|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، وصلاة
وسلاماً على عباده الذين اصطفى ، وبعد :
لقد كانت المرأة في الجاهلية تُعد من سقط المتاع ، بل كانت تورث كما تورث
الأموال ، فإذا مات الزوج ورثها أخوته ، بل كانت أسوأ من ذلك حالاً ، فقد
كانت تدفن حية ، لأنهم يعتبرونها عاراً ، لقد أتى على المرأة حين من الدهر
لم تكن شيئاً مذكوراً ، بكل ما تحمله العبارة من معانٍ .
حتى جاء الحق من الله العلي العظيم ، وأشرقت الأرض بنور ربها ، وصدع
الإسلام ، وانتشر يميناً وشمالاً ، فدخل الناس فيه طواعية أفراداً وأفواجاً
، لأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده ، ولأنه الدين الذي لن يقبل الله من
أحدٍ ديناً سواه ، فمن دخله أمن على نفسه وماله وكان من أصحاب الجنة بإذن
الله تعالى ، ومن لم يدخله كان من أصحاب النار ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : "
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ
الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ
بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ " [
رواه مسلم ] .
هذا هو الإسلام يا أمة الإسلام ، دين محبة وإخاء وتكافل ، دين صفاء ونقاء
وصدق وإخلاص ، دين أعطى كل ذي حق حقه ، ومن جملة أصحاب الحقوق : المرأة ،
فبعد أن سُلبت كامل حقوقها في الجاهلية ، وعند اليهودية والنصرانية ، جاء
الإسلام لكرم المرأة ولعزها ويرفع شأنها ، كيف لا ، وهي الأم والبنت والأخت
. . . ياله من دين عظيم ، لو تمسك به أتباعه .
وبعد أن كانت المرأة فيما سبق الإسلام مظلومة مهضومة الحقوق ، مسلوبة
الإرادة ، سحيقة المكانة ، كرمها الإسلام وجعلها صنو الرجل وشقيقته ، إلا
ما جاء الدليل بتميز أحد الجنسين على الآخر لاعتبارات شرعية ، وإلا فللمرأة
ما للرجل من حقوق وواجبات ، ومن جملة ذلك جواز دخولها المساجد ، وشهودها
للصلوات في بيوت الرحمن جل في علاه .
هكذا جاءت به النصوص الشرعية والحقوق المرعية ، فإذا طلبت المرأة من زوجها
أو وليها حضور الصلاة في المساجد فلا يمنعها ، إذا خرجت بضوابطها الشرعية ،
غير متطيبة ولا متزينة ولا متبرجة ، فعلى ولي أمر المرأة أن لا يمنعها ،
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم قَالَ : " إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ
إِلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ " [ رواه البخاري ] .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ _ أيضاً _ قَالَ : كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ
صَلاَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ ،
فَقِيلَ لَهَا لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ
ذَلِكَ وَيَغَارُ ؟ قَالَتْ : وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي ؟ قَالَ :
يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَمْنَعُوا
إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ " [ رواه البخاري ] .
وعن عائشة - رضي الله عنها - : قالت : " كُنَّ نساء المؤمنات يَشْهدْنَ مع
رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الفجر مُتَلفِّعات بمرُوطِهِنَّ ثم
يَنْقَلِبْنَ إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ، لا يعرفهن أحد من الغلس " ،
وفي رواية : " ثم ينقلبن إلى بيوتهن ، وما يُعرَفنَ من تغليسِ رسولِ الله
صلى الله عليه وسلم بالصلاة " [ متفق عليه ] .
وفي رواية أخرى للبخاري : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي
الصبح بغَلَس ، فينصرِفنَ نساء المؤمنين لا يُعرَفنَ من الغلس ، ولا
يَعرِفَ بعضُهُنَّ بعضاً " [ جامع الأصول من أحاديث الرسول 5 / 3283 ] .
الغلس : ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح .
المتلفعات : مستترات الوجوه والأبدان .
المروط : جمع المرط وهو الكساء من صوف وغيره .
--------------------------------------------
ومن التوجيهات التي ينبغي للمسلمين والمسلمات التنبه لها حين أداء المرأة
للصلاة في المساجد ، لاسيما في صلاة التراويح في شهر رمضان ، أن تخرج
المرأة فور سلام الإمام ولا تنتظر في المسجد حتى لا تتعرض لأعين الناس ،
فلا تحصل بها أو منها فتنة ، وعلى الرجال أن يتأخروا قليلاً بعد أداء
الصلاة ، فلا ينصرفوا متعجلين ومسرعين ، بل عليهم السكينة والوقار ، وأن
يبقوا بقدر ما تقال فيه الأذكار ، عندئذ لن يكون هناك رؤية للنساء من قبل
الرجال أو على الأقل غالب النساء لن يتعرضن للزحام مع الرجال أثناء الخروج
من المساجد ، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ مَكَثَ قَلِيلاً ، وَكَانُوا
يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ كَيْمَا يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ الرِّجَالِ " [
رواه أبو داود وصححه الألباني1/273 ] .
ونحن قد منَّ الله علينا بالسيارات ، فتأتي المرأة في سيارة وتذهب فيها ،
فإذا خرجت من المسجد دخلت السيارة تنظر محرمها ، فالأمر يسير ولله الحمد
والمنة .
وإذا خرج الرجال قبل النساء وكان هناك زحام فعلى الرجل أن يتفق مع زوجته أو
موليته على أن ينتظرها في السيارة ، ولا يفعل كما نشاهد اليوم من تجمهر حول
مصلى النساء ، فتحصل إعاقة لخروج النساء ، هذا التجمهر خاطئ من أصله ، فعلى
الرجال أن يبقوا بعيداً جداً عن مصلى النساء ، ويواعد كل زوج زوجته على أن
يتلقاها في السيارة أو في مكان يتم تحديده ، لاسيما ووسائل الاتصال أصبحت
سهلة وميسرة ، فبالجوال يمكن تحديد مكان اللقاء ، وهكذا حتى لا تحصل فتن أو
مشاكل حول مصليات النساء في جميع الجوامع .
--------------------------------------------
ومما يوسف له أن الكثير من النساء المصليات لا يرعين لبيوت الله حرمة ولا
تقديراً ، فلا يعتنين بنظافة المسجد ، بل يلقين فيه القاذورات ، والأوساخ ،
ويتركن أولادهن يعلبون ويخربون ويزعجون ويكسرون دون رادع أو زاجر ، ولا ريب
أن ذلك من الخطأ ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد وتطييبها
وتنظيفها ، فأين هنَّ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تجد إحداهن
تهتم ببيتها وترعاه وتحرص على أولادها أن لا يعبثوا به أو بمحتويها ، لكنها
في بيوت الله على النقيض من ذلك ، فعلى المرأة أن تتقي الله تعالى وتحرص
على العناية الفائقة وتهتم ببيوت الله عز وجل أكثر من اهتمامها ببيتها ،
لأن لها في نظافة بيوت الله أجر عظيم وهي لا تدرك ذلك ، أو ربما غفلت عنه ،
وحتى تتيقن المرأة عظم ذلك الأجر أسوق لها هذا الحديث الذي أخرجه البخاري
ومسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ
كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ - أَوْ شَابًّا - فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عَنْهَا - أَوْ عَنْهُ - فَقَالُوا مَاتَ ،
قَالَ : " أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي " قَالَ : فَكَأَنَّهُمْ
صَغَّرُوا أَمْرَهَا - أَوْ أَمْرَهُ - فَقَالَ : " دُلُّونِي عَلَى
قَبْرِهِ " فَدَلُّوهُ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ هَذِهِ
الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاَتِي عَلَيْهِمْ " .
