ما واجبنا لو أغلقت المساجد ؟ هل تموت الدعوة ؟ |
رضا أحمد صمدي |
فقد تظاهر أعداء الدين في هذه الآونة على
بيوت الله ، هدما ، وإغلاقا ، وتوقيفا ، وتعطيلا ، وهم وإن تباينت أهدافهم
الظاهرة ، إلا أن مراميهم الباطنة هي بغض الله والرسول صلى الله عليه وسلم ،
وبغض الدين الذي لو مُكن له في الأرض لزالت سيادتهم ، ودالت دولتهم . أولا :
قد تقرر في أحكام الشريعة الغراء أن العبد لا يكلف إلا ما يستطيع ، وأن ما كان
داخلا في استطاعة العبد عرفا فهو داخل في إمكانية تكليف الله إياه شرعا . وعليه
فإن الشئون الدعوية غير مستثناة من هذا الأصل الأصيل ، ويجب استحضار هذا المعنى
في كل ما نأتيه ونذره ، حتى لا نتكلف أمورا هي خارج استطاعتنا ، وبالتالي نقع
في محاذير شرعية نحن في غنى عنها . ثانيا : متى ما أمكن إقامة أي عمل دعوي في المسجد بدون أضرار لزم التشبث بموقع المسجد باعتباره المكان الطبيعي للعمل الدعوي ، ولا نخرج عن هذا الأصل إلى بعد أن نستنفد كل السبل في الحفاظ على مواقعنا في المساجد . ثالثا : متى ما حيل بيننا وبين العمل لدين الله من خلال المسجد ، فإننا يجب ألا نتوقف عن العمل والدعوة بكل السبل المتاحة ، فنستعيض عن المسجد بكل الساحات الممكنة التي يسمح بها قانون الدولة التي نكون فيها ، فلو أمكن استئجار قاعات المحاضرات أو إقامة سرادقات أو نحو ذلك لزم أن نسعى في توفير ما يمكن توفيره لاستمرار أنشطة الدعوة ، ويجب أن تدرك قوات الأمن أن قضية المسجد بالنسبة لنا ليست قضية حياة أو موت ، بل إن الدعوة ستمضي بمسجد أو بغير مسجد ، وبنا أو بغيرنا ، ويجب أن يفهم القائمون على الأمن بأننا نسير وفقا للقانون ولا نخالفه ، وبالتالي يجب إحراج تلك الجهات بأن نشعرها أن كل شيء يمنعوننا منه فإن المخالف للقانون في الحقيقة هم ، لا نحن . رابعا : أهم نقطة جوهرية في البدائل المقترحة أن يكون هناك إجماع من شباب الصحوة على ضرورة الالتفاف حول قادة الدعوة ومشايخها في كل أرجاء القطر ، ويجب أن يتواصى الأخوة فيما بينهم على ضرورة أن تكون الكلمة الأولى والأخيرة لمشايخ الدعوة ، وأن يصدر الأخوة في كل أمورهم عن رأي أهل العلم والخبرة ، وألا يستأثروا بأي تصرف أو حركة أو قرار دون الرجوع إليهم . ويجب أن تعلم قوات الأمن هذه الحقيقة بأن يرددها كل شباب الصحوة على مسامعهم إذا قدر وتعرضوا لتحقيق أمني ، بأن يصرحوا بأنهم لا يسمعون ولا يطيعون إلا فلانا وفلانا وفلانا ، فإن في هذا تقوية لمركز مشايخ الدعوة ، وإجبارا لقوى الظلم أن تعيد حساباتها تجاه مشايخنا ودعاتنا ، والملاحظ أن أية حركة تصفية لدعوة من الدعوات تتلوها حالة انكماش لشباب الدعوة ، مرده إلى أن مشايخ الدعوة لم يتوقعوا ولم يربوا الشباب على مواجهة مثل هذه المواقف ، وهكذا تتوالى الاعتقالات ، وتتوالى التأميمات ، ولا يتحرك ساكن ، فما فائدة التربية ، وما فائدة تلك الآلاف المؤلفة من شباب الصحوة إذا لم يكن لهم دور في الحفاظ على مكاسب الصحوة ، والحفاظ على المواقع التي احتلوها في المجتمع . خامسا :
يجب أن يكون البديل عن المسجد سهلا وسريعا ،
كما أن بداهة وذكاء وسرعة تصرف شباب الصحوة في هذا الموقف يجب أن يكون متناسبا
مع دقة الموقف ، إننا بصدد استبدال مواقع أخرى مكان المسجد الذي تم تأميمه ،
فكل الدروس ستستمر ، وكل المحاضرات ستمضي ، بل والخطب ممن الممكن أن يتداولها
الناس بنفس الكثافة والانتشار ، البدائل معروفة وواضحة . سادسا :
لا بد أن يكون العمل سلسا ، نحن لا نرتكب جرما ، ويجب أن يقتنع كل الأخوة ،
شباب الصحوة كلهم ، يجب أن يقتنعوا أنهم غير مخالفين للقانون ، إنهم يمارسون
حقهم الدستوري والقانوني دون أن يكون لفعلهم أي أثر على أمن البلاد ، بل هم في
الحقيقة رعاة الأمن ، والمحافظين على الجبهة الداخلية ، فلو تعرض أحد منا
لملاحقة أمنية فلا يجزع ، ليقف شامخا ، ويجب أن يتوافر الأخوة على معونته ،
معونة أهله لو اعتقل ( وهذا بعيد ) ، وتوفير المحامين لو وجدت قضية ( وهذا أيضا
بعيد جدا ) وعن خبرة وتجربة فإن الدعوة ما دامت سلمية فإنه ليس من مصلحة الأمن
أن يصعد الأمر إلى المحاكم لأنه سيظهر بمظهر غير مرغوب فيه أمام المجتمع ، وهذه
نقطة يجب ان نركز عليها ، أن نفهم المجتمع أننا لا نخالف القانون ( سحقا لهذا
القانون ) ، وأن الذين يريدون أن يمنعونا من العمل في الحقيقة هم يحاربون الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم ، يجب أن يكون للمجتمع دور في الضغط على تصرفات
الأمن ، حتى متى ونحن نحيد مجتمعنا عن قضايانا ، نحن المجتمع والمجتمع نحن ،
وإن لم تتحمل الأمة معنا هم الإسلام فمن الذي سيحمل الهم ؟؟؟ سابعا :
تكثيف المجموعات التربوية ، بإشراف المشايخ والدعاة ، ولا يجوز أن نخاف من
تكوين هذه المجموعات حتى لو توعدتنا قوى الأمن الغاشمة ، فالقانون لا يمنعها ،
ولن يستطيعوا اعتقاد أحد من شباب الصحوة لمجرد أنهم يلتقون في البيوت ليتذاكروا
الدين ، وما دامت اجتماعاتنا بالفعل لا تطرح الحل العسكري في منهج التغيير
فإننا يجب أن نكون في قمة الشجاعة في تنفيذ خطواتنا التربوية وغزو مواقع
المجتمع ، إننا لا نفعل أكثر مما يفعله التلفزيون ، نحن نعلم الناس الدين ،
نعلمهم الصلاة والعقيدة الصحيحة ، والتعاطف مع قضايا المسلمين في أرجاء الأرض ،
نعلم الناس كيف يحصنون أنفسهم وأولادهم ضد الزنا المنتشر والمخدرات الشائعة
والسرقة والرشوة التي أفسدت الدولة ، نحن نصلح ولا نفسد ، بخلاف رهط يفسدون في
الأرض ولا يصلحون . ثامنا : يجب أن يكون لمشايخنا ودعاتنا معاونون من طلبة العلم ، يساعدونهم في إعداد البرامج العلمية ، والبرامج التربوية ومتابعة الأنشطة بعد توقيف المساجد ، يجب أن يكون التواصل بين المشايخ وهؤلاء المساعدين مستمرا بأية طريقة ، لأن هؤلاء المساعدين هم همزة الوصل بين الدعاة وبين شباب الصحوة ، ويجب أن نزيد من فعالة وسائل الاتصالات ، مثل الإنترنت ، والنقال ، وغير ذلك ، بل ولا نغفل الوسائل التقليدية مثل الخطابات البريدية والهاتف العادي ونحوه ، لا تخافوا ، لا تقولون مراقبون ، خافوا رقابة الله أكثر يا شباب الصحوة ، لو مكثنا نرمق ظلنا ما تحركنا . تاسعا : اجتهدوا في العبادة والدعاء ، ليرى الناس نور الإيمان في وجوهكم ، لترتوي الأرض من بركات أقدامكم التي تطأ ثراها ، ليترطب هواء الأرض بنسيم زفراتكم التي تعطرت بلسان وفم ذاكر لاهج بثناء الله ودعائه ، كونوا شامة بين الناس بتقواكم . عاشرا :
لا تهملوا أي إنسان في هذا العمل ، استغلوا كل شخصية ، حتى لو ظننتم أنها لن
تفيد ، ابحثوا لها عن فائدة ، يجب أن يكون للأخوات دور كبير في هذا الجهاد
الصامت السلمي ، وكذلك الأطفال ، وكذلك المعوقين ، وكذلك كل نفس منفوسة آمنت
بعظمة هذا الدين ، وبأهليته أن يقود البشرية إلى الأمان وينهض بها من وهدتها
ويخرجها من ورطتها . |