|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله جلت قدرته ، وبانت قوته ، في السماء ملكه ، وفي الأرض
سلطانه ، وفي البحر عظمته ، في الجنة رحمته ، وفي النار سطوته ، وفي كل شيء
حكمته وآيته ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خيرته وصفوته ، عمت رسالته ،
وصفت عقيدته ، واتضحت وسطيته ، صلوات ربي وسلامه عليه ، صلحت رفقته ، وعلا
صاحبته ، ومن أحبه واتبع سنته . . . أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله ، وأطيعوه ولا تعصوه ؛ فقد جمع الله الخير كله في طاعته
، وجمع الشر كله في معصيته ، قال الله تعالى : { تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن
يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ
اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا
وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } .
أيها الأخوة في الله : من دلائل صدق إيمان العبد ، وسلامة قلبه لله تعالى :
الاستسلام لأمره سبحانه في الأمور كلها ، وتعظيم نصوص الشريعة ، والوقوف عندها
، وتقديمها على أقوال الرجال مهما كانوا ؛ كما قال الله تعالى : { إِنَّمَا
كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ
المُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ } ، وإنما تقع الردة والضلال ، ويتأصل الزيغ
والنفاق في قلب العبد ، إذا عارض شرع الله تعالى ؛ تقليدًا لغيره ، أو لرأي
أحدثه ، متبعًا فيه هواه ، معرضًا عن شرع الله ، كما في قوله جل في علاه : {
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، ومع عظيم الأسى ، وشديد الأسف ، فإن
الإعلام المعاصر في أكثر فضائياته وإذاعاته ، وصحفه ومجلاته ، يُربِّي المتلقين
عنه على التمرد على أوامر الله تعالى ، وانتهاك حرماته ، والاجتراء على شريعته
، في كثير من القضايا السياسية والاقتصادية ، والثقافية والاجتماعية ، ولاسيما
إذا كان الحديث عن المرأة وقضاياها ، فهناك يستميت أولئك النشاز ، وتالله
ليدركون خطورة ما سطرته أيديهم ، ولاكته ألسنتهم ، يوم يلقون ربهم ، قال الله
سبحانه :{فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ
مِّمَّا يَكْسِبُونَ } .
أمة الإسلام : للمرأة في الإسلام منزلة رفيعة ، ومكانة عظيمة ، وقد رفع الإسلام
شأنها ، وأعلى مكانتها ، واحترم حقوقها ، وضمن لها حريتها وكرامتها ، وأحاطها
بسياج منيع من الصيانة والحماية ، وشرع لها ما يحفظها ، ويحفظ الرجال من
الافتتان بها ، قال تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً
فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ
وَقُلُوبِهِنَّ } ، وأيم الله لو أتى دعاة الاختلاط ، بكل ما يملكون من علم
واعتباط ، لما استطاعوا لهذه الآية من تبديل ولا تحريف ، ولا تحويل ولا تصريف ،
فهي آية تدلُ دلالةً قاطعةً على تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء ، قال صلى
الله عليه وسلم : " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ
مِنَ النِّسَاءِ " [ متفق عليه ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " فَاتَّقُوا
الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي
إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ " [ رواه مسلم ] ، يقول العلامة ابن القيم
رحمه الله : " ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصلُ كل بلية وشر ،
وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة
والخاصة ، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المهلكة ، ولما اختلط البغايا
بعسكر موسى عليه السلام ، وفشت فيهم الفاحشة ؛ أرسل الله تعالى عليهم الطاعون ؛
فمات في يوم واحد سبعون ألفًا " ، وما مرض الإيدز عنا ببعيد ، إن دعاة الاختلاط
يدعون للفاحشة والعذاب الأليم ، قال الجبار العظيم : { إِنَّ الَّذِينَ
يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا
تَعْلَمُونَ } .
