|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد
أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم عليه . . وبعد :
15- سعادة المرأة نفسها وزوجها :
من الوسائل التي تجعل السعادة ترفرف على بيت الزوجية معرفة المرأة كيف تسعد
نفسها وزوجها ، وهذه هي الحلقة العاشرة من هذه السلسلة : السعادة والحقوق
الزوجية .
الله جل وعلا جعل الزواج سكن واستقرار ورحمة ومودة كما قال سبحانه : {
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [ الروم21 ] .
فإذا فقدت هذه العلاقة الحميمة فسدت العلاقة الأسرية ، وتنكدت الحياة
الزوجية ، وإني في حديثي هذا أُنبه النساء إلى أمر مهم ، لاسيما في وقتنا
هذا الذي انتشرت فيه الفضائيات وأصبحت تُبث أربعاً وعشرين ساعة ، ولا تجد
فلماً أو مسلسلاً أو برنامجاً أو أخباراً إلا وتحوي امرأة حسناء تَفتن
وتُفتن ، وكثير من الناس عاكفون على تلك القنوات ، بل والمناظر في الأسواق
وفي الطرقات والمنتزهات والمراكز التجارية تثير النزوة الغريزية لاسيما عند
الرجال ، مما يجعل الزوجة العاقلة تقدر ذلك الأمر ، فتطفئ لهيب ذلك عند
زوجها بالحلال ، وتبادر هي قبل أن يتحدث هو ، وتجذبه قبل طلبه ، هنا تكون
الزوجة قد ملكت زمام زوجها .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى
الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَقَضَى حَاجَتَهُ
وَخَرَجَ وَقَالَ : " إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ فِي
صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ
فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ مَعَهَا مِثْلَ الَّذِي مَعَهَا " [ رواه
الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ] .
لا تفقدي زوجك بسبب جهلك بأنوثتك ، تدللي وتجملي وتلطفي وبادري ، واستمتعي
بحياتك .
إن نسبة كبيرة من أسباب الطلاق أو الزواج بأخرى هو البحث عن السعادة
الزوجية من قبل الأزواج .
فربما قضى الزوج وقتاً طويلاً خارج البيت بسبب عدم فهم الزوجة لكيفية
استقطاب الزوج واقتناصه لها دون غيرها .
وربما بفي في البيت ولا يخرج منه لكنها لا تعرف كيف تكسب زوجها ، فهو بين
يدها ولكنها بعيدة عن قلبه وعواطفه .
تظن كثير من النساء أن سعادة الزوج في استعمال العطور النفاثة ، ولبس
الثياب الجميلة البراقة الأخاذة ، أو أنواع المكياج والقصات والصبغات ،
وكثرة تنوع الطبخات ، وكثرة الأولاد ، نعم ذلك أمر مطلوب ، لكنه مع توفر
أسباب أخرى يمكن معه أن تسعد به الزوجة زوجها ، وتستقطبه لها وحدها .
إن من أعظم الأمور المهمة معرفة المرأة كيف تشبع زوجها غريزياً ، وهذا هو
ما أُشير إليه هنا ، وهو من أهم ما يجلب الراحة والسعادة والاستقرار إلى
البيوت ، ويجعلها مطمئنة هادئة هانئة _ وهذا الأمر عند بعض الأزواج
والزوجات لكن لأهميته ذكرته في هذه الحلقة _ مما يجعل الزوج لا يفكر بغير
زوجته ، بل ويتلهف شوقاً إليها كلما خرج من عندها .
هناك من الأزواج من يشكو حاله مع زوجته ، وكذلك العكس تماماً ، من حيث
إشباع الغرائز فتع مشاكل لأجل ذلك ، لهذا كتبت هذه الورقات لمن يهمه الأمر
.
فهناك من النساء من ليس لديها إلمام بذلك الأمر ، أو ثقافة في ذلك ، فلا
تستدعي زوجها بلعبها وجمالها وعطرها ولبسها وحركاتها ، ولا تكون هي من يبدأ
المداعبة والجذب ، حتى تجعله لا ينظر إلا إليها ، ولا يريد سواها ، ولا
يهتم بغيرها .
بل من قلة علم بعض النساء وجهلهن ، تمتنع من زوجها إذا طلبها للفراش ،
وترفض وربما نام أو خرج وهو غاضب منها ، فإذا تزوج بأخرى شكت وتألمت وسألت
عن الأسباب ثم ندمت على ما فعلت ، لكن لا ينفع الندم .
