يصعدُ المنصّة بعد غياب لايدري حتى (بانكيمون) سرَّه ،
ويبدأ بالضحكِ وسطَ جمع حاشد من التصفيق ، ودويّ دبابات في بانياس أفقدت
الأطفال حلاوة النوم ! ..
يتحدث سيادة الدكتور وبكلّ ثقة ، بلسانِ الرئيس الديمقراطيّ المتسامح
المخلص لشعبه : "تأكّدوا أننـا لن ننتقم منكم " !!
عفواً يابشّار ، أقصد .. ياجزّار ؟
هل جرّبتَ أن تفتح معاجم اللغة وتتعرّف على معنى الانتقـام ؟
أتفكّرُ أن تنتقمَ من صغيرة قتلتَ أبـاها وشردتها دونَ أهل ، ليرأف بها
رئيسُ وزراء تركيّـا ويجرّدها من وطن لم تعرف من أبجديّته سوى الدم ..
ليحتضنَهـا بحضنٍ غريب لارائحة لياسمين سوريّا بين يديه ، ويقبّل جبينها
مانحاً إيّاهـا شيئاً من كرامة ؟!
أم تريدُ أن تنتقمَ من عجوز أحرقتَ منزلها وجعلتها تنامُ على حصير الخيــام
؟
هل كسرَ (المندسّون) رقبة ابنك ، وأحرقوا جسده ، وقلّعوا أظافره .. وبتَّ
سهرانَ الليل تهدئ من روع والتده وتعدها بالانتقـام!!
أم أنَّ جماعات (المخرّبين) أقبعوكَ في سجن تدمر وأشبعوكَ إهانة وتعذيباً ،
فأخدتَ على نفسكَ عهداً بالانتقـام !! . .
ومن قال لك أنّ حق الانتقام هو من سلطتكَ المشروعة ، لتجعلَ نفسكَ شهماً
متسامحاً يتنازلُ عن هذا الحق وينالُ تصفيقاً وإعجاباً ؟
إنني أرى أنّ الانتقام هو حقّ الأسد أولاً ، الذي تلبّستَ وأباكَ وعصابتكَ
اسمه .. زوراً .. وبهتاناً !
مبعدونَ عن ترابِ الشّـام ، مشوا على أقدامهم نازحين ،
تركوا السنابلَ وحنان الأمهات ، فارّينَ من ظلمِ هدّم مدينتهم "حماة" قبل
عشرين عامِ ونيف .. أولئك من خرجوا لأجل الانتقـام ، وفقط الانتقام!
شابٌّ لايذكرُ في طفولته أباً ولا عماً ولا خالاً .. الأول مفقود ، والثاني
مسجون ، والثالث إما حيّ أو ميت ! إنه تربّى على الأخذ بالثـأر ، إنه من
سينتـقم ! ..
ابنة الشّهيد ماجد العكاري ، التي أبكت العالمَ لبكائها على قتلهم أباها ..
توعّدت أماَ كلّ شاشات التلفاز : (والله لآخد بتاره)
خنساءُ سوريّا أيضاً ،التي ضحّت بكلّ أولادها في سبيل حرّية تجهلُ أنتَ
معناها ،
تلكَ من ستقابلكَ يوم القيامة وأنتَ في شواظ من نار .. لتريكَ كيف يكون
الانتقـام !
ساعاتٌ معدودة تفصلكَ عن كرسيّ نسيت إيران أن تعلّمكَ كيف يكونُ الجلوس
"الصحيّ" عليه ..
مستمرّون ياجزار ، مستمرّون .. لانهبأ بخطاباتك ، ولا حُزمِ إصلاحاتك !