بسم الله الرحمن الرحيم
[ أولاً : يقول الله
تعالى :
( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا
مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا
بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ
قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
) البقرة : ١٢٥ - ١٢٦ .
ثانياً : ظلت المملكة العربية السعودية
تقوم برعاية الحرمين الشريفين و تهيئتهما لراحة الحجاج و المعتمرين و
الزائرين ، كما جعلت أمنهم و سلامتهم و صحتهم في أعلى سلم أولوياتها ،
و من أجل ذلك أنشأت المستشفيات و المراكز الصحية الثابتة و المتنقلة و ذلك
بأعلى درجات الجودة و قمة الكفاءات الطبية و الصحية و الخدمية ، مما وَفَّر
مناخاً و بيئة عظيمة و راحة تامة أقبل معها الحجاج على عبادة الله عز و جل
في سهولة و يسر و أمن و أمان ؛ كل ذلك قياما بواجبات الولاية على الحرمين
الشريفين .
ثالثاً : خبرة المملكة في إدارة الحشود :
تمتلك المملكة خبرة عظيمة في كيفية إدارة الحشود و التعامل معها لا توجد
لدى أية دولة في العالم ، و تخضع هذه الخبرات للمراجعة المستمرة و البحوث
من الخبراء في مختلف التخصصات الأمنية و الصحية و الهندسية و غيرها .
رابعاً : لكل ما تقدم و غيره فإن قرار
المملكة بتعليق تأشيرات العمرة و غيرها - مؤقتاً - اعتباراً و احترازاً مما
يجري في العالم من بلاء عظيم بانتشار هذا الوباء المسمى - فيروس كورونا
الجديد - و وفق ما قال به الخبراء في المملكة و في العالم ؛ و
تحسباً و استباقاً لخطر انتشاره من الدول التي تعاني منه إلى بلاد الحرمين
؛
فإنني أعتقد أن هذا القرار قرار صائب موفق بإذن الله عز و جل ، و أنه
احتراز معتبر يتفق مع نهج المملكة العربية السعودية في اتخاذ أقصى درجات
الحيطة و الحذر وفق ما تُمْلِيه الدراسات و التوصيات من الجهات الطبية
المختصة داخل المملكة و خارجها من منظمات عالمية و دولية تتابع تطور انتشار
هذا المرض ، و قبل ذلك كله اتباعا للشرع الحنيف .
خامساً : إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح و
تكميلها ، و تعطيل المفاسد و تقليلها بحسب الإمكان ، و تقديم أعلى
المصلحتين بتفويت أدناهما ، و احتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما .
و قد جاء في الشريعة الإسلامية التوجيه بالحجر الصحي درءاً و اجتناباً
لمخاطر الأمراض كما في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه و سلم قال :
( إذا سَمِعتُم بالطَّاعونِ بأرضٍ فلا تدخُلُوها ، و إذا وقَعَ بأرضٍ و
أنتُم بِها فلا تَخرُجوا مِنها ) عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما .
سادساً : جاءت الشريعة بأحكام الإحصار بسبب
مانع من عدو أو مرض ، و هو تعامل مع النسك بعد الدخول فيه و إنشائه
ثم تعذر إتمامه كما أمر الله تعالى :
( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ
يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ ) البقرة : ١٩٦ ، فَيُشْرَع التحلل بعد ذبح
الهدى بسبب هذا المانع ،
و اليوم احتيج إلى تعليق التأشيرة للعمرة قبل الدخول في النسك لنازلة نزلت
بالناس و هو أخف من الخروج من النسك بعد الدخول فيه ؛ لِعِلَّة الخوف من
المرض .
سابعاً : جاء القرار مبيناً على أن الأمر
مؤقت و أنه يخضع للمتابعة باستمرار ؛ و هو بذلك يتيح للجهات المختصة
في المملكة و غيرها الفرصة لإحكام التدابير و الإجراءات اللازمة لسلامة و
صحة قاصدي الحرمين الشريفين و المواطنين و المقيمين .
و لكل ما تقدم فإننا نرى أهمية هذه القرارات في هذا الوقت و الظرف الدقيق
راجين نفعها بإذن الله تعالى .
ثامناً : نرجو الله و ندعوه بأسمائه الحسنى و
صفاته العلى أن يرفع البلاء و الوباء عن عباده في كل مكان ، و أن يحفظ
المسلمين و بلادهم و بلاد الحرمين خاصة و هي تحتضن الحرمين الشريفين
محج المسلمين و مزارهم .
كما نُذَكِّر بأن هذا ابتلاء يستوجب التوبة و الرجوع إلى الله تعالى و
دعاءه سبحانه و تعالى ، و ثقتنا فيه تعالى أنه سيرفع هذا البلاء .
و الله ولي التوفيق ] .
الخميس : ٣ رجب ١٤٤١ھ
٢٧ فبراير ٢٠٢٠م - الخرطوم