ولو سألنا سؤالاً : لماذا يتزوج الرجل والمرأة إذن ؟ إلا لإحصان الفروج ،
وقضاء الوطر الحلال وغير ذلك من فوائد الزواج ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن
مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه
وسلم : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ _ القدرة _
فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ،
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "
[ متفق عليه ] .
وقد حذر الله تعالى المرأة من النشوز والتمنع من الزوج في حال رغبته في
الفراش ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى
فِرَاشِهِ فَأَبَتْ ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا ، لَعَنَتْهَا
الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ " [ رواه البخاري ومسلم ] ، وفي لفظ آخر :
قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ
مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ
" .
المرأة المسلمة لا تريد أن تصل إلى مرحلة اللعن والطرد من رحمة الله .
لكن هذه نصيحة وتوجيه للزوجة المسلمة لتعيش حياة أُسرية زوجية سعيدة كريمة
.
من النساء من تجدها مبتذلة اللباس ، لباسها واسع ، ألوانه غير مريحة ، إذا
رآه الزوج كره من تلبسه بسببه ، رائحة الثوم والبصل تفوح منها ، لا يدخل
إلى البيت إلا وهي مشغولة بطبخ أو نفخ أو غسيل أو ربما نائمة ، ولا يخرج
إلا وهي كذلك ، ولا يستيقظ من النوم إلا ولازالت نائمة ، وقبل أن ينام
تسبقه بالنوم ، لا يسمع منها إلا هيا ننام حان موعد النوم ، لا يشم منها
إلا ريحاً كريهة ، غبية لا تفهم أمور الحياة ، ليس لديها ثقافة واسعة ، بل
ربما لا ثقافة لديها ، لا تستطيع حل أسهل المشاكل بين الأبناء ، إذا تكلمت
قلت : يا لتها لم تتكلم ، لا تعرف كيف تركب الجمل ، ولا كيف تجامل ،
حَرِيَّةٌ هذه المرأة بأن تُطلَّق أو يُتزوج عليها أكثر من واحد وليس واحدة
فحسب .
إلى أن تولدت لدينا مشاكل زوجية في أصلها _نقص الإشباع الغريزي _ من
الطرفين ، والذي أدى إلى تراكمات نفسية ، تسببت في انفجار مشكلات لا مبرر
لها .
و40 % من حالات الطلاق في المجتمع السعودي فقط تعود إلى أسباب تتعلق
بالفراش كما ذكرت بعض الإحصاءات ، وباقي أسباب الطلاق تعود إلى أمور أخرى
كثيرة معروفة لدى الكثير من الناس .
سؤال . . . لماذا . . وصلنا إلى هذه النتيجة ..؟؟
لأن المرأة لم تتعلم يوماً ما كيف تسعد نفسها بالرجل ..!!؟؟
تخجل حتى أن تتعلم ، أو أن تسأل أو أن تطلب ...؟؟؟
كيف للرجل أن يعرف حاجاتك . . وأنتِ صامته . . تخجلين منه . . وتخجلين حتى
من نفسك ؟؟؟
وما قيل في حق المرأة يقال في حق الرجل تماماً .
بعض الزوجات أفنت وقتها ، وضيعت جهدها وبددت أموالها في جمع الكريمات
والنكهات والجوالات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ..
تحاول أن تكمل نقص العلاقة الخاصة بشيء من الكماليات . . التي لو اشترت
بقيمتها كتاباً قيماً يعلمها كيف تمارس العلاقة الصحيحة مع زوجها . . لكان
خيراً لها ألف مرة ، أو سمعت شريطاً لأحد الدعاة أو المتخصصون في هذا
المجال لجنت فائدة كبيرة .
الرجل والمرأة كلاهما يريد من الآخر النظافة . . التفاعل . . الإقبال . .
الجرأة . . المبادرة من كليهما . .
أيتها الزوجة الموفقة . . . ركزي جل اهتمامك في هذه الأمور . .
فلن تسعدي زوجك إلا بأنوثتك . . كم يأمل الزوج . . أن تكون هي تلك الأنثى
التي خطبها قبل سنوات وتعلق بها قلبه وجوارحه . . فكوني عروساً في كل يوم .
.
أنا لا أقول أن جسد المرأة من طول و قصر ، ونحافة وسمنة ، لا يقبله كل
الرجال ، بل يمكن للمرأة أن تتغلب على ذلك ولو كانت كذلك ، بجمال روحها ،
وحسن منطقها ، ورونقها ، ونظافتها ، ودعوته إليها بشتى وسائل الرغبة ، بذلك
تقضي على عيوبها أو جلها ، وكذلك الرجل ينبغي أن يحقق لزوجته ما تريد منه .
