، وإظهار الحاجة لله -تعالى-؛ فمن آداب الدُّعاء التي يُرجى بالتزامِها استجابتُه: أن يدعو المسلم في الأزمنة الشَّريفة كيوم عرفة، وممَّا جاء في فضل دُعاء يوم عرفة:

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:(( خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي:لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) ([21]).

وفي رواية:(( أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ.....)) ([22]).

وهو عامٌّ لجميع النَّاس؛ سواءً أكان حاجًّا أو غير حاجٍّ.
- فضلًا عن كونه من الأيام العشر، بل هو من أفضلها -على قول-، حتى اختلفوا في تفضيله على يوم النحر ([23]).

سؤال: ولماذا سمي عرفة بهذا الاسم؟

الجواب:

قيل: أن يوم عرفة سمى بهذا الاسم؛ لأن الناس يتعارفون فيه.

وقيل: لوقوف الناس بعرفة.

وقيل: لأن الخلق يعترفون فيه بذنوبهم.

وقيل: لأنَّ آدم وحواء عندما هبطا من الجنة التقيا فيه فعرفها وعرفته.

وقيل: لأن جبريل -عليه السلام- طاف بالنبي إبراهيم ﷺ فكان يريه مشاهد ومناسك الحج فيقول له: «أعرفت أعرفت؟» فيقول إبراهيم: «عرفت عرفت» ولهذا سميت عرفة.

وقيل: بأن الكلمة مأخوذة من العَرْف وهو الطيب؛ كونها مُقدَّسة.

وقيل: وذلك أنّ إبراهيم (عليه السلام) رأى ليلة التروية كأن قائلا يقول له: إنّ الله يأمرك بذبح ابنك هذا. فلما أصبح روّى في نفسه- أي فكّر- من الصباح إلى الرواح أمن الله هذا الحكم أو من الشيطان؟ فمن ثم سمّي يوم التروية. فلما أمسى رأى في المنام ثانيا ما رآه من ذبح الولد، فلما أصبح عرف أنّ ذلك

الحكم من الله، فمن ثم سمّي يوم عرفة ([24]).

 


 

([1]) ــ صحيح: رواه ابن حبان (3853).

([2]) ــ رواه البخاري (7268)، ومسلم (3017)

([3]) ــ رواه مسلم (3017).

([4]) ــ صحيح: رواه أحمد (17379)، وأبو داود (2419)، والترمذي (773)، والنسائي (3004).

([5]) ــ ﴿وَشاهِدٍ ومَشْهُودٍ فِيهِ خَمْسَةُ أقاوِيلَ:

أحَدُها: أنَّ الشّاهِدَ: يَوْمُ الجُمُعَةِ، والـمَشْهُودَ: يَوْمُ عَرَفَةَ، رَوى ذَلِكَ أبُو عَرَفَةَ،رَوى ذَلِكَ أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
الثّانِي: أنَّ الشّاهِدَ: يَوْمُ النَّحْرِ، والـمَشْهُودَ: يَوْمُ عَرَفَةَ، قالَهُ إبْراهِيمُ.
الثّالِثُ: أنَّ الشّاهِدَ: المَلائِكَةُ، والـمَشْهُودَ: الإنْسانُ، قالَهُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
الرّابِعُ: أنَّ الشّاهِدَ: الجَوارِحُ، والـمَشْهُودَ: النَّفْسُ، وهو مُحْتَمَلٌ.

الخامِسُ: أنَّ الـمَشْهُودَ: يَوْمُ القِيامَةِ.

انظر: تفسير الماوردي "النكت والعيون" (6/241) طـ (دار الكتب العلمية) بيروت ـ لبنان.

([6]) ــ رواه أحمد (7972)، والترمذي (3339)، وفي سند المرفوع مقال، فحسَّنه بعض العلماء، وضعَّفه بعضهم، وثبت موقوفًا بسند رجاله رجال الصحيح.

([7]) ــ تفسير الطبري (11/481) الأثر رقم:(36942)، (36943) طـ (دار الحديث) القاهرة.

([8]) ــ تفسير ابن كثير (8/336)، ت: السلامة، طـ (دار طيبة) السعودية.

([9]) ــ تفسير الطبري (11/182) طـ (دار الحديث) القاهرة، تفسير الماوردي "النكت والعيون"، (6/265 – 266) طـ (دار الكتب العلمية) بيروت ـ لبنان، تفسير البغوي (صـ1405) طـ (دار ابن حزم) بيروت ـ لبنان، تفسير القرطبي (20/31 – 32) طـ (المكتبة التوفيقية) القاهرة، تفسير ابن كثير (8/391 - 392)، ت: السلامة، طـ (دار طيبة) السعودية.

([10]) ــ إسناده صحيح: رواه ابن جرير في تفسيره (11/532)، رقم: (37183).

([11]) ــ إسناده صحيح: رواه ابن جرير في تفسيره (11/533)، رقم: (37185).

