شاء الله أن نُغادرَ المنازل ، أن نبتعدَ عن الأهل و الأصدقاء ، أن
نعيشَ لا نملكُ البنَّ نُقدّمهُ إذا ما الجارُ أرادَ الزّيارة ..
يكتوينا الحزنُ .. يعصفُ في ليالينا الصيفيّةِ الخاليةِ من النّسيم
هل الفصولُ تتناوبُ عند السُّعداء فقط ؟ و وتُحيلُ الشّتاءَ مندوباً عنها
في بيوتِ الخاويةِ بطونهم ، تخيفهُم أصواتُ الرّياحِ اللاموجودة ، و ظلامُ
الدُّنيا في ليالٍ مُقمِرة ؟
لماذا تلتحفُنا الوداعاتُ كلّما قررنا المُضيّ مع الأحباب ؟
لماذا ترمينا المسافاتُ .. شرقاً و غرباً .. تفصلُنا الخيام ، كأشواكٍ
تُدمي الطّفل إذ همَّ بالرّكضِ بينَ مساحات الشّجر ، غير مدركٍ لوجودِ
الخطَر !
في تلكَ الأجواءِ الرّماديّةِ فاقدةِ الوِراد
يُطلُّ علينا لا يهتمُّ لقلّةِ المالِ أو سوءِ الحال !
يغمرُنا هلالُه بالنّور ، في الوقتِ الّذي لا نملكُ فيه أيَّ سراجٍ يُحيي
طقوسَ استقبالِه كما يُحييها الأغنياء ..
و هل الغِنى في امتلاكِ النّور أو الأسرجةِ أو الشّمع ؟
هل أصحابُ الثّريّاتِ الفارهة وحدَهم من يستمتعونَ بتناول الفَطورِ واختلاف
الأطعمة ؟
وحدَهُ ( رمضان ) من يجيبُ بـ ( لا )
و يأتينا ضيفاً وقوراً لا يهتمُّ بلباقةِ مظهرنا إذا ما استقبلناهُ من
أمامِ باب خيمتنا القُماشيّ بأخرقةٍ مُرقّعة
وحدَهُ ( رمضان ) كريمُ الخِصال ، يحملُ بين يديهِ مغفرةً و استجابة
يسمعُ قرقعةَ الأمعاءِ إذا ما احتكّت لا تجدُ غذاءً ، يسمعُ بكاء الأمّ إذا
ما ناجت الله عزّوجل ، تسألهُ الصّبرَ تسألهُ العطاءَ و الرضا ..
يُغني الجميعَ بلذّةٍ روحيّةٍ تُضاهي طعمَ اللحمِ يتناثرُ على موائدِ
القصور
يُساوي أبناءَ الأرضِ بفرحةِ العيد ..
بمسابقةِ الفوزِ بالغُفرانِ ، بالجنان ، ينالُها الأكثرُ إيماناً ، في زمنٍ
يُشترى فيه كل شيء .. إلا الإيمان
رمضان .. ضيفٌ كريم .. من ربٍّ كريم ..
كُن لأهلِ بلادي أمناً وسلاماً ، و ارتواءً بعد طولِ عطَش ..