الحب الكبير |
ابوسعد النشوندلي |
الإهداء:
لك أيّها القلب الكبير , لك أيّها البحر
الخضم , لك أيها الأمل الواسع , لك أيها الحب المتدفق, لك أيها البستان
المؤرق .
كتبه: يا جدي إني أرتل لك الحب شجيّا , إني ابثك الود نديّا , لأنك كنتَ للروح صفيّا , وللقلب خِلا رضيًّا , أنت يا جدي حبوري , أنتَ سعادتي وسروري , أنت جنتي وزهوري , أنت ألوان الخيال ترقص في يقظتي , أنت أمواج الروح تعانق شواطئ مهجتي . أنت شلال الحب ينهمر إلى صفحتي , يا جدي إني أهديك حبي , إني أهبك قلبي , إني أمنحك فؤادي إني أقدّم مهجتي فدى لك * * * *
يا جدي
أنتَ سحابة حب أغاثت أرضي القاحلة, أنت نبع من كرم يتدفق ماؤه إلى أرجاء
قلبي ,أنتَ شمس من أمل بزغت في صحراء روحي, يا جدي أنت مصباح الحب الذي
أسرج ظلمة أحزاني , أنت تراتيل الخير لقلبي , أنت طيور الشوق تغنّي فوق
أغصان أيامي, نعم يا جدي أنت سراج من
امل لا ينطفئ أبدا * * * *
يا جدي
: ها أنا اليوم عطشان احتضرُ في صحراء الحياة فاسقني من رحيق تجاربك
,وزّودني من بنات افكارك ,أني عليل فقوّي عزمي بالأمل , أني كئيب فأرسل إلى
قلبي عصافير الحب عساها تزقزق في أذني فتسمعني أعذب ألحانك , وأرقَّ أنغامك
,يا جدي إني بمرضك اليوم صرتُ فقيرا إلى
تجاربك وعشتُ معدما اشتاق إلى نصائحك , أرجوك يا جدي ألا تسمعني , ألا تسمع
صراخ قلب صغير كان يحتضن قلبك الكبير, اني اليوم أعضُّ أصابع الندم حزنا
لأني لم أكتب جميع كلمات حبك . * * * *
يا جدي
أنت سلاحي الذي أقاتل به اليأس , أنت الرجل الحكيم الذي صبّ عليّ غيث حكمته
,اني عشتُ يا جدي أنهل من ثروة تجاربك , حتى صرتُ غنيًّا , لقد شربتُ كؤوسا
من شهد تجاربك . يا جدي أنت الأمل أنت
يا بحر الندى , أنت يا كنز الوفاء أنت يا نبع العطاء, أنت يا وجه الرضا
,أنت يا صبح السنا . * * * *
يا جدي
أنت عنوان الحب , أنت قاموس الوفاء , أنت موسوعة الكرم , لقد نظرتُ إلى
الحب بين الناس , فرأيتُ بعضه يموت وهو صغير, وبعضه يهرم وهو شاب , لكنَّ
حبك -يا جدي-هو الحب الكبير الذي يكبر
مع الأيام ويحلّق حراً في سماء الأحلام .
* * * *
لقد تعلّمتُ منك الرحمة عند ما رأيتك
تعطف على أغنامك, تعلمتُ منك الحب عندما أهديتني الحب غضا طريا يجري
كالبلسم على شفتي , لقد تعلمتُ منك الصبر عندما رأيتك تصفح كثيرا عمن أساء
إليك , ومن رفع صوته عليك فتحتَ لنفسك باب الصمت تعلمتُ منك
يا جدي الحلم وعزة النفس فأنت دائما
كبير القلب . * * * *
يا جدي
أنت بحر أمنياتي , أنت شمس ذكرياتي أرجوك افتح لي قلبك أعيشُ بداخله , افتح
لي اليوم يدك أقبّلها كما كنت أقبّلها وأنا صغير, خذ قلبي الجريح واحفظه في
روضة حبك عساه ينمو من جديد . * * * * يا جدي إن في قلبي اليوم الكثير من الشجون وأريد أن أبثّها إليك , إن في قلبي الكثير من الأحزان وأملي أن تضّمد جراحي , وتلملم أوراقي ,أنا محتاج اليوم في شبابي لغزير حبك أرجوك ضمني إلى حضنك الكبير الذي وآسيت من قبل آلامي , مدّ يدك لتسحبني من أوحال الأسى , وافتح لي صفحة الحب الذي أخاف كل يوم أن تهجم عليها أرضة الشيخوخة فتأكل معها ورقة أحلامنا الحلوة التي كتبناها معا بدموعنا ومزجناها بحبنا * * * *
لقد أبصرتك اليوم قفزتَ على عتبة المائة
سنة وما زلتُ أرى في وجهك تجلّدًا وأملاًً , * * * *
يا جدي
لن أنس حبك الكبير الذي غمرتني به,لن انسَ لك حسن ادبك وتربيتك لي,فقد كنت
لي نعم الاب والصديق,سقيتني تجاربا من عمرك ومزجتَ لي في الكاس الحب بالامل,اني
اذكر ياجدي عندما كنتُ صغيرا احتضن
يدك ونمشي سوياً وكنتَ دائما تسبقني, واليوم عندما هرمتَ صارت يدك المرتعشة
في يدي تتقوّى بها على المشي,آهٍ ياجدي لقد ضعفت قواك وصارت تتهادى بين
احلامي,لن انسَ حبك لاغنامك ,كنتُ استمتع صغيرا وانا اراك بينهن,وكنتُ
اتعجبُ من حبِّ اغنامك لك,حقاً لقد زاحمنني في حبك! اذا سمعن صوتك اقبلن
مسرعات بلهفة!وعندما انادي عليهن بصوتي الصغير::لايعبأن بي! فصرتُ أتسآل:ماالذي
جعل صوت جدي لهن محبّبا؟ ****************
لن انسَ دلالك لي حتى قلتَ لي كثيرا :
أنا أحبك أكثر من أولادي, لا أدري يا جدي لماذا أنت اليوم عشقت الصمت
الطويل ؟ وإن جلستَ أحيانا من فراشك أقبلتَ على صلاتك لقد كنتُ أراك تصلي
جالسا في بيتك الصغير الذي لم تفارقه لسنوات خلت . * * * * يا جدي في صدري اليوم الكثير من الأسئلة وانتظر بفارغ الصبر منك الإجابة . لكن قلبي ينزف دمعًا لأن سمعك أغلق بابه إلى الأبد !! وكلما طرقتُ الباب مرارا لم يفتح لي فبقيتْ أسئلتي حبيسة في أدراج قلبي يعلوها غبار الأسى أرقبُ لها فجرًا جديدًا لن أنس لك يا جدي الحب الكبير الذي أمطرتني به أثناء غربة أبي حتى أنسيتني مرارة الغربة . * * * * يا جدي الغالي : هل تذكر عندما أصبتُ بالرمد في عينيّ , أسرعتَ بي إلى الأطباء حتى سافرتَ بي إلى المكلا عندما علمت وجود أطباء مهرة فيها .
ولكن دون جدوى , غير انك لم تيأس
وأسرعتَ بي إلى الحجّام وطلبتَ منه أن يحجم لي ولمّا أبصرني صغيرا ورأى
طفولتي تلعب بين يديه , خاف عليّ من الحجامة , وقال : إنه صغير إنّ عمره لم
يتجاوز الثاني عشرة سنة لكنكَ بقيتَ مصرًّا حتى حجم لي لأنك تعلم أنّ في
الحجامة الشفاء كما أخبر بذلك خير الخلق
r
ودارت رحى الأيام والمرض يخنق عينيّ حتى لا أكاد افتح عيني
من شدة المرض وعمّ الاحمرار وطفح على بياض العين . * * * * يا جدي هذه كلماتك أقطفها من عنقود التجارب ,إني تركتُ لقلبي أن يمرح وأن يطير محلّقا في سمائك, وسمحتُ لأجنحتي أن تعزفَ عند لقائك فمضى قلبي يسمعك أنغاما من وتره ويهديك ألحانا من شجنه . * * * *
يا جدي
إني عشقتُ القصص والحكايات التي رويتها لي فقد اتحفتني بشجاعة صالح بن حبيب
بن علي جابر, وبطولات السلطان القعيطي علي بن صلاح, وأضحكتني بنوادر أحمد
بركات الشبامي, وسمعتُ منك شعر سعد السويني وأضحكتني بأحكام (( قريقوش ))
ومن هذه القصص التي علقتْ بذاكرتي ,قصة ذلك الرجل الحضرمي البسيط وقد نوى
الحج وطلب من أمه أن تكثر من هذا
الدعاء : (( اللهم نفّق البضاعة في الحج
)) فأكثرت المسكينة من هذا الدعاء ولم تعرف مغزاه , فلما وصل ابنها إلى
الحج توفاه الله في ذلك المكان الطاهر محرما , فلما علمتِ الأم صرخت فقال
لها الناس : لقد استجاب الله دعاءك في ابنك ونفقت البضاعة وتقبلها الله
بقبول حسن . * * * *
لستُ أدري يا
جدي من أيِّ الجهات أيممُ ساحلك ؟ وبأيِّ جناح أطير إلى عليائك ؟
وبأي اقدام أهبط إلى ساحتك ؟ * * * *
هل تذكر يا
جدي عندما كنتُ أمشي معك صغيرا كنتَ دائما تسبقني وأعجزُ عن ملاحقتك
واليوم قد انحنى قوس قوتك وأكل الزمان منسأة صحتك حتى صرت تمشي على ثلاث
وتسير الهوينا وتسحب جسما ثقيلا كأنك حملت أثقال السنين كلها على عاتقك . * * * *
يا جدي
يا خير الرفاق , وبحر الأشواق , حبك لي كالبلسم الترياق, وأنفاسك رقيقة
تعانق مني الأحداق . * * * *
يا جدي إني أطرب الزمان من نشيدك وأعطر
الآفاق من أريجك , وأروي الفلوات من قصصك , واسرج الدجى من كرمك , وأزفُّ
للدنيا شهدا سلسالا من أحلامك . ****************** ياجدي : يقولون ان اليتيم من فقد الاب, لكنني ابأسُ يتيم إن فقدتُ قلبك ,إني مهيض الجناح ‘إن حرمتُ حبك,يقولون سقيماً من فقد الصحة وأنا السقيم إن غابت شمسك وانمحى ضوءك, يقولون فقيراً من عدم المال وانا الفقير إن فقدتُ صدرك وحرمتُ وجهك, يقولون اسيرا من فقد الحرية وانا الاسير إن فقدتُ فجرك وحرمتُ املك * * * * حسن الختام
وفي نهاية الأشواق أمسكتُ بزمام القلم
واقتلعتُ أشواك الألم , ووقفتُ أدعوا الله كثيرا أن يرزقك حسن الختام, أراك
يا جدي -كثيرا إذا جلستَ من فراشك رفعتَ يديك تحلّق بهما في ملكوت الدعاء
وتضرّعتَ إلى مولاك بخوف ورجاء ,حقا أنا لا أعرف بماذا تدعو؟؟
آمين
|