|
بسم الله الرحمن الرحيم
نقف في هذه الخاطرة مع قضية مهمة أشار إليها الشرع المطهر ، يجب أن يتبنه
لها الناس ، ألا وهي عاقبة الذنوب وما تؤول إليه من عواقب وخيمة ، ومآلات
أليمة .
فكثير من الناس لا يلقي للذنوب بالاً ، فتتراكم عليه الحسرات ، وتزداد
النكبات ، ويفرق بينه وبين أحبابه وأصدقائه بل وأهل بيته وسيارته وخادمه ،
قال بعض السلف : " إني لأرى أثر معصيتي في خُلق خادمي ودابتي " .
فتكون هناك علاقة حميمة بيم زوجين ، وصديقين ، وزميلين ، وأختين ، وزميلتين
، وجارين ، وفجأة يحدث خلاف بينهما ، وشجار وفرقة وتقاطع وتهاجر ، يالله !
لماذا هذا ؟
إنه مصداق الحديث الذي رواه أحمد من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ،
ورواه البخاري في الأدب المفرد من حديث أنس رضي الله عنه ، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " ما تواد اثنان في الله وفي الإسلام فيفسد بينهما
إلا من ذنب يحدثه أحدهما " [ صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد ، وصححه
شعيب الأرنؤوط وضعف سنده عند أحمد ، وحسن إسناده الألباني هناك ] .
نعم إن المعاصي تفرق بين الناس ، ولها آثارها السيئة ، في البيت والعمل
والشارع والحي ، فللمعاصي شؤم كبير ، ولها آثار متعديه ، تصيب حتى الحيوان
والطير .
فأصلح ما بينك وبين الله ، يُصلح الله ما بينك وبين خلقه .
لا تعص الله تعالى تكن محبوباً من الله ومن خلقه ، يُطرح لك القبول في
السماء والأرض .
المشاكل الزوجية ، وسوء التفاهم بين الأخلاء والأصدقاء والجيران وغيرهم له
أسباب كثيرة منها ، بل من أعظمها ارتكاب المعاصي ، واقتراف الآثام .
إذا أردت أن يصلح الله بينك وبين الناس ويحبك الناس ، وتبقى بينك وبينهم
علاقة حميمة ودودة ، فأطع ربك ولا تعصه .
إذا تقطعت الأواصر ، وفرق بينك وبين الناس ، ففتش في نفسك ، وراجع يومك
وليلتك ، ماذا فعلت ، وماذا اجترحت ؟
فلعلك عصيت وأنت لا تدرك ، راجع نفسك وحاسبها .
صل ركعتين وتب إلى الله تعالى ، سوف تجد حلاوة التوبة ، علاقة وطيدة وحميمة
بينك وبين من قطعك .
ولتكن علاقتك بالناس علاقة أخوة في الله، ومحبة في جلاله، حتى تحصل أجر
الأخوة في الله، قال الله تعالى : { الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } [ الزخرف:67 ] ، وقال صلى الله
عليه وسلم : " ما تحاب اثنان في الله، إلا كان أفضلهما أشدهما حباً لصاحبه
" [ رواه ابن حبان وغيره وصححه الألباني في الأدب المفرد ] .
واعلم أيها المسلم والمسلمة أن الذنوب والمعاصي من أهم أسباب القطيعة بين
المؤمنين ، فإذا أردت أن تدوم العلاقة بينك وبين أخيك الذي تحبه ، فاترك
المعاصي ، وبادر إلى التوبة مما وقعت فيه ، وأوصه بذلك أيضاً ، فقد قال صلى
الله عليه وسلم : " ما توادَّ اثنان في الله، فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه
أحدهما " [ رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني ] .
وإني لأرى مصداق هذا الحديث اليوم .
فلم يُفرق بين اثنين إلا بذنب وقع من أحدهما أو كليهما ، فاحذروا الفضائيات
والإنترنت ، فهي سبب كل بلاء وداء وفرقة وتقاطع وتهاجر وتدابر ، ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك