|
( ولاتحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار )
آية 42 إبراهيم
إن آيات هذا الكتاب العظيم هي عزاء لنا عن كل بلاء يصيب هذه الأمة ... وأشدها
بلاءً كيد الأعداء ونذالتهم التي باتت تكيد للإسلام وأهله – زادهم الله نكالاً
وتدميراً -على مر القرون والأزمان 0أنباء موجعة تكتنفنا في الصباح والمساء ،
كيف تجرأ علينا البغاث والجراثيم ... لن تبرد لهم خصومة ، وكأنهم تقاسموا ألا
يهدأ لأمة الإسلام بال ، وألا ينتظم لها صف
...
ولكن ذلك ليس بمستغرب على أحفاد القردة والخنازير فإن بصماتهم الملوثة
ونكالاتهم بأمة الإسلام المتتالية لاتكاد تنقطع مزقهم الهوى كل ممزق ، ماذا
يريدون ؟
شر يكمن في نفوسهم ، إنه الكفر ...ظلمة منقطعة عن نور الله ...
لكن ... فليموتوا بغيظهم ... فالكبير والصغير ، الجاهل والعالم ... يحبك يارسول
الله ... ياحبيب الله ، نحبك وإن كنا مقصرين اتجاهك ، نحبك ونشتاق لرؤية وجهك
الوضاء ... نحبك ولن يثنونا عن حبك ، أنت الذي أخرجتنا من الظلمات إلى النور
بإذن ربك ... أنت من تحملت المشاق لتوصل إلينا رسالة ربك ...اكتنفتك الأحزان
والمتاعب منذ أن أُنزل عليك ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ) لم يشهد مثلك عابداً
سجاداً شاكراً ... رحيماً ،حليماً ، متسامحاً ، لم تكن طالب ثأر ، ولا ناشد
قصاص ، ما انتقمت لنفسك قط ، إنك رحمة مهداة قدت العباد إلى ربهم سجاياك تفوق
كل وصف .
مارأينا في دفتر المجد أسمى *** منك حباً برغم
كيد الوشاة
صغت للدهر قصة من نضال *** وفعـــــال أبية ذائعــــات
من ينفي عنك كيد الأعداء إلا خالقك ، إن فاطر
السماوات والأرض وفاطرك لن يتركهم سدى ، والله يعلم عاقبة أمرهم أما وعدك
سبحانه بقوله : ( إنا كفيناك المستهزئين ) ... يامن حولت أمماً من عبادة العباد
إلى عبادة رب العباد ،خلال ربع قرن تبدلت الأرض غير الأرض ، صلى الله عليك صلاة
وتسليماً دائمين إلى أن يقوم الناس لرب العالمين ...
إنا يا حبيب ، يا أغلى الرجال يامن حزت على المكارم وتفردت بالقيم ، يامن وصفك
ربك ( وإنك لعلى خلق عظيم ) إنا نشكو إلى الله حالنا وضعفنا وقلة حيلتنا ...
إنا لنستحي من الله مما جنته أيدينا ، فلقد بلغت ذنوبنا عنان السماء ، لقد تغير
حالنا بعدك ، أما بكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما سمع ( ...0 اليوم أكملت
لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ... ) المائدة 3
وعندما سأله الحبيب صلى الله عليه وسلم عن سبب بكائه قال رضي الله عنه : أبكاني
أنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذا كمل فإنه لم يكمل شئ إلا نقص فقال عليه
الصلاة والسلام : صدقت .
فما بالنا نحن ياأمير المؤمنين – لو رأيت أمة محمد وما وصلت إليه من الترف
والركون إلى الدنيا ، والتعلق بحطامها ، هبطنا من الأوج إلى القاع فُسلط علينا
الأعداء وأصبحنا لقمة سائغة لهم ، بل كرة يدحرجونها كما يريدون .
إن هذه الأمة وصية على البشرية طالما تمسكت بذلك النهج الإلهي ، ومتى تخلت
وحادت ردها الله عن مكان القيادة إلى مكان التابع في ذيل القافلة ، فمتى نعترف
بأغلاطنا ، متى نبكي على خطايانا .
ومع كل ذلك ، مهلاً فإن هذه الأمة ... أمة مصطفاة ...إنها الأمة التي رفعت علم
التوحيد ...وحطمت شموخ الأكاسرة والقياصرة إنا فداك يارسول الله ... كلنا نحبك
الملك والمملوك ، التقي والعاصي ، العربي والأعجمي ... ليرى الأعداء من هو محمد
صلى الله عليه وسلم ، ومن هي أمته ، يوم ينقلبون إلى الله ،( ... وسيعلم الذين
ظلموا أي منقلب ينقلبون ) 277 الشعراء
سيعلم الفجرة الكفرة من هو محمد الذي كاد الناس يقتتلون على شعرة من رأسه عندما
حلق رأسه يوم النحر ، لو سمع الأعداء أن منهم من كان يضع هذه الشعرة في الماء
إذا أراد أن يشرب رجاء بركته صلى الله عليه وسلم .
كان الصبيان يأتونه صلى الله عليه وسلم فيضع كفه المبارك في إناء الماء واللبن
فيجدون فيه البركة والشفاء بإذن الله ، إن مناقبه لاتنقضي ولا تتسع لها السجلات
... إن فضائله جعلته شمساً لايلحقها أفــــول .
أنت الإمام الذي نرجو شفاعته * * وأنت قـــدوتنا
في حالك الظلم
مهلاً يا أعداء الدين ، يا أعداء رسول الله غداً
اليوم الموعود يوم لاريب فيه ستطيش فيه عقولكم ، وسيتبين لكم الحق ، سترون صاحب
الشفاعة العظمى ، والحوض المورود ، والمقام المحمود .
إن نصرته صلى الله عليه وسلم ، بامتلاء القلب بتوقيره ، والسمع والطاعة ،
والسير على نهجه القويم .
اللهم إني أمة ضعيفة ، وخلق من خلقك ، أتوسل إليك أن تجعل كلماتي هذه حجة لي
لاحجة علىّ ، أتوسل إليك باسمك الأعظم الا تجعل محمداً صلى الله عليه وسلم
خصيمي يوم القيامة ، اللهم اجزه خير ماجزيت نبياً عن أمته ، اللهم أوردنا حوضه
، وأرزقنا شفاعته ... اللهم عاملنا بما هو أنت أهل له ، ولاتعاملنا بما هو نحن
أهل له ،إنك أهل التقوى وأهل المغفرة .