رفعتُ سماعة الهاتف و إذا بسائل أثقلته هموم الدنيا ! لم يكتفِ بالهاتف لنقل
مشكلته بل طلب موعداً و ليكن على عجل فأمري لا يحتمل التأخير و لا التأجيل !
قال محدثي :
و حين أمسى الليل و أضاءتْ أنوار المدينة إيذاناً بغروب الشمس و حلول الظلام ..
فإذا الرجل قادم يتلهف إلى جلسة طويلة لبحث و بسط مشكلة أرقتْ مضجعه كما قال !!
استرسل في الحديث و مراجعة سنوات طويلة من عمره !
تزوجتُ منذ خمسة عشر عاماً من امرأة مستقيمة ولله الحمد و لكنها من بيت غير ذلك
، و أردتُ بزواجي إخراجها من الظلمات إلى النور و أن تقر عينها بالطاعة .. و
كان لها و لله الحمد .
و لعل الله عز و جل أكرمني بحسن النية فأصبحتْ سعادةً لي و نوراً لمنزلي ، و
كانت تزور أهلها بين الحين و الآخر في جفوة ظاهرة بيننا ، مع أنهم يقدرون حضوري
و يهشون لمقدمي كزوج لابنتهم !
و لما كبر أبنائي بدأت المشكلة ..
و هي التي أتيتُ إليك أبحث لها عن حل !!
هل أذهب بأبنائي إليهم أم لا ؟؟
إنهم يجدون خلاف ما أقول أنا و والدتهم !! هناك عكس لجميع المفاهيم و خلط للقيم
. و أحياناً بذاءة في الرد و في شحن الأبناء ضدنا بكلمات قد لا يُلقي لها بالاً
!!
و عندما رأيتُ خطورة الأمر قطعتُ صلة الرحم و قررتُ عدم زيارة أبنائي لأخوالهم
و جدهم و جدتهم !!
نعم إلى هذا الحد ساءتْ الأمور .
قال محدثي :
و عندما أتم حديثه سألته .. منذ متى و أنت متزوج من هذه الفتاة ؟؟
قال : منذ خمسة عشر عاماً !
فسألته : أين مجال الدعوة إلى الله طوال هذه السنوات الطوال خاصةً أنك إنسان
يُقبل منك و يُسمع لك إرضاءً لأختهم و محافظةً على بقائها
سنوات طويلة شب فيها الصغير حتى أصبح رجلاً و أنت لم توجهه إلى الخير و تدله
عليه !
أخشى أن ما أصابك اليوم هو من شؤم الذنب !
قال الرجل : و أي ذنب جنيتُ ؟؟
قال : تقصيرك في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر طوال هذه السنوات المتتالية
!
مرات عديدة تزور و لا تنصح ، و مرات كثير تأتي خالي اليدين من هدية ! و مناسبات
متعددة لم تستثمرها إلا لبطنك ! و فرصاً متوالية أضعتها ببلادة حسك !
و إن كان العلاج فيما مضى سهلاً و ميسوراً فقد أصبح اليوم أشد صعوبة و أكثر
تعقيداً ..
لكن مع ذلك التأخر و التأخير لا تيأس و لا تتردد !
و حري بمثلك أن يدعو هذا البيت منذ أول يوم قدم إليه .
هناك دعاة بدلوا مسار أمم كاملة ، و هناك دعاة غيروا مجرى التاريخ ، و اليوم
كثير من المدرسين و المدرسات نفع الله بهم قرى كاملة و مدارس مختلفة ، و أنت
تعجز عن إصلاح بيت !
و المصيبة أنك لم تبدأ بدعوتهم حتى اللحظة !
و هذا صلب المشكلة التي أرقت مضجعك .
كتبه ..
الشيخ عبد الملك بن محمد القاسم
في مقالة بعنوان ..
" فيهم فجاهد "
في مجلة الأسرة العدد 116 ذو القعدة 1423 هـ