([12]) ــ إسناده ضعيف: رواه ابن جرير في تفسيره (11/532)، رقم: (37177).

([13]) ــ رواه مسلم (1162).

([14]) ــ رواه أحمد (2455)، والنسائي في الكبرى (11191)، والحاكم (75)، وقد اختلف العلماء في ثبوت هذا الحديث، فمن العلماء مَن قال بثبوته، ومنهم مَن ضَعَّفه؛ لأجل كلثوم بن جبر، وهو من رجال مسلم، وقد وثَّقه أحمد وابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي.

والحديث كذلك قد اخْتُلف في رفْعه ووقْفه، فمن العلماء مَن رجَّح رفْعه، ومنهم مَن رجَّح وقْفه على ابن عباس: كابن كثير وغيره.

([15]) ــ رواه مسلم (1348)، والنسائي (3003)، وابن ماجه (3014). 

([16]) ــ حسن: انظر: الترغيب والترهيب للمنذري (1740)، وانظر: صحيح الترغيب والترهيب (1154).

([17]) ــ حسن صحيح: رواه أحمد (7089)، والطبراني في "الصغير" (575).

([18]) ــ صحيح: رواه ابن خزيمة (2839).

([19]) ــ صحيح: رواه أحمد (18796)، وأبو داود (19449)، والنسائي (3016)،

وابن ماجه (3015).

([20]) ــ صحيح: رواه الترمذي (2975)، والنسائي (3998)، وابن حبان (3892).

([21]) ــ حسن: رواه الترمذي (3585).

([22]) ــ حسن: رواه مالك في "الموطأ" (726)، والبيهقي (8391) الطبراني (572).

([23]) ــ لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ابن رجب (صـ 288) طـ (دار ابن حزم).

وقد اختلف العلماء في أيهما أفضل، يوم عرفة، أو يوم النحر:

القول الأول:

يوم عرفة أفضل (وهذا قول الجمهور).

واستدلوا على ذلك:

بما ورد في فضل يوم عرفة (مما سبق وذكرناه).

القول الثاني:

يوم النحر أفضل (وهو قول بعض الحنابلة، وغيرهم)

واستدلوا على ذلك:

أ ــ  بعموم الحديث:(( أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ )). صحيح: رواه أحمد (19075)،

أبو داود (1765)، وابن خزيمة (2866)، والحديث عام، وفيه تفضيل يوم النحر على سائر الأيام (ولا يلزم منه تفضيل يوم القر على يوم عرفة؛ لأن ذكره جاء بالتبع ليوم النحر).

ب ــ ولأنه يوم الحج الأكبر -عند الجمهور-.       

ج ــ ولأن معظم أعمال الحج تكون فيه.

القول الثالث:

أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة (وهو قول الحنفية).

واستدلوا على ذلك:

أ ــ  بحديث يُروى:(( أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة )) وهو حديث باطل لا أصل له.

ب ــ ولأنه اجتمع فيه أفضل أيام الأسبوع، ويوم عرفة، واجتماع الفضائل هو أعظم الفضل.

ج ــ ولأنه موافق لوقفة رسول الله ﷺ، وفيهما إجابة الدعاء -ففي الجمعة ساعة إجابة، ويوم عرفة والوقوف بعرفة محل إجابة-، وفيه اجتماع الناس على العموم لخطبة الجمعة، واجتماع الحجيج لخطبة عرفة.

انظر: رد المحتار، ابن عابدين (2/621) طـ (الحلبي)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، (2/603) طـ

(دار تحقيق الكتاب) بيروت، المجموع بشرح المهذب (6/381) طـ (المنيرية)، الإنصاف، المرداوي (3/357)

ت: الفقي، فيض القدير، المناوي (2/362) حديث رقم:(1840) طـ (مكتبة مصر).

تنبيه: من العلماء من فَصَّل في التفضيل، وقال:

كلاهُما لهُ فضلٌ مِنْ جهةٍ: فيومُ عرفةَ لهُ فضلُه في حطِّ الذنوبِ والخَطايا، وكبيرُ الهباتِ والعَطايا، فاللهُ -عزَّ وجلَّ- يُعطِي فيهِ ما لا يُعطي في غيرِه، «ما مِن يومٍ أكثرَ مِن أنْ يعتقَ اللهُ فيهِ عبدًا مِنَ النارِ مِنْ يومِ عرفةَ»، وهذا ليسَ في يومٍ مِن أيامِ السنةِ، وأمَّا يومُ النحرِ ففضلُه أنهُ يومُ الحجِّ الأكبرِ، فكلُّ يومٍ لهُ فضلٌ مِن جهةٍ.

([24]) ــ انظر: تفسير الثعلبي،"الكشف والبيان عن تقسير القرآن" (5/185: 194)، طـ (دار التفسير)، الإنصاف، المرداوي (3/345) ت: الفقي، فيض القدير، المناوي (2/362) حديث رقم:(1840) طـ (مكتبة مصر).