|
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه
اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد وصحبه وآلـه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
[ جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر رضي الله عنه ، فقالا: يا
خليفة رسول الله إن عندنا أرضاً سبخة ليس فيها نخلٌ ولا منفعة ، فإن رأيت أن
تقطعناها لعلنا نحرثها ونزرعها ولعل الله ينفع بها بعد اليوم . فأقطعهما إياها
، وكتب لهما كتاباً وأشهد في ذلك عمر ، وعمر ليس في القوم ، فانطلقا إلى عمر
ليشهداه ، فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما ثم تفل فيه فمحاه ، فتذمرا
وقالا مقالة سيئة .
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألّفكما والإسلام يومئذ ذليل ،
وإن الله عز وجل قد أعز الإسلام ، فاذهبا فاجهدا جهدكما ، لا أرعى الله عليكما
إن أرعيتما .
قال: فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا : والله ما ندري أنت الخليفة أم
عمر؟
فقال: عمر غير أن الطاعة لي . [ وفي رواية بل هو لو كان شاء]
قال: فجاء عمر مغضباً حتى وقف على أبي بكر فقال: أخبرني عن هذه الأرض التي
أقطعتها هذين الرجلين أرض لك خاصة أم هي بين المسلمين عامة؟
قال: فما حملك على أن تخص هذين بها دون جماعة المسلمين؟
قال: استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا علي بذلك.
قال: فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك أكل المسلمين أوسعت مشورة ورضىً؟
قال: فقال أبو بكر: قد كنت قلت لك إنك أقوى على هذا الأمر مني ولكنك غلبتني ] *
من أيهما أعجب .. من حلم الصديق وتواضعه [الجمّ]
أم من قوة الفاروق في الحق وأن لم يخشى في الله لومة لائم !
هذا حال خليفة مع رعاياه .. فـَ هلّ لنا بخليفة نُجمع تحت رايته ..
[ قيل عن التواضع] :
* التواضع : مجاهدة النفس في وضعها وسقوطها فهي تريد الرفعة وأنت تريد السقوط /
ابن عجيبة إيقاظ الهمم شرح متن الحكم .
* قال ذو النون المصري : من أراد التواضع فليوجه نفسه إلى عظمة الله فإنها تذوب
وتصغر ومن نظر إلى سلطان الله تعالى ذهب عنه سلطان نفسه لأن النفوس كلها محقورة
عند هيبته / المرجع السابق .
* سئل الجنيد عن التواضع ؛ فقال: خفض الجناح للخلق ؛ ولين الجانب لهم. الرسالة
القشيرية .
* سُئِل الفضيل : ما التواضع ؟ قال: أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي
قبلته منه، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته منه. حلية الأولياء .
* سُئِل يوسف بن أسباط: ما غاية التواضع؟ قال: أن تخرج من بيتك فلا تلقى أحداً
إلا رأيت أنه خير منك ! حلية الأولياء .
* قال الشوكاني : أما التواضع فهو أن لا يرى لنفسه حقاً.
* عن عمرو بن قيس ، قال: ثلاث من رؤوس التواضع:
- أن تبدأ بالسلام على من لقيت ،
- وأن ترضى بالمجلس الدون من الشرف ،
- وأن لا تحب الرياء والسمعة والمدحة في عمل الله . حلية الأولياء .
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلَامٌ عَلَى
الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وإلى اللقاء مع موقف آخر مُذّهِل إن شاء الله تعالى .
--------------------------
• تاريخ البخاري وكذا البيهقي وابن عساكر وبن أبي شيبة والسيوطي وصاحب تاريخ
دمشق .