بسم الله الرحمن الرحيم
قال أخونا الفاضل / سلامة السبيعي وفقه
الله تعالى :
أيها الإخوة الفضلاء :
منّ الله عليّ بسماع بعض أشرطة العلامة د. عبدالكريم الخضير –حفظه الله-،
بالإضافة إلى متابعة يسيرة للأشرطة المفرغة في موقعه الإلكتروني .
ولقد لاحظت مراراً حرص الشيخ على ربط كلامه بالتجارب الشخصية ، أو الشواهد
الحية .
فقررت حينها الغوص في بحر الشيخ الذي لا ساحل له ، بغية استخراج شيء من تلك
الدرر ، وجمعها في سلة واحدة ، ليتسنى الانتفاع منها أضعاف ما لو كانت
مبثوثة .
وها أنا أقدمها لك أخي الكريم على طبق من ذهب ، لك غنمها وعليّ غرمها .
ويجدر التنبيه هنا بأن المادة كلها مفرغة من الأشرطة ، فستلاحظ ربما كلمات
عامية ، أو تكراراً لبعض الكلمات .
وتحرياً للدقة ؛ أوردت نص كلام الشيخ من الموقع كما هو دون أدنى تصرف ، إلا
أني اجتهدت فقط في كتابة عنوان مناسب لكل تجربة .
والله أسأل أن ينفع بالقائل والجامع ، والشكر موصول للقائمين على الموقع
المبارك ، فقد أضافوا كنزاً هائلاً .. ليس هذا فحسب ؛ بل انتخبوا أجمل درره
في حلة قشيبة ، ودونك إياها لتحكم بنفسك :
http://www.khudheir.com/dorr
ثروة ثمينة .. تنتظر مشروعات رصينة .
أخوكم/ سلامة بن مسلط السبيعي
17/ 10/ 1431هـ
-
الانشغال بعيوب الناس :
"والتَّجربة والواقع يشهدأنَّ من كان هذا
دَيْدَنُهُ الانشغال بالنَّاس بفلان وعلاَّن والغفلة عن عُيُوبِهِ ، وعن
تكميل ما ينقُصُهُ من علمٍ وعمل ، التَّجربة أثبتت أنَّهُ سببٌ مُباشر
لحرمان العلم والعمل معاً " .
- التهاون في الأخذ من اللحية :
" والتجربة أثبتت أن المقص إذا دخل اللحية أفناها
شيئاً فشيئاً ".
- العلاقة العكسية بين مدح وذم الناس :
" والتجربة والواقع يشهد بأن من مدح بما فيه وأقر
وسكت لا بد أن يسمع من الذم بما فيه ، جزاء وفاقاً ، أما إذا مدح بما ليس
فيه وسكت لا بد أن يسمع من الذم ما ليس فيه ، هذا مجرب ".
- التسويف في الحضور للصلاة :
" بعض الناس إذا كان له مشوار والصلاة قريب الإقامة ، تقول له : صلِ وبعدين
روح المشوار ، يقول: لا ؛ قدام ، هذا كثير ، وغالباً الذي يقول قدام ؛
تفوته الصلاة ! هذا في الغالب ، هذا مجرب ".
- طريقة حفظ القرآن :
" الذي يحفظ القرآن سراً لا يستطيع أن يجهر به ، قد يقرأه سراً لكن لا
يستطيع أن يقرأه في الصلاة مثلاً حتى تتظافر عليه جميع الحواس ، النظر في
المصحف مع تكريره باللسان والشفتين مع استماع الأذنين له ، وهذا أمر
مجرب من حفظ سراً لا يستطيع أن يجهر به " .
- قصص السلف ليست خيالية :
" بعض الناس إذا سمع ما يذكر عن السلف ، عن سلف هذه الأمة من عبادة وتلاوة
لا يصدق ، ويقول : هذا ضرب من الخيال ، هذا ليس بصحيح ، هذه مبالغات ؛ لكن
لو جربه مرة لنفسه وجد الأمر ميسور ، ويوجد الآن
-ولله الحمد- من يعان على ذلك ويقرأ القرآن في ثلاث في الأيام العادية ،
فضلاً عن أيام المواسم ، موجود ، مع أنه يؤدي جميع ما عليه ، ما هو إنسان
عاطل ، المسألة مسألة توفيق ، وتعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ،
لا أكثر ولا أقل ، ومن التجأ إلى الله بصدق أعانه ، أعانه على أمور دينه
ودنياه " .
- حلاوة ذكر الله عز وجل :
"ومن أشق الأمور على النفس الانتظار ؛ لكن إذا كان يذكر الله وهو ينتظر لا
يضيره أن يتأخر صاحبه ساعة أو أكثر أو أقل ؛ بل إذا جرب
الذكر وأنس بالله -جل وعلا- يتمنى أن صاحبه لا يحضر ، يتمنى أن
يتأخر صاحبه ، وفي الذكر أكثر من مائة فائدة ، ذكرها العلامة ابن القيم في
الوابل الصيب " .
- سعة فضل الله تعالى :
" الذِّكر لا يُكلِّف يعني سُبحان الله وبحمدِهِ مئة مرَّة حُطَّت عنهُ
خطاياهُ وإنْ كانت مثل زبد البحر ، (سُبحان الله وبحمدِهِ)
بالتَّجربة تحتاج إلى دقيقة ونصف ، ما يحتاج مثل
الآصار والأغلال التِّي كانت على من قبلنا أنْ يأخذ الإنسان سيف ويقتل نفسه
لِيتُوب اللهُ عليه ، ما يلزم هذا ، دقيقة ونصف (سُبحان الله وبحمدِهِ)
حُطَّت عنهُ خطاياه وإنْ كانت مثلزبد البحر ".
- الذي يتعامل مع الله هو القلب :
" وثبت من خلال التجربة -من أهل العلم والعمل- أن
الذي يتعامل مع الله -جل وعلا- هو القلب ، فشخصٌ يناهز المائة ، يصلي خلف
شخصٍ قراءته عادية ، يقرأ في كل تسليمة بجزء من القرآن ، ويلوم الإمام لما
استعجل في التسليمة الأخيرة ، وشباب في العشرين والخمسة والعشرين والثلاثين
ممن يطلب العلم ، ويحرص على طلب العلم ، تجده إذا صلى الإمام التسليمة من
التراويح بعشر دقائق ضاق به ذرعاً ، وبحث عن مسجدٍ آخر ، والمساجد تمتلئ من
طلاب العلم إذا كان الإمام لا يطيل القراءة ، والله المستعان " .
- الإنصاف في الألقاب :
" ويلاحظ أن طلاب العلم في هذه العصور ، بل وفيما تقدم من عصور ، الذي يحدد
عندهم المقدار الذي يسمى به فلان عالم ، أو طالب علم ، وقد يزيدون ،
ويقولون : علامة ، كل هذا مثاره في كثير من الأحيان الإعجاب ، يعجب بشخص من
الأشخاص ، ثم يضفي عليه من الألقاب ما لا يستحقها ، هذا شيء
مجرب ، ومشاهد بينما يبخل على من هو أفضل من هذا
الشخص بأدنى لقب ؛ لأنه لا يعجبه ، والله المستعان ، فالمسألة مسألة إنصاف
، لو زل الإنسان ، أو أخطأ ، أو هفا ، أو شذ في مسألة ، أو في مسائل يسيرة
، هذا يبقى عالماً ، يعني إذا كان قصده في ذلك نصر الحق ، ولا يسلب اسمه "
.
- تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة :
" وبعضكم جرب ، الإنسان يذهب في الأوقات الفاضلة
وفي الأماكن الفاضلة ليتفرغ للعبادة لكنه لا يعان لماذا ؟ لأنه لم يتعرف
على الله في الرخاء ، يهجر القرآن طول العام ، وإذا ذهب إلى الأماكن
الفاضلة يريد أن يقرأ القرآن في يوم كما كان عليه السلف أو في ثلاث ؟، كلا
؛ لا يمكن ، ويسمع الحديث الصحيح ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه
كيوم ولدته أمه ) ويقول : المسألة أربعة أيام ، لن أتكلم بكلمة ؛ ولكن هل
يستطيع أن يسكت ؟ ، هل يعان على السكوت ؟ لا ؛ يمكن ، وقد فرط في أوقات
الرخاء ، إن لم يجد أحداً وما تيسر له أحد يذهب إليه ، ولو بالجوال ، ورأيت
شخصاً في العشر الأواخر من رمضان بعد صلاة الصبح ، وظاهره الصلاح قبل أن
يقول : أستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله ، شغل الجوال وتكلم إلى أن
انتشرت الشمس ، هذا الحاصل يا إخوة ، انقطع ثم عاد ثم انقطع ثم عاد إلى أن
انتشرت الشمس ، فهل مثل هذايليق بمسلم هجر أهله ووطنه وتعرض لنفحات الله أن
يكون بهذه الصفة ، وعلى هذه الحالة ؟ " .
- النوم بعد صلاة الصبح :
" فالنوم بعد صلاة الصبح تركه شاق على كثير من الناس ، يحتاج إلى جهاد في
أول الأمر ، ثم بعد ذلك يتلذذ به ، بحيث لو مرض في يوم من الأيام ، وصلى
الصبح وخرج لينام ما نام ، ما جاءه النوم إلا في وقته ، هذا شيء
مجرب ، فإذا جلس في مصلاه لمدة ساعة استطاع أن
يقرأ القرآن في سبع " .
- ساعة تحتاج إلى همة :
" بالتجربة من جلس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتشر
الشمس قرأ القرآن في سبع ، يعني في كل جمعة يختم القرآن ، ما تكلف شيئاً ،
المسألة تحتاج إلى ساعة ، لكن مع ذلكم تحتاج إلى همة ، تحتاج إلى همة ، أما
من يقول : إذا جاء الصيف ؛ والله الآن الليل قصير ، فإذا طال الليل أجلس
بعد صلاة الصبح -إن شاء الله- ، وإذا جاء الشتاء قال : والله براد ؛ إذا
دفينا شوي جلسنا ، الفجر برد في الشتاء معروف ، لكن إذا قال مثل هذا لن
يصنع شيئا ً ".
- سبب الحرمان من العبادات السهلة :
" يجلس الإخوة من الأخيار الساعات من الليل ثم إذا بقي ساعة يجاهد نفسه هل
يوتر أو لا يوتر ؟ ، ثم تأتي له التأويلات ، وإن كانت السهرة - كما هو
الغالب - ليلة جمعة يأتيه الشيطان ويقول له : إن الجمعة لا تخص بقيام ولا
نهارها بصيام ، وينام ويترك الوتر ، وإن كان بغير ليلة الجمعة يقول :
المداومة على النوافل يشبهها بالفرائض أرتاح ، كل هذه عقوبة لما فرط فيه من
وقته ، هذا شيء ملاحظ ومشاهد ، من أثقل الأمور
على النفس الوتر ما هو بالنسبة للنائم ، بالنسبة للقائم الذي أضاع وقته في
القيل والقال ، وما يتعرض له الإنسان من صوارف وصواد عن العبادات السهلة
الميسرة كلها عقوبات لما يرتكبه " .
- أنسب الأوقات والأماكن للحفظ :
" أنسب وقت للحفظ وقت الهدوء ، والفراغ من المشاغل ، وبعد الراحة التامة ؛
لأن الذهن يحتاج إلى راحة كالجسم ، وليكن في أخر الليل ، أو أول الصباح
الباكر ، وإذا أراد أن يحفظ يجهر ؛ يرفع صوته ، بخلاف ما إذا أراد أن يفهم
يخفض صوته ، والمكان المناسب للحفظ المكان المحصور الضيق ، بخلاف المكان
المطلوب للفهم يحتاج إلى شيء واسع ، والتجربة تدل
على هذا ، والذي يعاني من ضعف الحفظ عليه بكثرة الترديد ".
- الزواج باب من أبواب الغنى :
" ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) ، وجرب
هذا الباب فكثير من الناس عاش فقيراً ثم تزوج ففتح الله عليه " .
- من تواضع لله رفعه :
" كلما تواضع الإنسان يرتفع ، وكل ما عرف قدر نفسه رفعه الله -جل وعلا- ،
وهذا أمرٌ مجرب ، يعني الإنسان يعتريه في بعض
الأحيان أنه في موقف من المواقف يحب أن يقدم ، ويكون له شيءٌ من هذا ،
فيبتلى بضد ذلك ، هذه أمور مجربة ، جربها الناس كلهم ، ومع ذلك إذا تواضع
رفعه الله -جل وعلا- ، يقول الناظم أو الشاعر :
تواضع تكن كالنجم لاح
لناظرٍ *** على صفحات الماء وهو رفيعُ
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه *** على طبقات الجو وهو وضيعُ
- من
كثر كلامه كثر سقطه :
" من كثر كلامه كثر سقطه ، وقد يتحرى في المجلس الأول ولا يقول إلا المباح
، لكنه قد يضطر بعد ذلك إلى المفضول والفضول من الكلام ، ثم إلى المحرم منه
، وهذا شيء مشاهد " .
- مراقبة الله توجب لذة العبادة :
" إذا حقق المسلم منـزلة المراقبة ، واستحضر قرب الله منه ، واستحيا منه ،
وترك مايسخطه وما لا يقرّب إليه ، واهتم بما يقرّب منه ؛ حتى تقر عينه
بعبادته ويأنس بمناجاة ربه ، ويستوحش من غيره كما حصل ذلك لسلف هذه الأمة ،
بخلاف من غفل عن مراقبة الله -جل وعلا- فإنه لا يتلذذ بالعبادة ، بل تثقل
عليه ، ويأنس بغيره ، وهذا أمر مشاهد ومجرب ".
- يسر السفر في الليل :
" ( وعليكم بسير الليل ) هذا إغراء بسير الليل ( فإن الأرض تطوى بالليل ما
لا تطوى بالنهار ) ، هذا مشاهد ، يعني أن سير النهار فيه شيء من الكلفة ،
لاسيما في الأيام الشديدة الحر ، وأما بالنسبة للليل فلا شك أنها كما جاء
في الحديث هذا الصحيح : ( تطوى الأرض بالليل ما لا تطوى بالنهار ) وهذا
مجرب ، يعني لو سافرت بعد صلاة الصبح ، أو منتصف
النهار إلى المغرب ، وجدت أنك تحتاج إلى راحة يومين ، لكن لو سافرت بالليل
إلى الفجر ، تنام إلى صلاة الظهر ، خلاص انتهى ما يتعلق بالسفر ارتحت ".
- الصدق منجاة :
" الصِّدْق مَنْجاة ، منْ صَدَق ولو في أَحْلَك الظُّرُوف نجا ، وهذا شيءٌ
مُجرَّب ، قصة كعب بن مالك ، الثَّلاثة الذِّين
خُلِّفُوا صريحة في هذا ".
- إطلاق اللسان :
" وهذا أمر مجرب ؛ الذي وظيفته القيل والقال لا
يستطيع أن يملك لسانه في المواطن التي جاء الحث فيها على حفظ اللسان ،
وتجده لا يطيق الجلوس مع الأخيار الذين يحفظون أنفسهم من القيل والقال ،
تجد أثقل مجلس عنده شخص فيه عنده تحري بحيث يحسب حسابه لو تكلم في شخص قال
له هذا الشخص المتحري : اتق الله ترى هذه غيبة ، والغيبة محرمة ، هذه ثقيلة
على النفس ، فتجده يكره الأخيار من أجل هذا ، وينبسط لمن على شاكلته ممن
وظيفته القيل والقال " .
- أزهد الناس بالعالم :
" هناك كلام لأهل العلم ، وله نصيب من الواقع ، قالوا : ( أزهد الناس في
العالم أهله وجيرانه ) ، وهذا مشاهد تجد العالم
الكبير أولاده إن كان فيهم خير وفيهم حرص وفيهم طلب علم يحضرون دروس مشايخ
آخرين ، وهذا لا شك أنه خير ؛ لكن تجدهم زاهدين في آبائهم ، فأزهد الناس في
العالم أهله وجيرانه ، ولعل السبب في ذلك أن الهيبة والتعظيم والقدر في
النفوس إنما يكون مع تمام الحشمة ، فالعالم من بعيد تجده محتشم ، يعني في
الغالب عليه السمت ، وعليه اللباس الكامل ، وقد يكون عليه البشت ، والأب
تراه على هيئات فيها شيء من ترك الحشمة ، أحياناً ما يكون عليه ثوب وهو بين
أولاده وزوجته ، فمثل هذه الحالة لا شك أنه هيبته تقل في نفوسهم ، أيضاً
كثرة الإمساس وجوده بينهم في كل وقت وفي كل حين ، ويشاهدون تصرفاته ، وأن
تصرفاته تصرفات بشرية ، لا شك أن التصرفات بشرية يعتريها ما يعتريها من
النقص ، فإذا اطلع عليها الأهل والأولاد يعني نزلت قيمته عندهم فبحثوا عن
غيره ، بينما غيره من أهل العلم باستمرار على الحشمة ، ما يرونه على خلاف
هذا ، فتجدهم يتعلقون به أكثر من تعلقهم بأبيهم أو أخيهم من أهل العلم " .
- بين موت العالم والمبتدع :
" هذا كلام الإمام أحمد -رحمه الله- : ( بيننا وبينكم الجنائز ) ، وهذا شي
مشاهد ، إذا مات شخص من أهل العلم اجتمع الناس
الجموع الغفيرة للصلاة عليه ، وإذا مات مبتدع ما يجد من يصلى عليه " .
- كثرة الأولاد يعين على التربية :
" الأولاد إذا كثروا لا شك أنهم يعينون على التربية ، وبعضهم يعين على بعض
، وما يصرف للواحد يصرف للجمع ، فكون الإنسان يربي أكثر من واحد في آن واحد
يعين بعضهم بعضاً على التربية ، ويوضح بعضهم لبعض ، والكبير يكون قدوة لمن
هو أصغر منه ، وهكذا والتجربة شاهدة بذلك " .
- طريقة نافعة للحفظ :
" إذا حفظ القدر المحدد هذا اليوم وكرره حتى يحفظه ، من الغد ينظر في
المقدار ، هل هو قليل وإلا كثير ؟ اختبار أول يوم ، فإن كان كثيراً قلل ،
وإن كان قليلاً زاد ، يعيد ما حفظه بالأمس خمس مرات ، قبل أن يبدأ بحصة
اليوم ، فإذا ضمن أنه حفظه بدأ بحصة اليوم ، وقد تكون أكثر مما حفظه بالأمس
، وقد تكون أقل ، وقد تكون مساوية ، فيحفظها على الطريقة السابقة .
فإذا كان في اليوم الثالث يعيد ما حفظه في اليوم الأول أربع مرات ، وما
حفظه في اليوم الثاني خمس مرات ، ثم يشرع في حفظ النصيب الثالث لليوم
الثالث .
وفي اليوم الرابع يعيد ما حفظه في اليوم الأول ثلاث مرات ، وما حفظه في
اليوم الثاني أربع مرات ، وما حفظه في اليوم الثالث خمس مرات وهكذا ، وهذه
طريقة مجربة ، وقد ذكرها بعض المتقدمين ، وطبقت
ووجدت نافعة " .
- الكتابة تضعف الحفظ :
" الذي يعتمد على الكتابة لا يثبت في ذهنه شيء ؛ لأنه اعتمد على غيره ،
الذي يعتمد على الكتابة لا يثبت في ذهنه المحفوظ، ... ولذلك تجدون على مر
العصور الحافظة في ضعف ؛ لوجود الوسائل التي يعتمد عليها ، الحافظة ضعفت
لما كثرت الكتابة وانتشرت ، ... والتجربة تثبت أن
الكتابة أفضل من القراءة عشر مرات " .
