|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة على رسول الله
نجمة أفلت وظل بريقها
عندما يخطف الموت منك حبيبا ، أو صديقا عزيزا ، ينفطر قلبك عليه ، ولاتملك
مشاعرك التي تطفو ، وتكاد تطيش ، حتى تملأ جنبات لبه وعقله حزنا وألماً
أحقاً هو ، خرج من الدنيا ، وتوسد القبر ، ولن تراه ثانية ،
شعور يعتري كل مخلوق على وجه الخليقة ، فما هناك من مخلوق الا سيذوق ألم
الفراق ، ويصاب في حبيب له قرب الأمر أو بعد ، وهو مصيبة ذكرها الله في
كتابه العزيز وهيهات أن تخلو الحياة منها ، فهي أقدار متوقعة ، قال تعالى :
( ..... فأصابتكم مصيبة الموت )
وأشد مافيه أنه ليس له موعد سابق ، ولا نذير مسبق ، والأعظم ألماً عندما
تخرج من الدنيا حبيبة لك في الله ، شغلتك الدنيا عنها ، وفجأة يأتيك خبر
وفاتها ، لم أرها منذ سنة تقريبا ، ولم أسمع صوتها منذ أشهر ، وهذا مازاد
ألمي حرقة ، وقلبي لذعة
لله درك يا نادية الهاشمي ، يا صاحبة الخلق الرفيع ، لقد كانت محسنة ،
هادئة الطباع ، مرهفة الإحساس ، ذات قلب أبيض صاف ، لا تحمل حقداً ، ولا
تنال منها العواصف الهوج ، لم أنسى رقتها ، وابتسامتها ، وحنانها المتدفق ،
عرفتها في قصة كانت تربطني بها ، قصة ألم ، كنت أتعلم منها الصبر ، وهي
تهدئ من روعي ، وتحثني على الدعاء ، والرضا ، فقد كانت لي نعم الصديقة
النقية .
فتحت بيتها قرابة 25 عاما لمدارسة كتاب الله ، والمواعظ ، والدروس ، ذلك
المنزل المبارك ، والجو الطهور الذي يشع مسكاً ، كم تخرج منه من الحفظة
مسنات ، وشابات ، وصغيرات ، كان هذا دأبها ، وجل حياتها
دار يشع منه النور تحفه الملائكة ، تجذبها الأصوات الندية ، والتلاوات
العذبة
دخلت إليه للعزاء ، بخطوات ثقيلة ، لاتكاد تحملني قدماي ، كانت تلاقيني
بالترحيب ، والأمل المشرق في وجهها الوضاء ، أحاول حبس دموعي ، وكتم مشاعري
سبحانك ربي لو كان بأيدينا لحورنا الأمور كما نشاء ، لكننا خلق من خلق الله
يدبرنا كيفما يشاء ، وتلك ابتلا آت الدنيا لامحيص عنها ، وجب علينا
ارتقابها في سكون ويقين ، ففي ذلك سلوى لنا ورضا ، فلا نتأوه ولا نتحسر
لنحتفظ بصفاء الحياة ، وماطبعت عليه من الكدر .
اللهم أجبرني فيها واجبر اهلها وأحبابها ، ومرتادي دارها ، دار التلاوة ،
وخذ بنواصينا وأفئدتنا إلى الصبر الجميل ، وارزقني الاجتماع بها على منابر
من نور
ففيها العوض بإذن الله فإني أشهدك على حبي لها
اللهم اجعل قبرها روضة من الجنان ، افسح لها فيه ، وأكرم نزلها ووسع مدخلها
وأجعل مسكنها الفردوس الأعلى .