كالعقدِ المربوطِ حول عنُقِ الجروِ ، ممتدٍّ بسلسلةٍ حديديّة ، أينما
قادّهُ صاحبُها يتحرّك !
هكذا تماماً ، باتت ثقافةُ حُبّ الظهور ، والخوفِ من الأقاويل ، تنخرُ
عِظام مجتمعاتنا ، لنُصبِحَ ( هُم ) لا ( نحن ) ، و تلك الـ ( هُم ) هي في
الحقيقة ليست حقيقة ! لأنهم كذلكَ يخافوننا ( نحن ) الذين نخافُهم ( هم )
وتبقى الدّائرة تحومُ حول كوّرَةٍ لا مُتناهية ، وضعنا فيها الاستخدامُ
الخاطئ للمفاهيمِ الحديثة ، والتّعطيلُ للعقل ، والتغييبُ لحساباتِ النوايا
!
جميعُنا يستخدمُ شبكات التواصل الاجتماعيّ ، وتطبيقاته المختلفة ، التي
استعَضنا فيها عن التواصل الذي خُلقَت لأجله ، بالهمزِ واللّمزِ والادّعاء
!
هي تدري تماماً ، أنهُ لا طائلَ يُرجى من صبِّ كافّةِ عِشقِها أمام الناس
وأنَّ عيونَ الحاسدين ، وقلوبَ المكلومين ، ستُؤتي أكُلهُم وأكُلَها !
لكنّها تشعرُ بلذة الانتصار ، حينما تصبحُ مضربَ المثلِ بين مجالسِ
النّسوةِ حين الحديث عن الحبّ ، والله وحدهُ يعلَم إن كان هذا الحبًّ حبّاً
أم أنَّ المفاخرةَ تأخذ الحيّز الأكبرَ منهُ كشعور !
هو يعلمُ أيضاً ، أنَّ الأجهزةَ والأطعمةَ لا تمتلكُ في توصيفِ بياناتها
شرطاً بنشرها على الملأ ، لكنَّ حب التميّز أمام الناس .. أخذ منه مأخذه !
كتابٌ جديد ، ملابسُ فاخرة ، ذهابٌ إياب ،،
بتنا ودونَ أن نشعر ، نمتلكُ (فوبيا) قالوا وقلنا !
ونفرحُ لعددِ (اللايكات) أكثرَ من فرحنا للمناسبةِ نفسِها ، أو لصدقِنا مع
الكلامِ المُعجَبِ به !
ألذلكَ لم يظهر إلى اليوم ما يوازي العقّاد والرافعيّ ؟
أو ما يناكفُ ابن زيدون والأندلسيّ بأشعارهِم وصدقِ أوصافهِم ؟
ربّما لأنَّ أحدهم لم يكن يفكّرُ بسوى المحبوب حين يخطّ
ولو أنّهُ فكَّر بإدلاءِ ما يُعجبُ النّاس حتى القرون ما بعد العشرين ، لما
كان استطاع أن يخُطَّ صدقاً ، ولا أن يجعل دقّاتِ قلبِ القارئ تفيضُ هياماً
أو شوقاً أو حزناً ، وكأنَّ الكاتبَ حيٌّ في كلّ نفسٍ تقرأ ، إلى اليوم و
إلى مابعدَ اليوم ..
إلى حين انقضاءِ نحبِ الحروف التي لا تنتحبُ أبداً ..