نعم ، وجهان للبابا شنودة وليغضب من يشاء.. فمن يحتل مثل هذا المنصب القيادى
الذى هو فى عرف الكنيسة و الأتباع و المعلومات العامة أنه يمثل " مندوب الله
على الأرض" ، فإن أول ما يجب أن يتصف به هو العدل . لأن العدل أساس لكل الأديان
و الأعراف . و تعامل البابا مع الأحداث العامة التى تمس كل المواطنين لا تمت
إلى العدل بصلة ، بل لا تمت إلى الحياد و الأمانة الموضوعية بأية صلة .
فعندما أسلمت وفاء قسطنطين ، اندلع غضب الكنيسة وحرّكت الشباب التابع لها
واندلعت المظاهرات و تم الإعتداء على رجال أمن الدولة و اعتكف البابا معلنا
غضبه و اعتصامه لكى تتم إعادتها، و اجبر رموز الدولة و الأزهر و سلطات امن
الدولة على إعادتها حفاظا على الوحدة الوطنية .. بل و أجبر المسلمون بذلك لا
على المهانة فحسب ، و انما اجبرهم على المساس بدينهم و الخروج عن تعاليمه ،
فالإسلام يحتّم على المسلمين حماية من يلجأ إليه ، وهذا نص قرآنى ، كان لزاما
على البابا أن يراعى تعاليمه و يراعى شعور المسلمين ، فوفاء قسطنطين ، و أيا
كان وضعها الإجتماعى ، فهى مجرد مواطنة ، مواطنة لها الحق فى الإختيار.
وحينما وقعت أحداث الإسكندرية ، لسبب أقل ما يوصف به أنه " غير أخلاقى و تعصب
أعمى" ، لأن الذى تم هو سبّ نبى الإسلام عليه الصلاة و السلام ، وتم سبّ
الإسلام و المسلمين. فكان أقل ما يجب عمله هو أن يعتذر البابا شنودة عن سوء
تصرف المؤسسة التابعة له و التى احتضنت هذه المهزلة و سمحت بعرضها بين جدرانها
– وهى جدران المفترض فيها أنها قاصرة على العبادة و ليس على إشعال الفتن . لكن
ما طالعناه فى الصحف ، بدلا من الإعتذار ، هو تصريح من أحد كبار القساوسة الذى
أعلن فيه : "ان البابا لا يمكن أن يعتذر لكى لا تعد سابقة بالنسبة للمسلمين
كلما وقعت حادثة يطالبونه بالاعتذار " !.
لا يا سيادة البابا ، ان هذا الموقف غير الأمين فى التعامل مع الأحداث يمس
الأمانة التى تمثلها ، ولا نرضى منك ولا نرضى لك أن تكون بوجهين فى التعامل مع
الأحداث العامة ، فقد أهنت الإسلام و المسلمين مرتين ، لا فى مصر وحدها و لكن
على مرأى و مسمع من العالم اجمع – الذى تناقلت كل دولة فيه الأحداث على هواها..
وبعد طول هذا الصمت المهين و الإصرار عليه ، لم يعد الإعتذار كافيا و انما
التنحى عن مثل هذا المنصب الذى يفترض فى من يتقلدة العدل و الأمانة الموضوعية.