عباد الله : انبرى أجهل الناس بالشريعة ، وأضعف الخلق ديانة ، يكتبون في
الصحافة مقالات ، لمناقشة مسائل الحجاب والسفور ، والخلوة والاختلاط ، وسفر
المرأة بلا محرم ، وليس نقاشهم علميًا موضوعيًا ، لإحقاق حق ، وإبطال باطل ،
وإنما هو نسف للشريعة ، وإبطال للقرآن والسنة ، وإلغاءٌ لما سار عليه صالح سلف
الأمة ، في قرونها السالفة ، وإحلالٌ للقوانين والعاداتِ الغربية الوضعية ،
باسم الانفتاح والرقي والتقدم ، أولئكم هم سقط الناس وسفهاؤهم ، الذين جاء في
السنة الصحيحة ذكرهم ، سفهاء فويسقة ، توافه رويبضة ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّهَا
سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ،
وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ
فِيهَا الأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ " ، قِيلَ : وَمَا
الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : " السَّفِيهُ _ التافه _ الفويسقة _ يَتَكَلَّمُ فِي
أَمْرِ الْعَامَّةِ " [ رواه ابن ماجة وأحمد ] ، فإذا كانت دولة قد أجهضت
محاولات الإرهاب التدميري والتخريبي ، الذي يهلك الأنفس والمباني ، فحقيق بها
أن تقضي على الإرهاب الصحافي ، الذي يدمر العقول ، ويفسد البشر ، ويقتل الدين
في القلوب ، ويخالف شريعة علام الغيوب ، ومنوط بها تقطيع رؤوسهم وأيديهم
وأرجلهم من خلاف ، ليكونوا عبرة للمعتبرين ، فقد تجرءوا على الله تعالى ،
وتجنوا على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقذفوا العلماء الذين هم ورثة الأنبياء
، بألقاب لا تليق بالمجرمين ، فضلاً عن العلماء العاملين ، وأي تقدم نرجوه في
اختلاط النساء بالرجال ، وأي تفوق نرمي إليه ، وأي نصر نريده ، إذا عملت المرأة
مع الرجل جنباً إلى جنب ، إنما نجني الجرائم والزنا ، والفواحش والخنا ، وكثرة
اللقطاء ، لذلك حَرَّمَ الإِسلامُ الاختِلاطَ بِكُلِّ صُوَرِهِ
وَمُسَبِّبَاتِهِ ، في الاجتِمَاعَاتِ الخَاصَّةِ والعَامَّةِ ، لما يَنتُجُ
عَنهُ مِن هَتكِ الأَعرَاضِ وَوَأدِ الفَضِيلَةِ ، وَمَرَضِ القُلُوبِ وَشيوع
الرَّذِيلَةِ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : في الوَقتِ الَّذِي اكتَوَت فِيهِ الأُمَمُ
الغَربِيَّةُ بِجَحِيمِ الاختِلاطِ ، زِنًا ولواطاً ، شُذُوذًا جِنسِيًّا
وَسِحَاقًا ، وَذَاقَت مَرَارَةَ ثِمَارِهِ الخَبِيثَةِ أَمرَاضًا مُزمِنَةً ،
وَأَوبِئَةً موهنة ، وَوَجَدَت نتَائجَهُ انتِهَاكًا لِمَكَانَةِ المَرأَةِ ،
وَامتِهَانًا لِكَرَامَتِهَا ، مِمَّا جَعَلَ العقلاء والمنصفون منهم ،
يعمَلُون عَلَى الفَصلِ بَينَ الجِنسَينِ ، لاسِيَّمَا في المَدَارِسِ
وَالكُلِّيَّاتِ ، عائدون إِلى الفِطرَةِ السَّوِيَّةِ ، والنشأة النقية ، بَعد
أَن خَاضوا غِمَارَ تَجرِبَةِ فَاشِلَةِ ، في هذا الوَقتِ الَّذِي يَعُودُ
فِيهِ الكُفَّارُ إِلى الحق ، ينطلق شرار الخلق ، من المتردية والنطيحة ، من
كتاب مرتزقة ، عملاء خونة ، ليَدعُو إِلى الاختِلاطِ وَيُزَيِّنُونهُ ،
وَيَزعُمُون أَنَّهُ هُوَ الأَصلُ ، وَيُطَالِبُون بِالدَّلِيلِ عَلَى الفَصلِ
، فقد تبين لنا بياناً شافياً ، كافياً وافياً ، بما لا يدع لكل مجرم مجالاً ،
ولا لمخذل احتمالاً ، الأدلة من المعقول ، والواقع المنقول ، على تحريم
الاختلاط وتجريم دعاته ، وتخذيل أهله وسعاته ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله
، وَاتَّبِعُوا سَبِيلَ المُؤمِنِينَ ، وَاحذَرُوا المُشَاقَّةَ والمشاقين ،
فقد قال فيهم رب العالمين : { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا
تَوَلىَّ وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيرًا } .
