|
المجادلة بالباطل تستعين على باطلها برفع صوتها ، ودموع عينيها ، وباستشهاد
شهداء الزور أمثالها من قريباتها كابنتها أو والدتها أو أختها أو صديقتها ..
تجادل وتصرخ وتحرك جسدها ويديها بحركات توحي بصدقها ، يروعكِ جحوظ عينيها
وعروقها الدقيقة ، تسمعين ضربات قلبها ، وترين جريان الدماء في وجهها !
والحجج تلو الحجج من الكذب وتنميق الحديث وتزويره حتى يرق قلبك لها وتجزمين
بصدقها ، ولا تملكين إلا أن تبادري بالاعتذار وتقبيل رأسها ..!!
هي تعلم في قرارة نفسها أن ماتدعيه كذباً ، وأنها مخطئة ولكن هيهات أن تعترف
بخطئها فهذا بعيد .. بل لابد من اللف والدوران والمراوغة..
لأنها ليست من أصحاب النفوس الفاضلة ، فالاعتذار وتصحيح الأخطاء في شرق وهي في
غربها ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الكبر بطر الحق وغمط الناس))
بطر الحق : دفعه وإنكاره ترفعاً وتجبراً ، غمط الناس : احتقارهم.
الباعث لتصرفاتها:
الترفع والكبر ، والتهجم على الآخرين لإظهار نقصهم .
والكبرياء من صفات الربوبية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يقول الله
سبحانه : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري . من نازعني واحداً منهما ألقيته في
جهنم ))
إنها شخصية متعبة مزعجة لاتكادين تأخذين حقك منها ، ولا تكادين تعلمينها الأفضل
لتعدل عن غيها ، ولاتكاد الحقائق تظهر لأصحابها
فهي تجعل المصيب مخطئ والمظلوم ظالم ..!!
لأنها تملك من سحر البيان ماتسحرك به وتخدعك ، وياليتها سخرت هذه الملكة في
خدمة دينها ورد الحقوق لأهلها لكان أعظم لها أجراً..
قال الشاعر :
له ألف وجه بعدما ضاع وجهه ... فلم تدر فيها أي وجه تصدق
إن الجدال المذموم هو الذي يؤيد الباطل أو يوصل إليه ، وقد يكون الجدال
محموداً إذا تعلق بإظهار الحق ،
قال الله تعالى (( وجادلهم بالتي هي أحسن ))
خصومات بالجملة !!
من الطبيعي أن تكون المرأة المجادلة بالباطل كثيرة الخصومة مع الناس ،
لاسيما الأقارب فلهم الحظ الأوفر ،
وكذا الأشخاص المتواجدون في مكان دراستها أو سكنها أو عملها ، ندعو لهم من
قلوبنا..
وقد قيل :
أنزه نفسي عن مساواة سفلة .... ومن ذا يعض الكلب إن عضه الكلب
بعض النساء تفتخر بأنها لاتغلب في الخصومة فصوتها عالي ، ولسانها سليط ،
وهناك من تفتخر بأن لديها بنت أو أخت أو أم
من هذه النوعية لتستعين بها عند الحاجة..
وهذه مصيبة!! لماذا ..؟؟
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم
)رواه البخاري
الألد : هو الشديد اللدد كثير الخصومة.
الخصم : الذي يخصم أقرانه ويحاجهم بالباطل ولايقبل الحق.
وأن تكوني بغيضة الى الله هذا شيء لايفتخر به..!!
إنه مصير مؤلم..ألا يروعك ذلك..؟؟
المشكلات التي تواجهها:
المجادلة بالباطل لاتعيش حياة مستقرة هانئة ، لأنها قد لفت نفسها بشبكة
كبيرة تحاصرها من كل جهة ،
فهي تتخبط وسطها لتواجه الأسماك المفترسة ، وأمواج البحر العاتية متمثلة في
عدة أمور ذكرها د.محمد الصغير :
1- كثرة الخلافات والمشادات الكلامية مع الآخرين وبغضهم لها حتى أقرب الناس
إليها ( الوالدين ، الإخوة والأخوات ، الزوج ، الأولاد ، الأقارب..)
2- الاعتداء على حقوق الناس قولاً وفعلاً وظلمهم ومايترتب عليه من ذنوب
وآثام.
3- مشكلات صحية ونفسية ( ارتفاع ضغط الدم ، داء السكري ، القلق ، الاكتئاب)
4- ليس هناك أذهب للدين ، ولا أنقص للمروءة ولا أشغل للقلب من الخصومة.
أخيتي :
الجدال يهيج العداوة بين الناس ، ويغري بالتمادي في الباطل ، ويجعل صاحبه
منبوذاً يحذر منه الناس ويتحاشونه ،
وهو يحرم صاحبه من الوصول للحق لأن مبعثه الكبر وعلاجه ترك الكبر ...
حافظي على حسناتك لتجديها يوم القيامة فلا توزعيها على من تخاصمت معهم
وآذيتهم ، ورفعت صوتك عليهم ، وجرحت مشاعرهم ، عليك بالرفق فأنت مؤمنة ،
وفي نفس الوقت أنثى رقيقة ، رفيقة بأخواتها المسلمات ، مالك وللناس يوم
القيامة يخاصمونك عند الله ويقتصون منك..؟ كوني خفيفة من حقوق الناس
، ثقيلة بالحسنات وامضي إلى الجنة سريعة.
قال الشاعر :
وأصفح عن سباب الناس حلماً... وشر الناس من يهوى السبابا
وأُبشر كل مؤمنة تركت الجدل وسمت بأخلاقها بقول نبينا صلى الله عليه وسلم
:
(( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً ، وببيت في
وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن
خلقه )) قال النووي:حديث صحيح