جَاء في تَرجمة أحمدَ
بنِ الفُرَاتِ ( أبي مسعودٍ الرَّازي ) : أنَّه كان يُكرِّرُ كلَّ
حَديثٍ خمسَ مائةِ مَرَّةٍ .(1) وقَالَ له رَجلٌ : إنَّا نَنْسى
الحديثَ ؟ فقال :
أيُّكمْ يرْجِعُ في حِفظِ حديثٍ وَاحدٍ خمس مائة مرَّةٍ
؟! قَالوا : وَمَنْ يَقوَى عَلَى هَذَا ؟ فَقَال :
لِذاكَ لا تحفظون (2) .
وفي
ترجمة (أبي بَكرٍ الأَبْهَريِّ المالكيِّ ) قال :
قَرَأتُ مُخْتَصَرَ ابنِ عبد الحكم خمسمائة
مرة (والأَسَديةَ ) خمساً وسبعين مرة ، و( المُوَطَّأَ )
كذلك ، و(المَبْسُوطَ) ثلاثين مرة ومختصرَ ابنِ البرقي سبعين
مرة .(3)
هذا
وأمثالُه - ممَّا سَنورِدُه إنْ شَاءَ الله - يُبَيِّنُ اِحْتِفاءَ
السَّلفِ والمتقدِّمين بـ( التَّكْرَارِ ) بِوَصْفِهِ طَريقَاً من
طُرُقِ تَحصِيلِ العِلْمِ ، وسَبِيلاً قَويماً لتَثْبِيتِهِ وعَدمِ
نِسْيَانه ، والتَّكرَارُ – أيُّهَا الموفَّق -: عِبَارةٌ عَنْ تَكريرِ
المَحْفُوظِ والمَقروءِ وإِعادَتِهِ وطُولِ تَرديده ؛ بُغْيَة ضَبْطِهِ
وتَرسِيخِهِ ، كَأنْ تَعْمِدَ إلى حِزبٍ من القُرآنِ ، أو إلى حَدِيثٍ
، أو صَفْحةٍ من المتُونِ فَتَقُومَ بحِفْظِهَا ، ثُمَّ بتِكْرَارِها
التَّكرارَ الكَثِيرَ ( 50 ، 100 ، 200 ، ...)
، فإِنَّكَ إنْ فَعَلتَ ذَلكَ اِشْتَدَ مَتنُ مَحْفُوظِك ، فَلا
تُتعبُك كَثْرةُ المرَاجَعَةِ ولا تُرْهِقُكَ السُّرْعَةُ في التَّفَلت
، وصَارَ مَحْفوظكَ – في كلِّ وَقْتٍ- قَريبَ الاستِحْضَارِ ، سَهْلَ
المرَاجَعَة .
أيُّهَا القَارئُ :
إنَّ مَا وَصَفتُهُ لَكَ ليس بِدْعَاً مِنَ القَولِ ، أو مِثَاليَّاتٍ
مِن الخَيَال ، بلْ هَذَا مَا عَليهِ السَّلَفُ المتقدِّمون والخَلَفُ
الحَاذِقُونَ في الحِفظِ وَالمطَالعة ، وأَنَا أذكُرُ لك من أقوالهم
وأحوَالهِمْ مَا يَكُونُ لَكَ في دَربِك سِرَاجاً ودَليلاً :
فَقَد رَوَى الخَطِيبُ البَغْدِاديِّ ( في الجَامع 1/238 ) عَنْ
عَلقَمةَ قَالَ : اطِيلُوا ذِكرَ الحَديثِ لا
يَدْرُس .
وقال عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: سمعتُ يحيى بنَ مَعِينٍ يقولُ:
لَو لم نَكتُب ( وفي
لفظٍ: نَسْمَع ) الحَديثَ خمسينَ
مَرَّةً مَا عَرَفنَاه . ( 4 )
وجَاءَ في تَرْجمة الإمَامِ أبي إسْحَاق الشِّيرَازيِّ أنَّهُ قَالَ :
"كُنتُ أُعيدُ كلَّ قِيَاسٍ أَلفَ مَرَّةٍ،
فَإذَا فَرغْتُ منه أَخذْتُ قيَاساً آخَرَ وهَكَذَا ، وكُنتُ أُعيدُ
كُلَّ درسٍ أَلفَ مَرَّةٍ فإذا كَانَ في المسْأَلةِ بيتٌ
يُسْتَشْهدُ به حَفظتُ القَصِيدةَ " ( 5 )
. وكَانَ أبو إسْحَاق يُعيدُ الدَّرْسَ في
بِدَايَتِه مِائَةَ مَرَّةٍ .( كما في المنتظم لابن
الجوزي 4/489) .
وَقَدْ قَالَ ابنُ بَشْكُوَال ( في الصلة 1/146 ) في ترجمة أبي بَكرٍ
غَالبِ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ عَطِيةَ الغرناطي (ت:518) - والدِ
ابنِ عَطِيَّة المفَسِّرِ - : " وَقَرأتُ بخطِّ
بعضِ أصْحَابِنَا أنَّه سَمِعَ أبَا بكر بنِ عّطِيَّةَ يَذكُرُ أنَّهُ
كَرَّرَ صَحِيحَ البُخَاريِّ سَبعَ مِائةِ مَرَّةٍ "
ا.هـ
وكَانَ الحَسن بنُ ذي النُّونِ أبو المَفَاخِرِ النَّيْسَابُوري (
المنسوبُ للمُعْتَزِلَةِ ) (ت : 545 هـ) يقولُ :
الشَّيءُ إذَا لم يُعَدْ سَبعينَ مَرَّةً لا يَسْتَقرُّ
. ا.هـ ( 6 ) . وهَذَا عَلَى وَجْهِ التَّقْريبِ
فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أنَّهُ : كَانَ يُعيدُ الدَّرْسَ خَمسينَ مرةً
( 7 )
وقَال الذَّهَبيُّ ( في السِّيرِ 23 /115 ) في ترجمة ابن العَجَميِّ (ت
: 642هـ ) : "يُقالُ: أَلْقَى ( المُهَذَّبَ )
دُرُوسَاً خمسَاً وعِشْرينَ مَرَّةً " ا.هـ .
وَقَالَ السَّخَاوي ( في الضِّياءِ اللامع 2/418 ) في ترجمة عَبدِ
الَّلطيف الكِرمَانيِّ الحَنَفِي : " وممن
أَخَذَ عَنْهُ الزينُ قاسم والشَّمسُ الأمشاطي وحَكى لي عنه أنه سمعه
يقول: طَالعت (المحيط ) للبرهاني مائة مرة ." والمحيط
البرهاني في الفقه النعماني للإمام المرغيناني في فقه الحنفية .
وجَاءَ عن بكر بنِ محمدِ بن أبي الفَضْلِ الأَنْصَاريِّ
: أنَّه رُبما كَانَ في ابتداءِ طَلَبِهِ
يُكرِّرُ المسْألةَ أربعَ مائة مَرَّةٍ .( 8 ) . وسُئِلَ
يوماً عن مسألةٍ غريبةٍ فَقَالَ : كَرَّرتُ
هَذهِ المسْألةَ لَيلةً في بُرجٍ من حِصْنِ بُخَارَى أربَعَ مائة
مرة .( 9 ) ،
وُنقِلَ عن ابنِ هِشَامٍ أنَّهُ قَرَأَ
الألفِيَّةَ ألفَ مَرَّةٍ .( 10 )
وقدْ كَانَ لصَحِيحِ البُخَاريِّ ومُسْلمٍ عِنَايَةٌ فَائِقَةٌ عندَهُم
في التَّكرَارِ ، فقد كَرَّرَهُ بعضُهُم مئةَ مَرَّةٍ ،
وستين مَرَّةً وثلاثين مَرَّةً...، ولَعلَّ التَّكرارَ
عندَهم مُنْصَبٌ عَلَى أُمَّاتِ الكُتُبِ في كُلِّ فَنِّ كالأحاديثِ
والألفيَّةِ والمتُون المعتَمَدة ، دونَ سائرِ الكُُتبِ التي إما تقرأ
مع الاستظهار وإما تقرأ فقط .
وكَانُوا يَرَونَ أنَّ إعادةَ النَّظَرِ والتَّكرَارِ تُوقِفُ المَرءَ
عَلَى مَا لم يَطَّلِعْ عَلَيهِ سَابقاً ، لا في المطَالَعَة ولا في
الحِفْظِ . قَالَ المزَنِيُّ – رحمه الله - :
قَرأتُ ( الرِّسَالةَ ) خمسَ مِائة مَرَّةٍ، مَا مِنْ مَرَّةٍ إلا
واسْتَفدتُ مِنْهَا فَائِدَةً جَديدَةً. وقَالَ أيضاً: أَنَا أَنْظُرُ
في ( الرِّسَالةِ ) من خمسينَ سَنَة ، مَا أعْلمُ أنِّي نَظَرتُ فِيهَا
مَرَّةً إلا استفدتُ مِنْهَا شَيئاً لم أكُنْ عَرَفْتُهُ ( 11 )
.
وكان التَّكرَارُ عندَهم إِمَّا بالعَدِّ وإمَّا بالزَّمَنِ ، وكُلُّ
طَريقةٍ لَهَا مَزِيَّةٌ .
قَال ابنُ الأثيرِ في المَثَلِ السَّائِرِ 1/46 : "
وكُنتُ جَرَّدتُ من الأَخْبَارِ النَّبَويَّةِ
كِتَابَاً يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلاثةِ آلافِ خَبرٍ كُلُّهَا تَدخُلُ في
الاسْتِعمَالِ، ومَا زِلتُ أُوَاظِبُ عَلَى مُطَالَعَتِهِ مُدَّةً
تَزيدُ عَلَى عَشْر سنين ، فَكنتُ أنهي مُطَالعتَه في كلِّ أسبوعٍ
مَرَّةً حَتَّى دَارَ على نَاظِري وخَاطِري ما يزيدُ على خمسِ مائةِ
مَرَّة ٍ، وصَارَ محفوظاً لا يَشُذُّ عَني منهُ شَيءٌ " .
وهذا الذي ذَكَره ابنُ الأثير : أنه لا يَشُذُّ عنه منه شيءٌ = هو
مَزِيةُ التَّكرَارِ وفَائِدَتُه ، فإنَّ الشّيءَ إذا أُعيدَ مَرَّاتٍ
كثيرةٍ صَارَ النِّسيانُ فيه قليلٌ ، والخَطأُ فيه نَادرٌ . وأنتَ تَرى
ذلك في شُؤُونِكَ كُلِّهَا ، فالطَّريقُ الذي تَسلُكُهُ في اليومِ
مَرَّاتٍ تجد أنَّك قد خَبَرتَه وعَرَفتَه ، بتَفَاصِيلِه ودَقَائِقِه
.
والتَّكرارُ – أيضاً - دَأبُ كثيرٍ من الفُضَلاءِ المعَاصِرينَ ، بل
هُوَ المعتَمَدُ في بَعضِ الأَقْطَارِ كَمَا هو مُشتهٌر عن
الشَّنَاقِطَةِ ، وَأَخبَارُهم في هذا تَطُولُ . ( 12 )
أيُّهَا المبَاركُ :
هذا الذي وَصَفتُـهُ لكَ هو الأصلَحُ لغَالبِ طَلَبةِ العلمِ
والمهتَمِّينَ به ، وأمَّا من رَزَقه الله ذَاكِرةً قَويَّةً مَتِينةً
بحيثُ يحفظُ سَريعاً ويَنْسى بَطِيئاً فَهَذا نَادِرٌ لا يُقَاسُ عَليه
، وقَليلٌ لا يُنَبَّه عَلَيه ، وأمَّا جُلُّ الناسِ فالتَّكرارُ لهم
هو : الأصلح . بَلْ قد يُقالُ : طُول تَرديد العلم وتكراره يَحتَاجُه
سَرِيعُ الحِفظِ أيضاً، وهذا ظَاهرُ صنيعِ حُفَّاظِ المسلمين ،
كالبُخَاري وغيره .
وتَكرارُ المحفوظِ يُعين على ضَبطِه وثَبَاته ، ويُعين – أيضاً – عِندَ
المراجعة ؛ لأنَّ الإنسانَ قد تَعتَرضُه الأَعمالُ فيبتعدُ عن
مَحفوظَاتِه ، فإنْ كانَ قد أَدامَ تكرارها في أوَّلِ حِفظهِ سَهُلَ
عليه استِرجَاعُها ، وقدْ رأيتُ من أصحَابِ الحفظِ السَّريعِ مَنْ
يُعاني في المرَاجَعةِ كالمعَانَاةِ في أوَّل الحفظ بل أشدُّ ، حتى
إنَّ بعضهم : يخيل إليه أنه مَا مرَّ على حافِظَته منه شيء .
فمن ترك التكرار زاهداً به ، معتقداً أنَّ الحفظَ السَّريعَ كَافٍ في
رُسُوخِ المحفُوظِ فَهَذَا يُسْرِعُ إليه النِّسيانُ ، وتصعُب عليه
المراجَعةُ ، ولو ظنَّ أوَّلَ أمْرِهِ أنَّه مُتقنٌ ، كَحَال العَجُوزِ
التي ذَكَرَ خَبَرَها ابنُ الجَوزِيِّ فَقَالَ : "
وحَكَى لنَا الحَسَنُ - يعني ابنَ أبي بَكر
النَّيسَابُوري- أنَّ فَقِيهاً أعَادَ الدَّرسَ في بَيتِهَ مِرَاراً
كثيرة ، فقالت لَهُ عَجُوزٌ في بيته : قد والله حفظتُه أنا ، فقال
: أَعِيدِيهِ فأعادته، فَلَمَّا كانَ بَعدَ أيَّامٍ ، قال : يا عجوزُ
أعيدي ذلك الدَّرسَ ، فقالت: ما أحفظُه ، قال : أَنَا أُكرِّر لئلا
يُصيبني مَا أَصَابَك " ( 13 ) .
وقد رَأينا من طُلابِ العِلمِ من يَقِفُ عن التَّعَلُمِ والطَّلَبِ
بعدَ طُولِ سَيرٍ ، فإذا سألتَه قال : لم أُحَصلْ شَيْئاً ، ولا يَبقَى
من حِفظي شيءٌ ؛ لأنَّه أَدمنَ الحِفْظَ السَّرِيعَ وأُولِعَ بِهِ ،
فَصَارَ كالمُنْبَتِّ ... ، وبعضُهم يَنسى العلمَ ، ويرجعُ شِبهَ
عَاميٍّ في سَنَةٍ إنْ هو شَغَلَتهُ الشَّوَاغِلُ عن حفظه وقراءته ؛
والعِلَّةُ : الحفظُ السريعُ .
وهَذا مما يُفَسِّرُ لك – أيُّهَا الموَفَّقُ – أمرين هَامَّين : أحدها
: انتشَارُ الثَّقَافةِ السَّطْحيةِ ، وغِيابُ العلمِ المؤَثَّلِ
الصَّميمِ ، فإنَّ السَيرَ عََلى التُؤَدةِ يَقطعُ الهِمَمَ ، ويُتعبُ
العَجُولَ ، والثَّاني : نُدرةُ العًالم الموسُوعي ، إذِ الطَّالبُ
يفني العمرَ في الفَنِّ والفَنَّينِ علَّه أنْ يستَبقِي حِفظَه ،
ويُلِمَّ بأطرَافه ، فإنْ رَامَ الغَوصَ والتَّعَدُدَ أتعَبَه بناءُه
الوَاهنُ وأسَاسُه المتَصَدِّعُ . وهذا هو الذي جعل سلَفَنَا – والله
أعلم – ينهَجُون هذا المسْلَك ، ويأخذون به .
والتَّكرارُ وإنْ كَانتْ تَصْحَبُه بَعضُ السَّآمةِ ويُلازِمُه
التَّرَيثُ ، فإنَّه أَبقَى في الذِّهنِ ، وأثبت في الحافظة . ولَئِنْ
أسرَعَ المرءُ في الحفظ ليَتَأخَّرنَّ في المراجعة ويتعبَ ، كما ثَبَتَ
ذلك في التجربة ،فإنَّ الحفظَ السَّريعَ يُوهمُ الإنسانَ بـ( كثْرةِ
التَّحصِيلِ ) وأنَّـه به يَخْتَصرُ العلمَ ، ويُدركُ بالزَّمنِ اليسير
، فإذا عَادَ الطَّالبُ إلى هَذا الحفظِ وَجَدَ أرْضَاً قاعاً ،
وبناءاً مُتَصَدِّعَاً . وفي المثل : رُبَّ عَجَلَةٍ تَهَبُ رَيْثَاً (
14 ) ، فإذا جمَعَ المرء بينَ التَرديدِ والتَّكرارِ وبين المراجعة
المستمرَّة - ولا بُدَّ- فهو المؤَمَّلُ والغَاية .
وقد كنتُ في أَوَّلِ طَلبي للعلم أجِدُ مَشَقةً في بَقَاءِ الحفظِ
ودَوَامِهِ مع حَافظَتي الجيِّدةِ ، فَلمَّا عرفتُ هذا المسلكَ ،
واقْتَعَدتُ هَذهِ الطَّريقةِ يَسَّرَ الله لي ما كنت إليه أصبو ، وفيه
آملُ ، ورأيتُ أنَّ البَونَ شَاسِعٌ، والشُّقةَ كبيرةٌ .
وقد جَرَّبَ التكرارَ عشراتُ الطُلاب في حِفظِهم للقُرآنِ ممن أعرفُهم
فوجدوا فيه الغَايَة ، واستغْنوا – بَعونِ الله- ثمَّ به عن كُلِّ
طَريقةٍ وكُلِّ ( دَوْرَة ) ...