أيها المسلمون : لقَد جَعَلَتِ الشَّرِيعَةُ المُطَهَّرَةُ قَرَارَ المَرأَةِ
في بَيتِهَا وَلُزُومَهَا إياه ، عَزِيمَةً وَاجِبَةً ، وَأَمرًا مُحَتَّمًا ،
وَخُرُوجَهَا مِنهُ ، رُخصَةً لا تَكُونُ إِلا لِحَاجَةٍ أَو ضَرُورَةٍ ، قَالَ
عَزَّ وَجَلَّ : { وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الجَاهِلِيَّةِ الأُولى } ، وَلِلتَّأكِيدِ عَلَى هَذَا الأمر ، فَقَد أُسقِطَت
عَنِ النِّسَاءِ صَلاةُ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ ، وَجُعِلَ فَرضُ الحَجِّ
عَلَيهِنَّ مَشرُوطًا بِوُجُودِ المَحرَمِ ، وَلم يُفرَضْ عَلَيهِنَّ الجِهَادُ
، مَعَ أَنَّهُ مِن أَفضَلِ الأَعمَالِ ، كُلُّ ذَلِكَ حِفظًا لأَعرَاضِ النساء
، وَصَونًا لِكَرَامَتِهِنَّ ، وَتَقدِيرًا لأَدَائِهِنَّ أَعمَالَهُنَّ ،
وَوَظَائِفَهُنَّ المَنزِلِيَّةَ العَظِيمَةَ ؛ وَلِذَا فَإِنَّ أَهلَ
الإِسلامِ ، لا عَهدَ لهم بِاختِلاطِ نِسَائِهِم بِالرِّجَالِ الأَجَانِبِ
الأَبَاعِدِ ، بَل كَانُوا وَمَا زَالُوا مُحَافِظِينَ عَلَى شَرَفِهِم
وَعِفَّتِهِم ، مُتَمَسِّكِينَ بِأُصُولِ دِينِهِم وَشَرِيعَتِهِم ، يَرَونَ
المَوتَ ، وَلا الاختِلاطَ ، فقاتل الله الكفار والمنافقين ، والفجار
والعلمانيين ، ألا فليخسئوا ، فلن يعدوا قدرهم ، وَصَدَقَ اللهُ فيهم : {
وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيكُم وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيلاً عَظِيمًا } ، عباد الله : أقول ما تسمعون ،
وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب وخطيئة ، فاستغفروه إنه هو
الغفور الرحيم .
الحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، صلوات ربي
وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ومن والاه . . وبعد :
أيها المسلمون : إن الواقع الشائع ، والحال الذائع ، لينذر بوقوع كثير من
الفجائع ، وعظيم الوقائع ، فلقد شكت النساء اللاتي يعملن مختلطات بالرجال ، في
المؤسسات والشركات وغيرها ، اشتكين من التحرشات الجنسية ، من سقط البشرية ،
وحثالة الإنسانية ، ممن لا يتورعون عن فعل الحرام ، وتعدي حرمات الملك العلام ،
فأي عقل ، بعد هذا النقل ، يقول بجواز الاختلاط ، سبحانك هذا بهتان عظيم .
