|
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه الغر
الميامين وبعد :
*
فنحن على أبواب الإجازة الصيفية الطويلة ، تلك الإجازة التي ينتظرها ملايين
الطلاب والطالبات من أبنائنا ؛ ليستريحوا من عناء السهر والمذاكرة والذهاب
يومياً إلى المدارس والجامعات والمعاهد .
*
وهذه الإجازة لا ينبغي أن تكون عطلة من العمل ، فليس في حياة المسلم " عطلة "
وإنما سعي دائم وعمل مستمر حتى الموت {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ
كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} .
*
كما أن هذه الإجازة ليست فرصة للمعاصي والمنكرات ، فما دمنا نأكل من رزق الله
، ونمشي على أرضه ، ونستظل بسمائه ، ونستنشق هواءه ، فلا ينبغي لنا أن نعصيه
في طرفة عين ، لا في سفرنا ولا في إقامتنا .
*
من أجل ذلك جمعنا هذه العطرة من الفتاوى والفوائد والتوجيهات نهديها إلى
إخواننا وأخواتنا بمناسبة قرب الإجازة الصيفية ، آملين على أن تكون عوناً لهم
على استثمار أوقاتهم فيما ينفعهم في الدنيا والآخرة .
*
ولما كان كثير من الناس يحبون السفر في مثل هذه الإجازات أحببنا أن نذكرهم
بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في السفر ، وذلك ليغتنموا أجر متابعته صلى
الله عليه وسلم والعمل بسنته في الأسفار .
هدي النبي صلى الله عليه وسلم
في السفر
يقول ابن القيم رحمه الله :
*
كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يسافر استخار ، فركع ركعتين من غير فريضة
ثم قال : (( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك
العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب . اللهم إن
كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسمي الجهة التي يريد السفر إليها – خير لي في ديني
ومعاشي وعاجل أمري وآجله ، فاقدره لي ويسره لي ، وبارك لي فيه . وإن كنت
تعلمه شراً لي في ديني ومعاشي وعاجل أري وآجله فاصرفه عني ، واصرفني عنه ،
واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به )) .
*
وكان إذا ركب راحلته كبر ثلاثاً ثم قال : (( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا
له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )) ثم يقول (( اللهم إني أسألك في سفرنا
هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هذا ، واطوِ عنا
بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من
وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل )) .
*
وكان إذا وضع رجله في دابته قال : (( بسم الله )) فإذا استوى على ظهرها قال :
(( الحمد لله )) ثلاثاً (( والله أكبر )) ثلاثاً .
*
وكان إذا ودع أصحابه في السفر يقول لأحدهم : (( استودع الله دينك وأمانتك
وخواتيم عملك )) .
*
وكان صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا علوا الثنايا كبّروا ، وإذا هبطوا
سبحوا.
*
وكان يكره للمسافر وحده أن يسير بالليل ن بل كان يكره السفر للواحد بلا رفقة
.
*
وكان يقول : (( إذا نزل أحدكم منزلاً فليقل : أعوذ بكلمات الله التامات من شر
ما خلق ، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه )) [ رواه مسلم والترمذي ] .
*
وكان إذا رأى يريد دخولها قال حين يراها : (( اللهم رب السماوات السبع وما
أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الريح
وما ذرين ، إنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ،ونعوذ بك من شرها وشر ما
فيها )) [ رواه ابن حبان والحاكم ] .
*
وكان ينهى أن تسافر المرأه بغير محرم ولو مسافة بريد .
*
وكان يأمر المسافر إذا قضى نهمته من سفره أن يعجل الأوبة إلى أهله .
*
وكان إذا أقبل من سفر يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول : (( لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ،
آيبون تائبون عابدون ، لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم
الأحزاب وحده )) [رواه البخاري ] .
*
وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد ، فركع فيه ركعتين [ زاد المعاد جـ2 /
443-454 باختصار ]
من فوائد مجالسة الصالحين
قال لقمان لابنه : يا بني ،
جالس قوماً يذكرون الله بطاعته ، فإن كنت عالماً نفعك علمك ، وإن كنت جاهلاً
علموك ، وإن نزلت عليهم رحمة أو رزق كان لك فيه معهم حظ ، ولا تجالس قوماً لا
يذكرون الله ، فإن كنت عالماً لم ينفعك علمك ، وإن كنت جاهلاً زادوك جهلاً ،
وإن نزلت عليهم لعنة أو سخط شاركتهم فيه .
لا ترسلوا أبنائكم للخارج
سؤال :
فضيلة الشيخ : بعض العوائل
المسلمة في بلادنا يرسلون أولادهم في العطل الصيفية للسكن مع عوائل في
بريطانيا وأمريكا بحجة تعلم اللغة الإنجليزية فما حكم ذلك ؟
الجواب :
*
لا يجوز ذلك ، لأن هذا خطر عظيم
على هؤلاء الشباب ، وفيه تخريب وإفساد لأخلاقهم وعقائدهم وتشكيك لهم في
الإسلام .
*
وينبغي أن يُعلم أن الصغار الذين في سن الخامس عشر ونحوها إذا تربوا ولو
زمناً يسيراً كل سنة كشهر أو شهرين في مثل تلك البيئات المنحرفة فإنهم
يتأثرون بهم ، والغالب أن أولئك الكفار ينشطون في بث التشكيكات في قلوب هؤلاء
الشباب ، ويلبسون عليهم دين الإسلام ، ويعظمون قدر الكفار في قلوبهم ،
ويطلعونهم على إنجازات أهل الكفر واختراعاتهم وصناعاتهم ، ويغرسون فيهم أن
الإسلام هو الذي عاق أهله فلم يفلحوا ولم يخترعوا ولم يتقدموا ، فيكون ذلك
سبباً في إضعاف دين هؤلاء الشباب وزعزعة العقيدة من نفوسهم
سؤال :
فضيلة الشيخ : الأغلب أن هؤلاء
الشباب يسكنون مع عوائل هناك فيها اختلاط ؟
الجواب :
*
هذا أيضاً مما يعظم المصيبة إذ
تحيط بالشاب الشهوات مع الشبهات . فيُبتلى بالفواحش والفتن فتفسد أخلاقه
ودينه والعياذ بالله [ الشيخ ابن جبرين ]
مفاسد السفر إلى الخارج
سؤال :
فضيلة الشيخ : كثير من الناس
يسافر إلى البلاد الأجنبية لقضاء الإجازة ، فما هي المفاسد التي تحدث بسبب
ذلك ؟ وما قولكم في بعض النساء اللاتي يكشفن وجههن ويتعللن بالحاجة إلى ذلك ؟
الجواب :
*
أرى أن من أنعم الله عليه
بالمال ألا يسافر إلى البلاد الخارجية ، وأما من لم ينعم الله عليه بكثرة
المال ، بل ابتلاه بالفقر ؛ فهو ليس بذاهب ، لكن المشكل فيمن أغناه الله ،
فأرى ألا يذهب إلى البلاد الخارجية لأن في ذلك مفاسد :
أولاً :
أن أهله سيتغيرون لما يشاهدونه سواء تغيروا فجأة أو على المدى الطويل .
ثانياً :
أنه كما قال السائل ربما تغطي المرأه جميع بدنها إلا وجهها ، يعني تغطي البدن
وتبقي ما فيه الفتنة ؛ لأن إظهار الوجه هو الفتنة في الواقع ، وجمال المرأه
في وجهها ، ومحمل الفتنة وجهها ، لا شك في هذا .
ثالثاً :
أنه ربما يتأثر في عقيدته وعبادته وأفكاره وأخلاقه لما يرد على قلبه أو يورد
عليه من الشبهات والتضليل ، فيخسر بذلك دينه ودنياه .
رابعاً :
إضاعة الأموال الكثيرة بما لا منفعة فيه بل فيه مضرة .
خامساً :
إثراء اقتصاديات البلاد التي سافر إليها ، وربما يكون في ذلك ضرر على
المسلمين .
سادساً :
ابتعاد الإنسان من أهله وبيئته التي لا شك أن بقاءه بينهم أوصل للرحم وأجمع
للشمل .
سابعاً :
تلك المفسدة الفادحة إذا ذهب الإنسان وليس معه أهله ، فإنه قد يغريه الشيطان
بارتكاب الفاحشة وهي الزنا ، والعياذ بالله .
[الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - ]
إياك وإخوان السوء
وعظ بعضهم ابنه فقال له : ((
إياك وإخوان السوء ، فإنهم يخونون من رافقهم ، ويسدون من صادقهم ، وقربهم
أعدى من الجرب ، ورفضهم والبعد عنهم من استكمال الأدب والدين ، والمرء يُعرف
بقرينه . قال : والإخوان اثنان : فمحافظ عليك عند البلاء وصديق لك في الرخاء
، فاحفظ صديق البلية ، وتجنب صديق العافية ، فإنه أعدى الأعداء .
كيف تقضي المرأة الإجازة ؟
سؤال :
كيف تستغل المرأة وقتها في
الإجازة ؟ وكيف تطلب العلم الشرعي ، نرجو توضيح ذلك ؟
الجواب :
النساء شقائق الرجال ، ويجب عليهن المحافظة على الأوقات كما يجب على الرجال ،
والمرأه أشد مسؤولية بالنسبة للمحافظة على الوقت ، لأن المرأه في بيتها ،
والنساء والحمد لله اليوم يتمكن من مراجعة الكتب ؛ ففي إمكان المرأة أن تراجع
الكتب مرة ، وأن تستمع إلى الأشرطة مرة ، وأن تأخذ بإخوانها الصغار تدرسهم
وتعلمهم مرة ، أو تشتري مثلاً مكينة تتعلم عليها الخياطة ، وما أشبه ذلك ،
فمجال اعلم للمرأه واسع ، كما أن مجال العمل للرجال واسع أيضاً ، ثم إن
الدروس – دروس الرجال – إذا كانت في وقت مناسب للنساء أمكن النساء أن تحضر ،
وأكثر المساجد اليوم والحمد لله موجود فيها أماكن مخصصة للنساء ، تأخذ المرأه
حريتها في هذه الأمكنة ، يمكنها أن تضع عباءتها وتكشف وجهها ، ويمكنها أن
تتكئ على الجدار وما أشبه ذلك ، فالأمر واسع والحمد لله .
[الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - ]
نصيحة للشباب
قال الشيخ عبد الله الجبرين :
الشباب ، وبلا شك عليهم مسئولية كبرى ، وذلك لأنهم غالباً هم الذين معهم ميل
إلى اللهو والبطالة ، ومعهم إذ1صلحوا قوة في العمل ، وقوة في مواصلة العمل ،
فننصح هؤلاء الشباب أن يحافظوا على أوقاتهم من اللهو والبطالة ، وأن يختاروا
الصحبة والرفقة الطيبة الذين يعينونهم على الخير ويحفظون أوقاتهم ، ويعينونهم
على الأعمال الصالحة ومواصلتها ، وننصحهم ألا يبيتوا طوال ليلهم على سهر أو
سمر يقطع عليهم وقتهم ، ويضيع عليهم زمنهم في غير فائدة .. وننصحهم بكثرة
تلاوة القرآن الكريم والحرص على قيام الليل والله المسئول أن يوفق الجميع لما
يحبه ويرضاه .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه وسلم
اعداد القسم العلمي بدار الوطن
نقله إبراهيم سرحان