|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، لا إله
إلا هو يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
، الحكيم في عطائه ومنعه ، البصير في خفضه ورفعه ، يجيب من دعاه ، وينجي من
يخشاه ، ولا يخيب من رجاه ، يغفر ذنوب التائبين ، ويقيل عثرات النادمين ، يغفر
ويصفح ، ويعفو ويسمح ، إله كريم عظيم ، رب غفور رحيم ، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله الأتقى ، الأخشى لربه والأنقى ، صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله
وأصحابه والتابعين لهم بإحسان . . .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، فالتقوى سبيل الجنان ، والفوز برضا الديان ،
والنجاة من النيران ، بالتقوى تزيد البركات ، وتكثر الخيرات ، { وَلَوْ أَنَّ
أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ
السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ
يَكْسِبُونَ }
عباد الله : إن المستقرئ لأوضاع الأمة اليوم ، ليجد أنها تنساق وراء سراب خادع
، وشيطان مخادع ، تلهث وراء المغريات ، وتجري خلف الملهيات ، فلا إله إلا الله
رب البريات ، أوضاع تغيرت ، وطباع تبدلت ، حتى نكر الإنسان قلبه ، واستنكر نفسه
، إلا من رحم ربي وعصم ، وقليل ما هم ، لقد تلهى الناس اليوم بالدنيا ، ونسوا
الأخرى ، ركنوا لدار الفناء ، ورغبوا عن دار البقاء ، لقد أصبحت الدنيا الشغل
الشاغل لكثير من المسلمين ، حتى ألهتهم كما ألهت من كان قبلهم ، فهلكوا وهلكوا
جميعاً ، الركون إلى الدنيا غفلة مهلكة ، وسبب للبلاء ، قال صلى الله عليه وسلم
أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى
عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ، كَمَا
بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ،
وَتُلْهِيكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ "[أخرجه أحمد]
عباد الله : احذروا المعاصي ، التي وقع فيها الداني والقاصي ، فإنها بريد الكفر
، ونذير الفقر ، المعاصي تمنع هطول الأمطار ، وتغلق باب الخير المدرار ،
المعاصي موجبة لسلب النعم ، وداعية للنقم ، تنقص العمر ، وتنزع البركة من الرزق
، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، كم جرت إلى مسالب ، وكم أوقعت في مثالب
، وكم لها من مظاهر ، فاتقوا الله الواحد القاهر ، ألا فاعلموا عباد الله ، أن
ما بالأمة اليوم من الذلة والمهانة والمسكنة ، والتفرق والنفور ، ما هو إلا بما
كسبت أيدي الناس ، والله يعفو عن الكثير ، قال العلي الكبير : { وَمَا
أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن
كَثِيرٍ } ، إن هذه الجرائم ، وما يحدث من عظائم ، ما هي إلا نتاج الضعف المهين
، وكسب الترك المشين ، فعودوا لله القوي المتين ، قال سبحانه : { أَوَلَمَّا
أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا
قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
، فاستغفروا الله وتوبوا إليه ، وراجعوا دينكم ، وعودوا إليه ، واحذروا عدوكم ،
ولا تركنوا إليه : { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم
بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ } .
عباد الله : إن ما تبتلى به الديار ، من كسوف وخسوف ، وفيضانات وأجواء متقلبة ،
وشدة في المئونة ، ما هي إلا نذر وآيات ، يخوف الله بها عباده ، يا عباد فاتقون
، قال سبحانه : { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ
بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ
بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } ، ألا لا تكذبوا كما كذب
من كان قبلكم ، فكانت العقوبة { فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ
أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ
وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا
كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ، ألا
وإن ما أصاب العباد من تخاصم وتهاجر ، وتقاطع وتدابر ، إنما هو لوجود من يفسد
في الأرض ، قَالَ صلى الله عليه وسلم : " تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ
بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ " [ متفق عليه ] ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم :
" لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ " [ متفق عليه ] ، ألا فليتق الله
المغتابون ، الذين ملئت قلوبهم حقداً وحسداً ، وظلمة وعن الله بعداً ، قَالَ
صلى الله عليه وسلم : " يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ
الإِيمَانُ قَلْبَهُ ، لاَ تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ تَتَّبِعُوا
عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ
عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ " [
رواه أبو داود ] ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ
بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ ، يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ
وَصُدُورَهُمْ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلاَءِ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ " [
رواه أبو داود وغيره ] ، فويل لمن أضاع أمر الله ، وقصر في جنب الله ، نعوذ
بالله من موجبات سخطه وعذابه ، وأسباب مقته وعقابه ، ونستغفره ونتوب إليه .