فانظرن أيتها المسلمات المصليات في بيوت الرحمن كيف حظيت تلكم المرأة بذلكم
الأمر العظيم ، كانت تقم المسجد وتنظفه تبتغي بذلك وجه الله تعالى ، فلما
ماتت حقر الناس من أمرها ، وعظمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى
عليها بعد موتها لمكانة النظافة في ديننا _ دين الإسلام _ قَالَ سَعِيدَ
بْنَ الْمُسَيَّبِ رحمه الله : " إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ
، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، جَوَادٌ
يُحِبُّ الْجُودَ ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلاَ تَشَبَّهُوا
بِالْيَهُودِ " [ رواه الترمذي وحسنه الألباني في المشكاة ] .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : " عُرِضَتْ عَلَىَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةِ
يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ . . . " [ رواه الترمذي وفيه ضعف ]
.
--------------------------------------------
ومما يوسف له أيضاً أن هناك ثلة من النساء لم يرعين الضابط الشرعي المترتب
على حضورهن للصلاة في المساجد ألا وهو كما جاء في الحديث عَنْ عَائِشَةَ
رضي الله عنها ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لا
تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلاَتٍ
" ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها : وَلَوْ رَأَى حَالَهُنَّ الْيَوْمَ
مَنَعَهُنَّ . [ رواه أحمد وغيره ، وقال الألباني رحمه الله : صحيح انظر
حديث رقم 7457 في صحيح الجامع ] .
فدل الحديث على أن المرأة تُمنع من الطيب ، ويلحق بالطيب ما في معناه ، لأن
سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة ، كحسن الملبس ، والحلي الذي
يظهر ، والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال .
وانظرن أيتها النساء ماذا قالت أمُّكُنَّ رضي الله عنها : " وَلَوْ رَأَى
حَالَهُنَّ الْيَوْمَ مَنَعَهُنَّ " ، وهذا في عصر عائشة رضي الله عنها ،
عصر الحشمة والتمسك بالكتاب والسنة ، عصر أمن الفتنة ، فكيف بعصرنا هذا
الذي اختلط فيه الحابل بالنابل ، وخرجت القوامة من يد كثير من الرجال ،
فأصبحت المرأة تتحكم بزمام أمور البيت وشؤونه ، تدير وتأمر وتدبر وتتصرف ،
بل وتخرج المرأة مع السائق لوحدها في أنصاف الليالي ، وتلبس كامل زينتها
وتتبرج وتلين في كلامها ، وقد قال الله عز وجل لنساء المؤمنات الطاهرات
العفيفيات التقيات النقيات كلاماً لهن خاصة ولنساء الأمة عامة فقال سبحانه
: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ
يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ
يَسِيراً * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ
صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً
كَرِيماً * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي
قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ
وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ
الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ
مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً
} [ الأحزاب 30-34 ] .
آيات يجب أن تكون نبراساً لكل امرأة مسلمة ، يجب أن تضعها نُصب عينيها ،
وتحفظها عن ظهر قلب ، تمشي بمقتضاها ، وتسير وفق هدايتها وإرشادها .
وأتحف الأخت المسلمة بهذه الورود المقتطفة من الحديقة النبوية اليانعة
لعلها تنفعها في دنياها وأخراها :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : لأَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا خَيْرٌ لَهَا مِنْ
أَنْ تُصَلِّيَ فِي حُجْرَتِهَا ، وَلأَنْ تُصَلِّيَ فِي حُجْرَتِهَا
خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الدَّارِ ، وَلأَنْ تُصَلِّيَ فِي
الدَّارِ خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ " [ رواه
البيهقي ، وقال الألباني رحمه الله : حديث حسن ، انظر حديث رقم 5039 في
صحيح الجامع ] .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : " لاَ تَمْنَعُوا النِّسَاءَ أَنْ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمَسَاجِدِ
وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ " [ رواه أحمد وصححه الشيخ / شعيب الأرناؤوط
في المسند 2/76 برقم 5471 ] .
وعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ
زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ : " لَوْ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ
الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، : قيل لِعَمْرَةَ
: أَنِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُنِعْنَ الْمَسْجِدَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ "
[ متفق عليه ] .
وعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالت : قال لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ
فَلا تَمَسَّ طَيِّبًا " [ رواه مسلم ] .
وفي رواية عنها رضي الله عنها ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
: " إِذَا خَرَجَتْ إِحْدَاكُنَّ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا تَقْرَبَنَّ
طَيِّبًا " [ رواه النسائي وصححه الألباني رحمه الله ] .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " لَوْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى النِّسَاءَ الْيَوْمَ نَهَاهُنَّ
عَنْ الْخُرُوجِ أَوْ حَرَّمَ عَلَيْهِنَّ الْخُرُوجَ _ يعني إلى المسجد _
" [ رواه أحمد في المسند برقم 25999 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده
صحيح على شرط الشيخين ] .
ومعنى ما أحدث النساء : أي من إظهار الزينة ورائحة الطيب وحسن الثياب
والتجمل ، وقلة الستر ، وإحداث المنكرات ، وكل لباس فيه فتنة للناس .
وهناك من النساء من هي فتنة في مظهرها وشكلها ، فضلاً عن لباسها ، فهذه
بقاؤها في بيتها خير لها وأعظم لأجرها ، لأن خروجها والحالة فاتنة ، فيه
إضرار لها وللرجال الذين يرونها ، وأعظم من ذلك من تخرج إلى المسجد وهي
متجملة متطيبة لابسة عباءة مخصَّرَة أو شفافة أو فاتنة بمجمل القول ، فهذه
والله أعلم أن خروجها فيه وزر عليها ، وربما لا تؤجر على خروجها ، بل
صلاتها في بيتها خير لها كما هي وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم .
وشدد عليه الصلاة والسلام من أمر الطيب والزينة حال الخروج إلى المسجد
بالنسبة للنساء ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ
اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ "
[ رواه أحمد والترمذي وغيرهما ، وقال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
صَحِيحٌ ] .
فاتقين الله يا إماء الله ، واحذرن الفتنة منكن وبكن ، واحرصن إذا خرجتن
إلى بيوت الله للصلاة أو حضور درس أو محاضرة أن تكن محتشمات بعباءات فضفاضة
لاتصف البشرة ولا تكون مدعاة إلى الفتنة ، واحذرن من التبرج والسفور ، أو
وضع العباءة على الكتف ، أو لُبس البناطيل ، وكل ما فيه إثارة إلى الغرائز
.
--------------------------------------------
ومن مخالفات النساء في المساجد أثناء الصلاة عدم تسوية الصفوف ، بل تجد في
اليمين ثلة ، وفي اليسار ثلة ، وبينهما ثلة ثالثة ، وتشتكي الكثير من
المصليات من جهل الكثيرات بسبب وجود صف غير مكتمل ، ثم بعده صف آخر أيضاً
غير مكتمل ، وكأنهن أحزاب وجماعات ، وتجد الكثير من الفراغات بين الصفوف ،
وهكذا يدخل الشيطان بين الصفوف ويوسوس ويجد له مرتعاً خصباً لبث نفثه ونزغه
، وحرمان الكثير من الخشوع والطمأنينة ، وبالتالي تخرج المسلمة من صلاتها
ولم تعقل منها شيء ، وربما كانت صلاتها وبالاً عليها ، مع أن النصوص
الشرعية جاءت بتسوية الصفوف للرجال والنساء ، والتحذير من مخالفة ذلك ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم : " أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ
عِنْدَ رَبِّهِمْ جَلَّ وَعَزَّ " قُلْنَا : وَكَيْفَ تَصُفُّ
الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ؟ قَالَ : " يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ
الْمُقَدَّمَةَ ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ " [ رواه مسلم ] .
أسأل الله الهداية والتوفيق والسداد لكل المسلمات ، اللهم اجعلهن عفيفات
تقيات طاهرات ، اللهم ارزقهن الحياء والحشمة ولبس الجلباب ، وجنبهن التبرج
والسفور ، وتقليد نساء الكفرة والفجور ، اللهم اجعلهن داعيات لكل خير ،
اللهم اجعلهن مفاتيح للخير مغاليق للشر ، وارزقهن اتباع كتابك ، والالتزام
بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك