1- *** اسمه ونسبه :
ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي ، وكنيته : أبو عبد الرحمن ، ويقال : أبو
محمد المدني ، خطيب الأنصار ، وخطيب النبي صلى الله عليه وسلم .
وأمه هند الطائية ، وقيل: غير ذلك .
وأولاده : محمد ويحيى وعبد الله ، قتلوا يوم الحرة .
وإخوته لامه : عبد الله بن رواحة ، وعمرة بنت رواحة .
وكان زوج جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول ، فولدت له محمداً .
وكان جهير الصوت ، خطيباً ، بليغاً .
قيل : أن وفد تميم قدموا ، وافتخر خطيبهم بأمور ، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم ، لثابت بن قيس: " قم فأجب خطيبهم " ، فقام فحمد الله وأبلغ ، وسر رسول
الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بمقامه .
2- *** مشاهده :
شهد أحداً وما بعدها من المشاهد وقتل يوم اليمامة شهيداً رحمه الله في خلافة
أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
4- *** كرامته ووصيته :
كل إنسان يموت لا يمكن أن يوصي ، إلا ثابت بن قيس ، فقد أوصى بعدما مات ، وهذه
كرامة من الله له ، ولنستمع الآن كيف حدث ذلك :
لما كان يوم اليمامة خرج ثابت مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة ، فلما التقوا ،
انكشفوا فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة : ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، ثم حفر كل واحد منهما له حفرة ، فثبتا وقاتلا حتى قتلا ، وكان
على ثابت يومئذ درع له نفيسة ، فمر به رجل من المسلمين فأخذها ، فبينا رجل من
المسلمين نائم ، إذ أتاه ثابت في منامه فقال له : إني أوصيك بوصية ، فإياك أن
تقول هذا حلم فتضيعه ، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين ، فأخذ درعي ،
ومنزله في أقصى الناس ، وعند خبائه فرس يستن في طوله _ يتحرك في طول الحبل
المربوط به _ وقد كفا على الدرع بُرمة _ قدر _ وفوق البرمة رحل ، فأت خالداً
فمره أن يبعث إلي درعي فيأخذها ، وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله صلى
الله عليه وسلم _ يعني أبا بكر الصديق رضي الله عنه _ فقل له إن علي من الدين
كذا وكذا ، وفلان من رقيق عتيق .
فأتى الرجل خالداً فأخبره فبعث إلى الدرع فأتى به ، وحدث أبا بكر رضي الله عنه
برؤياه فأجاز وصيته بعد موته ، قالوا : ولا نعلم أحداً أجيزت وصيته بعد موته
غير ثابت بن قيس رضي الله عنه ، كرامة من الله له .
5- *** البشارة بالجنة :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ
الآيَةُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ
فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ
بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }
، جَلَسَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَيْتِهِ ، وَقَالَ : أَنَا مِنْ أَهْلِ
النَّارِ ، وَاحْتَبَسَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ : " يَا أَبَا
عَمْرٍو مَا شَأْنُ ثَابِتٍ ، أَشْتَكَى ؟ " ، قَالَ سَعْدٌ : إِنَّهُ لَجَارِي
وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى ، قَالَ : فَأَتَاهُ سَعْدٌ فَذَكَرَ لَهُ
قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ ثَابِتٌ : أُنْزِلَتْ
هَذِهِ الآيَةُ ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتاً عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَذَكَرَ
ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : " بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " [ رواه البخاري ومسلم
واللفظ له ] .
5- *** وفاته :
عن ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له
: " يا ثابت : أما ترضى أن تعيش حميداً ، وتقتل شهيداً ، وتدخل الجنة " ، فقلت
: بلى رضيت ، فقتل ثابت بن قيس يوم اليمامة شهيداً ، سنة اثنتي عشرة في أيام
أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
قال أنس بن مالك لما انكشف الناس _ تراجعوا _ يوم اليمامة ، قلت لثابت بن قيس
ابن شماس : ألا ترى يا عم ، ووجدته قد حسر عن فخذيه وهو يتحنط _ الحنوط : طيب
يوضع مع الأكفان _ فقال : ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
بئس ما عودتم أقرانكم ، وبئس ما عودتم أنفسكم ، اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع
هؤلاء ، ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه .
ثابت بن قيس من خيرة الرجال ، ومن المقاتلين الأبطال ، شهد له بذلك النبي صلى
الله عليه وسلم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم : " نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ ، نِعْمَ الرَّجُلُ
عُمَرُ ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، نِعْمَ
الرَّجُلُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ، نِعْمَ الرَّجُلُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ
شَمَّاسٍ ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ
بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ " [ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ] .