وقد جَّربَه الفَقِيرُ إلى الله في القُرآنِ وفي المتُونِ
والمنْظُومَاتِ والقَصَائِدِ فلم أرَ قطُّ أَحسنَ منه ، ولا أشدَّ
تثبيتاً ... كيفَ لا ؟! وأنتَ تُعيدُ الوجهَ من القرآن ، أو الصَّفْحةَ
من العِلمَ مائةَ مَرَّةٍ ؟ أَفَتَرَى ذلك يَعدلُ من أَخذَهُ في
عُجَالَتِه ، وَنَقَشَهُ من سَاعَتِه ؟! .
فهَذِهِ – أيُّها القارئ – نصيحةُ أخٍ قد جرَّب الطريقةَ وحَلَبَ
شَطْرَهَا ( 15 ) ، فاشدُدْ عليها يَدَكَ ، واعزِم عَلَى الأخذِ بها
بقُوَّةٍ ، وإنْ أتعَبَك هذا الطريقُ فلا تنسَ أنَّهُ طَريقُ من
قَبْلَكَ ، وأنَّهُ ( لا يُستَطاعُ العلم
بَراحةِ الجسْمِ ) ، ومن لَزمَ الصَّبرَ أفلحَ ، وصَبرُ ساعةٍ
أدومُ للراحةِ .
وقَلَّ مَنْ جَدَّ في
أَمْرٍ يُطالِبُهُ ... فاستَصْحَبَ الصَّبْرَ إِلاَّ فاز بالظَّفَر (
16 )
اخلقْ بذي الصبرِ أن يحظى
بحاجته ... ومدمن القرعِ للأبوابِ أن يلجا
فالصبرُ مفتاحُ النجاحِ
ولم نجدْ ... صعباً بغيرِ الصبرِ يبلغُهُ الأملْ
والحمد لله في الأول
والآخر ، وصلى الله على النبي المصطفى وسلَّم
وكتبه :
ابن المهلهِل
-------------------------
(1) تهذيب التهذيب 1/58 .ط. المكتبة الشاملة ، وما يأتي أيضاً .
(2) تهذيب الكمال للمزي 1/424 .
(3) ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض 1/427 ، والديباج المذهب
في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون 1/ 137.
( 4 ) تاريخ دمشق 14/65 ، وسير اعلام النبلاء للذهبي 11/84 ، و4/342
(5) سير أعلام النبلاء 18/458 ، وطبقات الشافعية الكبرى 4/115 ، طبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة 1/38 .
( 6 ) المنتظم 5/170 ، ولسان الميزان 1/288 .
( 7 ) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي 2/82 .
( 8 ) البداية والنهاية 12/227 .
( 9 ) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي 9/201 ، وسير أعلام
النبلاء 19/416
( 10 ) تاريخ الجبرتي 2/150 .
( 11 ) تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/59 .
( 12 ) مقال : لماذا الشناقطة يحفظون ؟ لمحمود بن محمد المختار
الشنقيطي .
( 13 ) الحث على حفظ العلم صـ 44 ــ .
( 14 ) يضرب للرجل يشتد حرصه على الحاجة فيخرق فيها ويفارق التؤدة في
التماسها فتفوته وتسبقه ، وله قصة . انظر جمهرة الأمثال للعسكري 1/ 482
، ومجمع الأمثال للميداني 1/294 .
( 15 ) مأخوذ من المثل : حَلَبَ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ ، وهو مستعارٌ من
حَلَبَ أَشْطرُ الناقة وذلك إذا حلب خِلْفَين من أخلافها ثم يحلبها
الثانية خِلْفَيْن أيضاً . والمعنى : أنه اخْتَبَر الدهْرَ شطري خيره
وشره فعرف ما فيه . يضرب فيمن جَرَّبَ الدهر . جمهرة الأمثال للميداني
، رقم : 1033
( 16 ) اختلف في نسبة هذا البيت ، فنسبه ابنُ قتيبة مع أبيات أُخَر
لمحمد بن يسير ( الشعر والشعراء 1/194 ) وقد يقال : بشير ، ونسبه غير
واحد إلى علي بن أبي طالب كما في المحاسن والمساوئ 1/204 ، والتذكرة
الحمدونية 2/25 .
( 17 ) هو لمحمد بن يسير أيضاً كما في الشعر والشعراء 1/194 ، والأغاني
14/43 .