عباد الله : إن من الآثار السيئة لهذه الضجة الإعلامية ، وما يكتبه دعاة
الاختلاط ، ظهور المرأة عبر الفضائيات ، تقدم الأخبار والحوارات ، وتعتلي
المجالس والاجتماعات ، هزلت ورب الكعبة ، فأين الشباب العاطل عن العمل ؟ لماذا
لا تقدم لهم تلك الوظائف ، والخبرات والمعارف ، أليست القوامة للرجل ، أليس
الإنفاق واجب على الرجل ؟ فلماذا لا يوظف الشاب وتبقى المرأة في بيتها ، راعية
له ، مربية للأجيال ، معدة للأبطال ، تعتني بدينهم ، وتهتم بشؤونهم ، ولَمَّا
بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ
مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : " لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا
أَمْرَهُمُ امْرَأَةً " [ رواه البخاري ] ، فلتحافظ الأمّةِ على شرفِها
وكرامَتِها ، ولتتمسّك بدينها ، وتثبت على أخلاقها وإسلامِها ، مهما كتب
الأعداء وتفيهقوا ، وتفوّهوا وتشدقوا ، فهم لن يَرضَوا عنّا إلاّ بمفارقةِ هذا
الدين والعياذ بالله ، { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى
حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } ، { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا
فَتَكُونُونَ سَوَاءً } ، فالدّعوةُ إلى الاختلاط دعوةُ إجرام ونفاق ، وانحراف
وشقاق ، دعوةُ باطل وضَلالٍ ، وزيغٌ وانحلال ، لا تصدُرُ من قلبٍ مؤمن ،
فليتَّقِ المسلمون ربَّهم ، وليحافظوا على قِيَمهم وفضائلهم ، فالتمسّكَ بشريعة
الإسلام ، سبَبٌ لعِزِّ الأمّة ورِفعتها ، وسبب لرُعب أعدائها مِنها ، قال عمرُ
رضي الله عنه : " نحن أمّة أعزَّنا الله بالإسلام ، ومتى ابتَغَينا العزّةَ من
غير الإسلام أذلَّنا الله "
عباد الله : وإن كان من كلمة أخيرة ، فما استدل به الكتاب الصحفيون ، الجهلة
المضللون ، من أدلة لجواز الاختلاط ، فهي أدلة كانت قبل نزول آيات الحجاب ،
وأخرى ضعيفة ، وثالثة لا دلالة فيها ، أدلة لم يفهموا مقصود الشريعة منها ، ولم
يفرقوا بين المثبت والمنفي ، والعام والخاص ، والناسخ والمنسوخ ، ففهموا كما
أرادوا ، لا كما أراد الله ورسوله ، نتيجةً لضعفِ التسليم لله ولرسوله ، ولقلة
العلم وضعف الديانة ، وكلما بعد الزمان أثيرت شبهات وإشكالات ، لم تكن عند
السلف الصالح من الأمة ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : " لا
يَأْتِي زَمَانٌ إِلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا
رَبَّكُمْ " ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ
الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ
الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا ،
اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا ، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ
عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " .
عباد الله : أذكركم في نهاية هذا اللقاء ، بصيام عاشورا ، فيوم غد السبت هو
التاسع من شهر الله المحرم ، ويوم الأحد هو العاشر المعظم ، فهنيئاً لكم ما
حباكم الله من عزيز الأوقات ، والأيام المكفرات ، فصيام عاشورا يكفر سنة من
الذنوب والمعاصي ، التي وقع فيها الداني والقاصي ، والسُّنَّةُ صيام التاسع
والعاشر ، هذا وصلوا وسلموا على النبي الحاشر ، صاحب الغرة والتحجيل ، المذكور
في القرآن والتوراة والإنجيل ، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد ،
وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز
الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا
البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى
، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم ارزقه بطانة صالحة ناصحة راشدة ، اللهم
وفقه وإخوانه ووزراءه وأعوانه لما فيه خير البلاد والعباد ، اللهم إنا نسألك
الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول
وعمل ، اللهم اختم لنا بخير ، واجعل عواقب أمورنا إلى خير ، اللهم استر عوراتنا
، وآمن روعاتنا ، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا ، وعن أيماننا وعن شمائلنا
ومن فوقنا ، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا ، اللهم انصر إخواننا المسلمين
المجاهدين في سبيلك ، لإعلاء كلمتك ، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم ، وأدر
الدائرة على المعتدين ، من الحوثيين واليهود والنصارى المحتلين ، يا قوي يا
عزيز ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، سبحان ربك
رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .