|
بسم الله الرحمن الرحيم
نقف في هذه الخاطرة مع قضية مهمة أشار إليها الشرع المطهر ، يجب أن يتبنه
لها الناس ، ألا وهي قتل الحيوان بلا فائدة تذكر .
الإسلام دين رحمة شاملة ، فالله جل وعلا رحيم بعباده من أنفسهم ، ومن
أمهاتهم بهم ، فهو رحيم بخلقه ، من إنسان وحيوان وكل ذي روح .
ولهذا منع قتل الحيوان بلا فائدة بل رتب على ذلك إثماً عظيماً ، وعذاباً
أليماً .
مسألة مهمة :
نرى بعض جهلة الناس لاسيما فئة الشباب منهم يقصدون قتل القطط ، إما برميها
بالساكتون أو بدهسها بالسيارة ، أو رميها بالحجارة حتى الموت ، فهل عملهم
هذا يترتب عليه عذاب يوم القيامة ؟
الجواب :
ربما كان عملهم هذا مما يدخل النار ، ودليل ذلك ، المرأة التي دخلت النار
في هرة ، لا هي أطعمتها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ، بل هي حبستها
حتى ماتت ، وقد قال بعض العلماء بهذا .
فهذا العمل خطير ، ووباله كبير ، وهذه الحيوانات تسبح الله تعالى من حيث لا
نعلم ، ولم يخلقها الله عبثاً ، فهي خصم لمن اعتدى عليها يوم القيامة .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : " دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا ، فَلَمْ
تُطْعِمْهَا ، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ " [ متفق
عليه ] .
بل رتب الله على رحمة الحيوان دخول الجنة والشكر والعرفان لمن فعل ذلك ،
ولو كان متلبساً بكبيرة من كبائر الذنوب :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : " بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ،
فَنَزَلَ بِئْراً فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ
يَلْهَثُ ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : لَقَدْ بَلَغَ
هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي ، فَمَلأَ خُفَّهُ ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ
بِفِيهِ ، ثُمَّ رَقِىَ ، فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ،
فَغَفَرَ لَهُ " ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَإِنَّ لَنَا فِي
الْبَهَائِمِ أَجْراً ؟ قَالَ : " فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ " [
متفق عليه ] .
والناس في فصل الصيف يجدون كثيراً من البهائم والطيور تموت من العطش ، فمن
وضع لها ماءً في الصحراء أو في الأماكن التي ترتادها فله أجر عظيم ، يشكر
الله له صنيعه ، ويغفر له ذنوبه .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
: " أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْباً فِى يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ
بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ فَنَزَعَتْ لَهُ
بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا " [ رواه مسلم ] .
ومن وضع برادة للماء يشرب منها العمال والناس والطير فله أجر عظيم ، وثواب
جزيل ، فذلك مما يبقى للإنسان بعد موته ، أقصد سقي الماء ، فقد ورد فيه
النص الشرعي :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : " إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ
وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْماً عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا
صَالِحاً تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفاً وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ،
أَوْ بَيْتاً لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ
صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ
مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ " [ رواه ابن ماجة ] .
فاحذروا من قتل الحيوان بلا سبب ، فهي جريمة يعاقب على الإسلام ، لأنه دين
رحمة لا دين فظاظة وقتل وعنف ، إلا من قتل حيواناً يريد أكله أو بيعه أو
الاستفادة منه فعلاً ، لا أن يقتله عبثاً ، فمن فعل ذلك فهو متوعد بالعذاب
يوم القيامة .
كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك