|
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله .. و بعد :
فإن لكل أمر آفاته التي تأخره أو تعطله عن إكمال مسيرته ، و للدعوة آفات و
آفات ، ساهمت بسبب وقوع بعض الدعاة فيها بتأخر الدعوة و تعطلها في مناطق عدة
و معدة !
أذكر منها لا كلها .. فأقول :
الآفة الأولى : عنصرية الحدود الوهمية
!
و هذه أكبر آفة تنخر في جسد الدعوة و
للأسف ..
بلي فيها مجموعة كبيرة من دعاة هذا الزمان ، من حيث لا يشعرون ، بل بعضهم
يشعر ، و يبرر لنفسه مثل هذا العمل !
جلست ذات مرة مع أحد من يعتبر رأساً في الدعوة في حيهم ، قلت له فلان من
البلاد الفلانية لماذا لا يدخل مع الشباب للحلقة ، و يدعى إلى الله بدل أن
تتلقفه ذئاب البشر ، و ملاعب الدشير !
فقال لي : ما عندي وقت أصرف جهدي على واحد يغادر البلد بعد كم سنة !!!!!!!!
لا أخفيكم صعقني الجواب ، و تمنيت لو سكت ، أثناءها استرجعت بعضاً من سيرة
النبي صلى الله عليه و سلم و الذي كان يدعو جميع القبائل من شتى البقاع ،
فتلك من أرض نجد ، و هذه من أرض اليمن و كان قد سافر إلى الطائف لدعوة أهلها
، و لم يقل أدع قومي فقط !
كان يراسل الملوك و يدعوهم إلى الإسلام ، و لم يقل هؤلاء ليسوا من قومنا .
أسلم سلمان الفارسي ، فقبله النبي صلى الله عليه و سلم ، بل قال فيه كلمته
المشهورة [ سلمان منا آل البيت ] مع أنه ( فارسي ) !!
أفلا تكون هذه آفة من آفات الدعوة ؟!
الآفة الثانية : الطبقية !
جلست مع شخص آخر يعتبر رأساً من رؤوس
الدعوة و التربية في المنطقة ، سألته عن ( فلان ) لما لا تدعونه للدخول في
برامج جماعتكم ، خاصة و أنه فيه خير و يود الدخول معكم ، فتهرب في البداية ،
ثم أبى لسانه إلا أن يخرج ما في داخله و قال :
و الله هذا فقير و حنا بحاجه لـ( المطخطخين ) علشان نسيّر أمورنا !
لم أستطع أن أتصور هذا الجواب القاسي ، كيف لا يكون للفقير حق في الدعوة و
الدخول مع الصالحين ؟!!
أليس النبي صلى الله عليه و سلم قد دعا ( الحر ) و ( العبد ) و ( الغني ) و (
الفقير ) ؟!
بل أن النبي صلى الله عليه و سلم قد عاتبه رب العالمين من فوق سبع سماوات لما
عبس في وجه ابن أم مكتوم أثناء دعوته لـ( صناديد قريش ) !! فعاتبه الله
سبحانه و تعالى من فوق سبع سموات : { عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ
الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ
فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى }
ثم قال عز وجل :
{أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ
يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ
عَنْهُ تَلَهَّى}
و الله لقد رأيتها بعيني لا يقال لي !
كان ذلك الرجل يحرص على فتى أشغله ملعب حيهم عن حضور برامجهم ، فكان كثير
الغياب و التهرب ، و مع ذلك كان ( له تصدى ) و ذلك الفقير كان حريصاً أشد
الحرص على الدخول في برامجهم فكان ( عنه تلهى ) !!
الآفة الثالثة : غبش في تحديد
الأولويات .
و هذه آفة تنخر في جسد الدعوة أيضاً
..
فقد أصيب بعض الدعاة بعدم قدرته على تحديد الأولويات التي يجب أن يبدأ بها !
فأقام برنامجاً دعوياً في حي بعيد ، و حيهم من أحوج الأحياء إلى تلك البرامج
!
و أراد أن يحفظ طلاب مسجده " صحيح البخاري" و لم يحفظوا القرآن بعد ! فضاعت
أوقاتهم فلا هم الذين حفظوا القرآن ، و لا هم الذين ضبطوا السنة !
و لنا في سيرة النبي صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة فإنه لما قدم المدينة ،
آخا بين < المهاجرين > و < الأنصار> ثم عقد صلحاً مع العدو الداخلي < اليهود
> ثم أنتقل لمحاربة العدو الخارجي < قريش > فلما أمنهم بعد صلح الحديبية ،
بدأ بمراسلة الملوك ..
أفلا يقتدي دعاتنا بنبي الله محمد صلى الله عليه و سلم في تحديد الأولويات ؟!
الآفة الرابعة : إهمال ذوي القدرات
المحدودة !
القدرات تتفاوت ، فمنهم من رزق قدرات
هائلة ، و إمكانيات جبارة ، إما بـذكاء أو طلب علم أو نشاط في دعوة أو غير
ذلك .
و منهم نم قد قدر الله عليه أن لا يظهر عليه ما يميزه عن غيره ، بل قد يظهر
ما يجعله أقل من غيره بكثير .
فتجد بعض الدعاة قد صرف جل طاقته ، و قوته لذلك الرجل صاحب القدرات ، و أهمل
الآخر ، بل جعله من سقط المتاع فلا تجد له برنامجاً منفرداً لتثقيفه ، و
الارتقاء به في سلم " العلم " و " الدعوة " !!
أما من سبقه فله ( الدروس ) و ( ال