بسم الله الرحمن الرحيم
بعض الوقفات النيرة من كتاب (
الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات ) للعلامة العثيمين _ رحمه الله تعالى _
= على الداعية أن يكون على بصيرة في كيفية الدعوة ، وهذه يفقدها بعض
الدعاة ، تجد عنده من الغيرة والحماس والاندفاع شيئا كثيرا لا يستطيع معه
أن يمنع نفسه مما يريد أن ينفذه ، فيدعو إلى الله بغير حكمة ، فتجد هذا
الداعية الطيب الذي ملأ الله قلبه غيرة على دينه ، لا يملك نفسه فيجد
المنكر فيهجم عليه هجوم الطير على اللحم ، ولا يفكر في العواقب الناتجة عن
ذلك ، لا بالنسبة له وحده ، ولكن بالنسبة له ولنظرائه من الدعاة إلى الحق !
، لأننا نعلم أن للحق أعداء ، لذا يجب على الداعية قبل أن يتحرك أن ينظر
إلى النتائج ويقيس الأمور ، فقد يكون في تلك الساعة ما يطفئ لهيب غيرته
فيما صنع ، لكن بالتأني والحكمة سيخمد هذا الفعل نار غيرته وغيرة غيره في
المستقبل وقد يكون في المستقبل القريب دون البعيد ، لذا أحث إخواني الدعاة
على استعمال الحكمة والتأني .
= من شاهد حكمة الله عزوجل في التدرج في التشريع علم أن الناس لا
يمكن أن يؤخذوا بين عشية وضحاها ، وينقلوا مما هم عليه من المخالفة إلى
الموافقة ، فإذا علم الإنسان هذا تمكن بما هداه الله تعالى من العلم أن
يرشد الناس إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة والصبر والتأني ، وألا يريد
من الناس أن يستقيموا في يوم واحد ، ومن أراد من الناس أن يستقيموا في يوم
واحد فقد طعن في حكمة الله وخالف شرعه ، فالواجب أن يقدر الأمور ولا يقيس
الناس بنفسه حتى يمكنه أن يصلح ما فسد من عباد الله .
= أقول للداعي إلى الله اصبر واحتسب الأجر ، واعلم أن كل أذى ينالك
من أجل دعوتك إلى الله فإنك تؤجر عليه .
= إذا كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب
العالم أكبر وأكبر ، لأن اغتياب العالم لا يقتصر ضرره على العالم ، بل عليه
وعلى ما يحمله من العلم الشرعي ، والناس إذا زهدوا في العالم أو سقط من
أعينهم تسقط كلمته أيضا من أعينهم ، وإذا كان يقول الحق ويهدي إليه ، فإن
غيبة هذا الرجل لهذا العالم تكون حائلا بين الناس وبين علمه الشرعي ، وهذا
خطره كبير وعظيم !.
= يتبين لنا من حديث (من رأى منكم منكرا) أن الرسول صلى الله عليه
وسلم أراد منا ألا نتعجل في الحكم على شخص ما في المنكر حتى نراه ،
والمقصود بالرؤية هي الرؤية البصرية أو العلمية بأن يخبره من يثق به .
= لدينا أمران :
١_ فعل المنكر .
٢_ أثر المنكر .
فإذا وجدت أحدا يعمل المنكر فإنك تنكر عليه حتى يدع هذا المنكر ، وإذا لم
يفعل فإنك لا تجلس معه ؛ لأن من الإنكار بالقلب أن لا تجلس معه فإن جلست
كنت شريكا له في الإثم ، أما إذا وجدت أناسا قد فعلوا المنكر وانتهوا وبقي
أثر المنكر عليهم فيجوز الجلوس معهم ؛ لأن هذا الذي تشاهده هو أثر المنكر ،
ففرق بين أثر المنكر وبين التلبس بالمنكر ، فلا تجلس مع الذين يحلقون لحاهم
حال الحلق ، أما بعد الحلق فنجلسهم معهم ، لكن لا ندع فرصة إذا أمكن أن
نناصحهم ؛ لأننا رأينا عليهم أثر المعصية ، فننصحهم لأن هذا أمر بالمعروف
ونهي عن المنكر .