- مشكلة عدم الاستذكار :
" بعض الناس يحاول يستعيد في ذاكرته ما تسعفه الذاكرة ! ، هذا حال كثير من
طلاب العلم ! ، وهذا جربناه وجربه غيرنا ؛ لكن
إذا بحثت مسألة في مجلس وأنت حاضر ، وقد مرت عليك هذه المسألة في فتح
الباري أو في شرح النووي ، أو في تفسير ابن كثير ؛ عندك عنها تصور ، تعرف
أن هذه المسألة بحثت في الكتاب الفلاني ، وتعرف أن رأي فلانٍ كذا ، ولو لم
تستحضرها أنت ابتداء ؛ لكن إذا أثيرت ؛ صار عندك بها علم أفضل من بقية
الحاضرين ! ، وهذا شيء مجرب ، فالإنسان قد يستدر الحافظة ؛ فلا تسعفه ؛ لكن
هي مخزن ، العلم مخزن فيها ، فيخرج تدريجيا عند الحاجة إليه ، ولا شك أن
الناس يتفاوتون " .
- التعامل مع الكتب العلمية :
" يوصي بعضهم وهذا شيء مجرب عند القراءة ، عند قراءة الكتب ومسحها الكتب
المطولة من التفاسير وشروح الأحاديث وغيرها في الفنون أن يصحب الطالب الذي
يريد أن يقرأ هذا الكتاب الكبير أقلام ملونة فيها الأسود والأحمر والأزرق
والأخضر ، ويضع اصطلاح في طرة الكتاب يقول : الأحمر لما يراد حفظه مثلاً ،
الأسود لما يطلب تكراره ، الأخضر لما يراد فهمه ، الأزرق لما يراد نقله ،
وهكذا ، ثم بعد ذلك وهو يقرأ هذه فائدة مهمة جداً يضع عليها أحمر من أجل أن
يرجع إليها ويحفظها ، كلام أقل في الأهمية لكنه بحاجة إلى تكرار يضع عليه
اللون المناسب ، كلام يمكن أن يفيد منه وينفع به الآخرين ويلقيه في مجالس
الناس وفي محافلهم ليستفيدوا منه فينقله إلى مذكراته فيضع عليه لوناً
مميزاً ، هذه طريقة نافعة مجربة " .
- جمع الكتب قد يكون عائق عن التحصيل :
" جامع الكتب الذي يجمع من الكتب يملأ الدور بالكتب ، لكنه لا يفيد منها ،
ولا يبذل منها ، هذا لا شك أنه ككانز الذهب والفضة ، وابن خلدون يقول : (
أن كثرة التصانيف من عوائق التحصيل ) وهذا شيء مجرب
، جربانه وجربه غيرنا ، يعني يحتار
الإنسان إذا أراد أن يختار تفسير آية من بين خمسين تفسير ، أو ينظر شرح
حديث من بين عشرات الشروح ، يحتار قبل أن يبدأ ، فإذا بدأ قال : لعل فلان
تكلم أكثر ، ولعل علان تكلم أكثر ، ثم يضيع الوقت بمثل هذا ، وحدث ولا حرج
عما يضيع من الأوقات في ترتيبها ، ترتيب هذه الكتب ، وتنظيفها ، ونقلها من
مكان إلى مكان ، هذا لا شك أنه شيء عائق عن التحصيل .
وأدركنا شيوخنا ممن ليس لديهم من الكتب إلا الأصول المهمة في ثلاثة دواليب
لا تزيد عن ثلاثمائة مجلد ، أربعمائة مجلد ، ومع ذلكم إذا فُتح أي مجلد وجد
عليه أثر ، أثر قراءة ، وأثر في العلم ، وأثر في العمل ، فليس جمع الكتب
مما يمدح به الشخص إذا لم يكن ممن يستفيد من هذه الكتب ، ويعمل بما علم " .
انتهت بحمد الله ..
فأسأل الله أن يجزي الشيخ / عبدالكريم الخضير خير الجزاء ، وأجزله ، وأتمه
، وأوفاه ، وأعلاه .. وأن يرزقه من خيري الدنيا والآخرة من حيث لايحتسب ..
ومثلها لي وللأخ الكريم / سلامة السبيعي .. ومثله لمن قال : آمين .
|