بعض النساء تريد أن ترضي زوجها ببدائل ليس لها أصل عند الزوج ، ولا تلقى
اهتماماً لديه ، بل ربما بعض الأزواج أو كثير منهم لا يعرف لغة البدائل . .
تعتقد أنها تستطيع أن تعوضه عن هذا النقص فيها . . بالمزيد من تعلم فنون
الطبخ ، وتنظيف حجرات المنزل . . وإنجاب الأطفال . . والتنازل عن بعض
أملاكها أو كلها له ، وإعطائه بطاقة الصراف إن كانت موظفة ، كل ذلك لأجله .
. تظن أنها بدائل . . تعتقد أنها تساوم الرجل على سعادته ..!!
ثم تأتي بعد مضي أشهر أو سنوات لتشتكي . . تزوج . . أصبح يسافر . . أصبح
يسهر خارج البيت . . لا يطيق الجلوس معي ..!!!..وأنا التي فعلت وقدمت وأخرت
وتنازلت وأعطيت . . وفعلت لأجله ؟
تعاستك أنتِ من صنتعها بيديك . .
أعطي لأجل أن تسعدي نفسك . . لا أن تسعديه هو وحده فقط .
لأن الأشخاص ذوي الأرواح الإيجابية المتفائلة . . والنفسيات المرحة . . هم
أكثر الناس قدرة على إسعاد من حولهم .
فقط تعلمي كيف تسعدين نفسك ..!!
أيقظي الأنثى التي بداخلك من سباتها .
وبعض الأزواج لا يعرف طريقة واحدة للحب أو الجذب ، جلف كما يقولون ، تعلم
يا أخي كيف تسعد زوجتك ، وتدخل السرور على أُسرتك ، اقرأ .. اطلع . . اسمع
الأشرطة النافعة .
أيتها الزوجة الموفقة . . تشببي مهما كان عمرك ، فالأنثى بأنوثتها لا
بعمرها ، فكم من شابة طلقت في بداية زواجها لأنها لم تعرف كيف تجذب زوجها ،
وتسرق حبه وعواطفه بدلالها وكلمات حبها ، ونغمات صدرها ، ومواهب لسانها
وشفاتها .
دعي زوجك يشاركك بعض الأحيان فيما يحب أن يراه عليك . .
تعلمي كيف توقفين المشاكل قبل أن تكبر . . وتصل إلى مد اليد . .
كيف تتحكمين بغضبك وتكوني أكثر هدوءاً .
كيف تطالبين بحقوقك . . بطريقه أنثوية .
تعلمي كيف ترفضين بطريقه أنثوية .
تعلمي متى تقولين نعم . . ومتى تقولين لا .
تعلمي كيف تعبرين عن حزنك . . وعن غضبك . . وعن فرحك . . وعن سعادتك . .
ولكن بطريقة أنثوية .
سوف تحصلين على كل ما تريدين ولكن بأنوثتك فقط . . أنوثتك هي سلاحـك ..
فالرجل الآن لا يريد إلا أنثى . . واثقة من نفسها . . مثقفه . . مرحة . .
هذه الأنثى فقط هي من تملك زمام قلب الرجل وعقله ..
بعض الزوجات تريد زوجها أمامها أربعاً وعشرين ساعة ، وهذا فهم خاطئ ولا شك
، بل اتركي له وقتاً لخروجه ، ولو لم تجلسي معه إلا ساعة أو ساعتين فهذا
يكفي ، لتشتاقين له ، وتفرغي لنفسك بباقي الوقت ..وأشغليها بشيء يفيدك..
كلما كانت الزوجة راقيه في تعاملها مع ذاتها .
كلما كان تعامل زوجها راقياً معها والعكس صحيح ..
فاحرصي رعاك الله على سعادتك وسعادة زوجك .
واحرص أيها الزوج على سعادة زوجتك وشريكة حياتك ، لا تغضب . . لا تثور
لأتفه الأسباب ، اجعل مكاناً واسعاً في قلبك للحوار ، والسماحة ، والمحبة ،
تغاضى وتعامى عن الهفوات والزلات ، تعش سعيداً بإذن الله تعالى ، أسعد
حبيبتك بكلماتك المعسولة ، كلماتك الجميلة الرقيقة ، لا تغضبها منكم أبداً
، فلكل مشكلة حل .
كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك