لستُ من المُهتمّين بنشراتِ الأخبار الرياضيّة ، ولا أُتابعُ المبارياتِ
مهما كبُرَ منصِبُها أو مُسمّاها ، ليس إنقاصاً بشأنها و إنّما لا تستهويني
..
لكنَّ اندفاعَ النّاسِ و حماسَهُم ، جرّاءَ ترقّي (الجزائر) كدولةٍ عربيّةٍ
من بينِ كُلّ الدّول ، واستطاعتَها خوضَ مُباراةٍ حاسمةٍ على حدّ وصفِهم ،
انتظارُ الجميعِ لحظةَ النّتيجة ، تواصلُهم الحادّ على الشّبكةِ
العنكبوتيّة ، تضرّعُهم و الليالي رمضانيّة ، جعلني أقفُ مشدوهةً جدّاً
أنظرُ إلى حجمِ الفراغ ..
فراغٌ يسكنُ كُلَّ فردٍ عربيّ ، يستوطنُ فؤادهُ المملوءَ بأمجادِنا القديمة
، و ذكرياتِ أجدادِه الّتي طالما مرَّت على مسامعِه كقصصٍ بطوليّةٍ
أبطالُها حاكَهمُ الخيال ، ينتثرُ غبارُ أحصنتهِم على وجهِهِ فتحمرُّ مآقيه
، من شدّة انتباهِه لحكايا الجَدّ ، من شدّة ولهِه !
أملٌ بنصرٍ يُتوَّجُ بحروفٍ عربيّة ، وإن كانَ انتصاراً على ( كُرة ) !
مواساةٌ و تلاحمٌ ، أستشعرُ من براءةِ لفظِها دموعاً تهمسُ تقول : إنّني
مُتعطّشةُ لعروبةٍ تُحيزُ مركزاً ، تصنعُ تقدّماً ، تُسطِّرُ انتصار !
يتزامنُ كلُّ هذا ، مع فَورةِ الشّبابِ نحوَ التّغيير يطرِقونَ فيها كٌلَّ
الأساليب ، وكأنَّهم أقومٌ قد حُرِمَت الإفطارَ طيلةَ شهرِ الصّيام ،
وتُريدُ أخيراً أن تشعُر بجمالِ الفَطور ولو كانَ على بضْعِ رُطَب ..
إنّنا كذلكَ حقّاً ..
آمالُنا أكبرُ من أن يتّسعَها عالَمٌ تقودُهُ السّياساتُ اللا مفهومة ، و
البروتوكولاتُ الّتي لا مادّةَ بينَ موادِها تنصُّ على الفرَح !
نحلُم و تتكاثفُ آفاقُ أحلامنا ، لا يفهمُها جيلٌ عاشَ (حارةَ الضّبعِ)
وقاتَل ، ثُم جاءنا مُتهكّماً بشغفِنا لمعرفةِ إن كانَ (العقيدُ) قد انتصرَ
على الاستعمار حقّاً و كيفَ انتصَر !
أيّتُها المذيعةُ الفاضلة ، لا تُجرّدي نشرةَ الأخبارِ الخاصّة بالرّياضةِ
هذه اللّيلة ، من عواطفكِ و عواطفنا ، لا تحكُم أيُّها المُعلّقُ على
تحرُّكِ الكُرةِ بالنّظرِ إلى موضعِها في أرضِ الملعبِ المُخضرِّ فحسب ، بل
انظُر إلى تألُّق اللّون الأخضرِ هذا في عيونِ المشاهدين ، حدّد الفائزَ
حسْبَ دقّاتِ قلوبِهم الّتي شعرتُ بها -أنا لا هاويةُ المباريات- و لم
تشعُر بها أنت !
راقبوا انفعالاتِ الشّباب ، و اجمعوا طاقاتِ الرّغبةِ في الانتصارِ ولو
لمرّة
ثُمَّ نظِّموا بها دوائرَ السّير في بُلداننا ، وناظروها من بعيدٍ كيفَ
ستتحرّكُ جسوراً و أنفاقاً و (سنغافورة) و (يابانْ) .. في بضعِ ثوانْ !!