أخوة الإيمان : الصلوات عند كثير من الناس قد تركت ، والمحرمات انتهكت ،
والزكاة منعت ، والأمانة ضيعت ، والمعاملات فسدت ، والغلا قد فشا ، وأمر
المعازف والأغاني قد علا ، إن أسباب العذاب قد انعقدت ، ولا مخرج منها إلا
العودة إلى دين الله القويم ، وصراطه المستقيم ، أخرج ابن ماجة والحاكم وصححه
من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ! خَمْسٌ
إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَمْ
تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلاَّ
فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي
أَسْلاَفِهِمُ الِّذِينَ مَضَوْا ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ
وَالْمِيزَانَ ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ ،
وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ،
إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ
يُمْطَرُوا ، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ ، إِلاَّ
سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا
فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ ،
وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ
بَيْنَهُمْ " .
أيها المسلمون : دخل الحرام في المكاسب ، والكثير له مقتحم ومضارب ، يُعصى فيها
رب البريات ، أكل للحرام ، زخرف وأوهام ، وترهات وأحلام ، فسدت منها الأعمال
والقلوب ، وعظمت من جرائها الكروب ، واشتدت لأجلها الخطوب ، { وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، ألا وإن من مظاهر المعاصي ، غياب
الرشد وطمس البصائر ، وسيطرة الغل والقطيعة على الضمائر ، فغرقت سفينة النجاة
في بحر الذنوب الصغائر والكبائر ، إلا وإن من مظاهر المعاصي ، فشو الكذب وشهادة
الزور ، وانتشار الكبر والتضليل والغرور ، وعموم القسوة والشرور ، { وَاللّهُ
عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } ، ألا وإن من أعظم مظاهر المعاصي ، وسبب انتشار
الأوبئة ، والأمراض المستعصية ، ظهور الربا ، وفاحشة الزنا ، أخرج الحاكم وأبو
يعلى وحسنه الألباني قوله صلى الله عليه وسلم : " ما ظهر في قوم الزنا والربا ،
إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله " ، ثم اعلموا رحمكم الله أن من أشد العذاب ،
وأنكأ العقاب ، أن يُمنع الناس نزول الماء ، من السماء ، فتيقظوا من هذه
الغفلات ، واجتنبوا الفواحش والسيئات ، وابكوا على ما مضى من الذنوب والآثام ،
واجأروا لله الملك العلام ، { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
أيها المسلمون : إن محاربة شعائر دين الله ، أعظم معول لإزالة نعمه ، كالتطاول
على الأُسس الراسيات ، والثوابت الثابتات ، وسب العلماء وتنقصهم ، والدعوة إلى
خروج المرأة سافر حاسرة ، واختلاطها بالرجال الأجانب ، ألا وإن مما يحارب اليوم
، شعيرة الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، شعيرة أمر الله بها في كتابه ،
وحث عليها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، قال تعالى : { وَلْتَكُن
مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ، بهذه
الشعيرة سدنا الأمم ، وبلغنا أعالي القمم ، ألا وإن الناظر في واقع الأمة اليوم
، ليجد كمداً ، ويعتصر ألماً ، عندما حوربت هذه الشعيرة العظيمة ، التي هي صمام
الأمان في البلاد ، وأساس الأمن للعباد ، فإذا ما تركوها ، وحاربوها ونبذوها ،
فليسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ،
لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ ، أَوْ
لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ، ثُمَّ
تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ " [ أخرجه الترمذي وحَسَنه ] ، فالله
الله أيها المسلمون ، مروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر ، تسلموا وتغنموا ،
وتفلحوا وتنعموا ، واستغفروا ربكم ترزقوا ، { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ
إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً *
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل
لَّكُمْ أَنْهَاراً * مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } ، أقول ما
تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ، ولجميع المسلمين من كل ذنب وخطيئة ، فاستغفروه
إنه غفور رحيم .
الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى . . وبعد :
أيها المسلمون : إن أكبر واعظ هو الموت ، الذي قدره الله على خلقه ، وكتبه على
عباده ، فما من مخلوق مهما طال أجله ، وامتد عمره وأمله ، إلا والموت نازل به ،
وهو خاضع له ، { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
} ، الموت حتم لا محيص عنه ، ولا مفر منه ، يصل إلينا في بطون الأودية ، وعلى
رؤوس الجبال ، وفوق الهواء ، وتحت الماء ، وبين القصور الحصينة ، والبيوت
المتينة ، { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي
بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } ، فنسيان الموت بلاء عظيم ، وضلال جسيم ، ما نسيه أحد
إلا طغى ، وما غفل عنه إنسان إلا غوى ، { حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ
الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ } ، فأكثروا من التسبيح والاستغفار ، لاسيما
في آخر الأعمار ، فقد قال الله تعالى لنبيه عندما نعى إليه نفسه في آخر عمره ،
{ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } .
أيها الأخوة في الله : إذا كثر الاستغفار في الأمة ، وصدر عن قلوب بربها مطمئنة
، دفع الله عنها ضروباً من النقم والفتن ، وصرف عنها صنوفاً من البلاء والمحن ،
{ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ
مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ
لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً ،
وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ " [
أخرجه ابن ماجة ] ، وهاهي الأمة تعاني صنوف البلايا ، وشتى الرزايا ، الديون
أحاطت بالكثيرين ، والأمراض فتكت بالفئام ، وقطعت الصلات ، وتفرق الأحباب ،
وابتعد الكثير عن دينهم ، فأنَّت المساجد ، من قلة الراكع والساجد ، ومنعت
الزكاة ، وعُق الآباء والأمهات ، وارتكبت المنهيات والمحرمات ، في غفلة عجيبة ،
وجهالة غريبة ، فتوبوا إلى الله ، وتقربوا إليه بصالح أعمالكم ، واستكينوا
لربكم ، عساه يكشف ما بكم ، وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم وحبيبكم ،
محمد بن عبد الله ، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد ، صاحب
الوجه الأجمل ، والخلق الأكمل ، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين ، والتابعين
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك
والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد
المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، وأيد بالحق
إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين ، ونائبيه وجميع الوزراء والأمراء ، واجعل
عملهم في رضاك ، اللهم أيدهم بالبطانة الصالحة الناصحة ، التي تدلهم على الخير
وتعينهم عليه ، وجنبهم بطانة السوء الخائنة ، اللهم اجعلهم حرباً لأعدائك ،
سلماً لأوليائك ، اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام ، اللهم عليك
بالمنافقين والكفار المعتدين ، من العلمانيين ، والرافضة المرتدين ، الذين
يناصبونك العداء ، ويكنون لأوليائك البغضاء ، اللهم نكس رؤوسهم ، واجعل الخوف
لباسهم ، اللهم ياقوي ياعزيز ، ياجبار السموات والأرض ، اللهم عليك باليهود
الغاصبين ، والنصارى المحتلين ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ، وخوارق قوتك ،
اللهم مزقهم كل ممزق ، اللهم انصر عبادك الموحدين في كل مكان ، اللهم كن لهم
مؤيداً ونصيراً ، وعوناً ومعيناً ، يارب العالمين ، اللهم لا تجعل في قلوبنا
غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار ، عباد الله : إن الله يأمر بالعدل ، والإحسان ، وإيتاء
ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء ، والمنكر ، والبغي ، يعظكم لعلكم تذكرون ،
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر
، والله يعلم ما تصنعون .