الحمد لله
خلق الكون ، له القوة ومنه نستمد العون ، إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن
فيكون ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وحده الموحدون ، دل على
الخير فحمده الحامدون ، وحذر من الشر فشكره الشاكرون ، لا يحصي ثناءً عليه
الكاتبون ، ولا يعد نعمه العادون ، بحكمه يحتكم المؤمنون ، وبشرعه يلتزم
المسلمون ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أمر ونهى ، فتواصى بذلك الأولون
والآخرون ، بأمره يأتمرون ، وبنهيه ينتهون ، وبسنته يستنون ، ولو كره
الكارهون ، وغضب الماكرون ، صلوات ربي وسلامه عليه ما ركع الراكعون ، وسجد
الساجدون ، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن به يقتدون ، وبهديه يهتدون . .
. أما بعد :
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والاستعداد
ليوم الرحيل ، فإن تقوى الله عليها المعوَّل ، وعليكم بما كان عليه سلف
الأمة الأول ، وقصروا الأمل ، واستعدوا لبغتة الأجل ، فما أطال عبدٌ الأمل
، إلا أساء العمل ، قال ربكم فيما أنزل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ
وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } .
أيها المسلمون : إن المُقَيِّمَ للأوضاع الحالية ، في كثير من المجتمعات
الإسلامية ، ليدرك أنه في خضمِّ المتغيِّرات الاجتماعية ، وفي ظلِّ تداعيات
النُقلة الحضارية ، فما تبثه القنوات الفضائية ، وتلفظه الشبكات العنكبوتية
، وتلقيه الصحف المعلوماتية ، من سيل جارف ، عن دين الله صارف ، وطوفان من
الكلمات اللاذعة ، والاتهامات القارعة ، التي تستهدف الإسلام وأهله ، لهو
موجه إلى دولة الإسلام اليوم _ هذه الدولة المباركة _ معقل الإسلام ، ومهبط
الوحي ، ومنبع الرسالة ، دولة التمسك بالكتابين ، والتشبث بالوحيين ، دولة
العروبة الرائدة ، والعراقة السائدة ، مشكاة السنة ، ومنهاج الحياء والغيرة
، فما ذلكم الحشد الهائل ، والكم الكبير المائل ، من التدفقات الكافرة ،
والحشود الفاجرة ، إلا دليل حرب شرسة ، وبرهان هجمة دنسة ، تريد النيل من
الثوابت الثابتات ، وزعزعة الأسس الراسيات ، في معركة تقصد المسلمين
والمسلمات ، لتغيير مفاهيمهم ، وتغريب معتقداتهم ، مما يؤكد أهمية تمسك
الأمة بنور الوحي وهداياته ، وعمومات الشرع وكلياته ، ومقاصده العظمى
ودلالاته ، ممن يريدون خرق صفها ، وثلمة وحدتها ، وتفريق كلمتها ، فإن لم
تتمسك الأمة بدستورها ، وتتحصن بدينها ، وإلا أصبحت متفرقة مبعثرة ، متخبطة
متعثرة ، وتصبح بعد العين أثرة ، قال ربكم فيما أنزله ونقرأه : {
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } ، وقَالَ
صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ
تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً " [ متفق عليه ] .
أخوة العقيدة والدين : هذه وقفة مهمة ، مع قضيةٍ من قضايا الأمة ، نشخّص
فيها مشكلة من أخطر المشاكل الاجتماعية ، التي لها آثارها السلبية ، على
الفرد والأسرة ، والمجتمع والأمة ، تلكم هي قضية المرأة وما بها يُحاط ،
وضدها يحاك ، وبتدنيسها يُراد ، لإخراجها من بيتها ، وانسلاخها من دينها ،
وخلع عباءتها ، ليسهل اصطيادها ، ومن ثم تمزيق عفافها وطهرها ، وتعرية
جسدها ، وهتك عرضها ، هذا ما يدعو إليه الدعاة الغربيون ، وهذا ما تنعق به
أفواه المنحرفين من بني جلدتنا ، من المرجفين في الأرض ، الذين لا يريدون
بالأمة خيراً ولا نفعاً ، ولا تقدماً ولا دفعاً ، إذ يقول تعالى في شأنهم :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ
آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } .
أيها الأخوة في الله : أصبحت قضية تحرير المرأة ، وقيادتها للسيارة ،
وخروجها من بيتها ، واختلاطها بالرجال الغرباء ، وسكنها بمفردها ،
وانسلاخها من محرمها ، وخروجها إلى النوادي ، وارتيادها المقاهي ، هي ديدن
القنوات الفضائية المنحرفة ، وكلمات الصحف المنجرفة ، دعاة التبرج والسفور
، ومؤيدو الاختلاط والفجور ، تسطرها مخالبهم ، وتلوكها ألسنتهم ، وتخطها
أيديهم ، يطبلون لذلك تارة ، ويصفقون تارة أخرى ، فسبحان الله العظيم ، كيف
تكلموا وكتبوا في قضية حسمها القرآن العظيم ، وسنة المصطفى الكريم ؟ كيف
تجرؤوا في أن يستدركوا على الله في أمره ونهيه ، في حله وتحريمه ، والله جل
جلاله يأمر نساء الأمة بالحجاب ، والحياء والجلباب ، والعفاف والقرار ،
ويحذرها من مغبة الرذيلة والفرار ، ثم تأتي شرذمة من الناس ، ليخالفوا
أوامر شديد البأس ، فواعجباً لهم ، إذ يقول الله فيهم : { الْمُنَافِقُونَ
وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ
فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } .
أيها المؤمنون : يقول الحق تبارك وتعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل
لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ
مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } ، ويقول سبحانه : { وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ
أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } ، وأخرج البخاري ومسلم من حديث
ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم يَخْطُبُ يَقُولُ : " لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ
وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ، وَلاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي
مَحْرَمٍ " ، وأخرج الشيخان أيضاً من حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله
عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِيَّاكُمْ
وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ " ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ! أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : " الْحَمْوُ الْمَوْتُ
" ، وبعد عباد الله فهذه نصوص شرعية قطعية ، صحيحة حكمية ، تدل على حرمة
الخلوة بالمرأة الأجنبية ، أو سفرها وحيدة ، أو خروجها مع السائق منفردة ،
أو ذهابها إلى الأسواق لوحدها ، هذه هي فتاوى أفذاذ العلماء ، الربانيون
الفضلاء ، فكيف يهرفون ، ويهذون بما لا يعرفون ، مطالبين بتحرر المرأة من
إسلامها ، وإبعادها عن دينها ، وأي عاقل ذو همة وفكر ، يتبع الخديعة والمكر
، ويصدق كل ما يبث ويذاع ، وينشر ويشاع ، لهو مخطط كبير متين ، خطط له
أعداء الملة والدين ، على مدى حقبة من الزمن البعيد ، واليوم فقس بيضه ،
وخرجت أفراخه ، من المخذلين ، والمنافقين المثبطين ، ليبعدوا المسلمين عن
دينهم ، ويتمردوا على ربهم ، ويخرجوا على ولاة أمرهم ، مخططات وألاعيب
مكشوفة ، دسها الكفار في عقول أبنائنا وإخواننا الذين ذهبوا إلى ديارهم ،
ورضعوا أفكارهم ، ورضوا بانحلالهم ، والله تعالى يقول فيهم : { وَلَن
تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ
} ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا
، لاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلاَ بِالنَّصَارَى " [ أخرجه الترمذي
وأحمد ] .
عباد الله : لقد أطلق أناس حمم ألسنتهم ، وقذائف أقلامهم ، مطالبين بتحرير
المرأة ، وقيادتها للسيارة ، وفك قيود الدين عنها ، لإرضاء رغباتهم
وشهواتهم ، وأهوائهم ونزواتهم ، فأي مسلم يؤمن بالله رباً ، وبالإسلام
ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ، ثم ينساق وراء تلكم الأراجيف
والخرافات ، والأحلام والترهات ، ويرضى بأن تخرج من البيت زوجته ، أو تقود
السيارة أخته ، أو تختلط بالرجال ابنته ، فأفيقوا أمة الإسلام أفيقوا ،
مخطط لاح ، وانتشر وفاح ، فخذوا حذركم ، فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم
الراحمين .
أيها السلمون : في هذه البلاد تنعمون بنعمة الإسلام ، وعبادة الملك العلام
، في أمن وأمان ، وراحة واطمئنان ، نعم تتفيئون ظلالها ، وتتمتعون من
خلالها ، في ظل قادة حكماء ، وساسة نبلاء ، يحكمون بشريعة رب الأرض والسماء
، ويتبعون سنة سيد الحنفاء ، فاحمدوا الله على ما أولاكم من الخيرات والنعم
، وجو الخشوع المفعم ، فأعين العالم إليكم محدقة ، وقلوبهم محترقة ،
أبصارهم حاسده ، ونفوسهم حاقدة ، فكل منكم على ثغر من ثغور الدين ، فالله
الله أن تُؤتى هذه الدولة من قبل أحدكم ، فيصبح خائناً ، ويعيش خائفاً ،
ويموت منافقاً ، إياكم أن تكونوا أعوناًً للكفار ، واحذروا أن تصبحوا
أبواقاً لمطالب القوم الفجار ، دعاة الحضارة الزائفة ، والمدنية الكاذبة ،
والتقدمية الفاشلة ، الذين يدعون إلى تغريب الدين ، وفصله عن مناحي الحياة
كلها ، أولئك الذين لا دين لهم ، ولا عقيدة لديهم ، مظللون رجعيون ، أطلت
رؤوسهم وحان قطافها ، نسأل الله لهم الهداية والرشاد ، واتباع شريعة رب
العباد ، ألا وعليكم باتباع العلماء الداعين إلى الحق ، دعاة الإصلاح
والصلاح ، لا دعاة قناة الإصلاح ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ
أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ *
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ
وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ
مُّسْتَقِيمٍ } ، والله أسأل الله أن يزيل الغمة ، ويقوي العزيمة والهمة ،
وبارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، وجعلنا متبعين لهدي سيد الأمة ، ثم
استغفروا ربكم الكريم ، يغفر لكم الذنب الصغير والعظيم ، فاستغفروه إنه هو
الغفور الرحيم .
الحمد لله " يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى ٱلسَّبِيلَ " ، أحمده سبحانه
وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لا
ندّ ولا مثيل ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله ، جاء باليسر والرفق
والتسهيل ، صلـى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه ذوي الهدى والتقى
والتفضيل ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . . . أما بعد ،
فاتقوا الله أيها الناس ، فالتقوى سبيل النجاة ، وطريق المتقين ، إلى جنات
النعيم .
أخوة العقيدة والدين : أي إنجاز سنجنيه ، وأي عز سنبنيه ، إذا خرجت المرأة
، أو قادت السيارة ، أو خالطت الرجال في أعمالهم وأسفارهم ؟ إني لأتساءل
عما سنحققه من ذلك كله ، فلو فعلت المرأة ما يطلبه منها الكفار والمتعجرفون
، لوقعنا في قضايا وفتن ، ومشاكل ومحن ، ليس لها من دون الله كاشفة ، ولا
مُخرج منها إلا العودة إلى حياض الدين ، والتمسك بالشرع المتين ، واتباع
سيد المرسلين ، ألا فاعلموا أيها الناس ، أن خروج المرأة وما يتبعه من تبرج
واختلاط ، وعبث واختباط ، لن يجعلنا نخترع طائرات أو دبابات ، ولن نصل به
إلى الفضاء ، ولن نقود به العالم ، بل سيجر علينا الويلات ، والنكبات
والنقمات ، وسيجلب لنا المشاكل ، ويحل بنا القلاقل ، وسنعاني ويلات التبرج
، وتبعات الاختلاط ، سنين عديدة ، وقرون مديدة ، فاللهم سترك يا ستير ، قال
العلي القدير : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } ، اللهم احفظ علينا أمننا ، ورخاءنا ،
وطمأنينتنا ، وعزنا ، وشرفنا ، وأعراضنا ، فأنت خالقانا ومولانا .
عباد الله : ألا وإن المتأمل في واقع الأمم والشعوب ، التي تركت أمر علام
الغيوب ، فأخرجوا المرأة من بيتها ، وخلعوا حجابها ، ودعوها لقيادة سيارتها
، لاقت آلاماً مفجعة ، وجراحاً موجعة ، وليس ذلك بغريب ولا عجيب ، فلقد قال
الله الحسيب : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا
وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً
نُّكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا
خُسْراً } ، وقال السميع القريب : { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا
أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } ،
فلماذا يريدون خروج المرأة ؟ ولماذا يدعون إلى مساواة المرأة بالرجل ؟
والله تعالى يقول : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى } ، ويقول سبحانه : {
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ } ، ويقول عز من قائل : {
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } ، وأقام شهادة الرجل بشهادة
امرأتين في قوله تعالى : { فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ
وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ
إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى } ، فحكموا شرع الله ،
وتمسكوا بسنة نبيكم وحبيبكم محمد بن عبد الله ، ففي ذلكم الفوز والفلاح ،
والتقدم والرقي والنجاح ، فالله الله أيها المسلمون في التصدي لأولئك
الرويبضة ، دعاة السفور ، وهتاك الستور ، { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا
اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ
عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ } .
أيتها الأخوات المسلمات : اتقين الله تعالى وأطعن ، ومن بيوتكن لا تخرجن ،
حتى لا تفتن أو تفتن ، فالنصيحة من الله لكن مبذولة ، والمرأة عن تقصيرها
مسؤولة ، فقد قال سبحانه مخاطباً نساء النبي خاصة ، ونساء الأمة عامة : {
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ } ، فالله المعين والمساعد ، على ما نرى ونشاهد ، في الأسواق
والمنتزهات والملاهي ، وما أحدث من نوادي ومقاهي ، أخرج أبو داود وابن ماجة
والترمذي وحسنه ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما من امرأة تخلع ثيابها في
غير بيتها ، إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى " ، فما هذا يا إما الله ،
وسبحان الله ، تبرج وزينة ، ونقاب فتنة يرتدينه ، عباءة مخصرة محرمة ،
وفراشة على الكتف مجرمة ، ولباس لا يليق بمسلمة ، فاتقوا الله أيها
الأولياء والأزواج ، فالمسؤولية على عواتقكم ملقاة ، وكل منكم مسؤول أمام
خالقه يوم يلقاه ، قال الله جل في علاه : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم
مَّسْئُولُونَ } ، هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير الأمين ، والسراج
المنير للمتبعين ، الرحمة المهداة للعالمين أجمعين ، نبيكم محمد سيد
المرسلين ، وخاتم النبيين ، فقد أمركم بذلك فاطر السموات والأرضين ، فقال
في الكتاب المبين : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً
} ، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد ، صاحب الوجه الأجمل ،
والخلق الأكمل ، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين ، والتابعين ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك
والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد
المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، وأيد
بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين ، وولي عهده وجميع الوزراء والأمراء
، واجعل عملهم في رضاك ، اللهم أيدهم بالبطانة الصالحة الناصحة ، التي
تدلهم على الخير وتعينهم عليه ، وجنبهم بطانة السوء الخائنة ، اللهم اجعلهم
حرباً لأعدائك ، سلماً لأوليائك ، اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام
، اللهم عليك بالمنافقين والكفار المعتدين ، من العلمانيين ، والرافضة
المرتدين ، الذين يناصبونك العداء ، ويكنون لأوليائك البغضاء ، اللهم نكس
رؤوسهم ، واجعل الخوف لباسهم ، اللهم ياقوي ياعزيز ، ياجبار السموات والأرض
، اللهم عليك باليهود الغاصبين ، والنصارى المحتلين ، اللهم أرنا فيهم
عجائب قدرتك ، وخوارق قوتك ، اللهم مزقهم كل ممزق ، اللهم أحصهم عدداً ،
واقتلهم بدداً ، ولا تغادر منهم أحداً ، اللهم أخرجهم من بلاد المسلمين
أذلة صاغرين ، اللهم لا تقم لهم في الأرض راية ، واجعلهم لمن خلفهم عبرة
وآية ، اللهم شتت شملهم ، وفرق كلمتهم ، واجعل بأسهم بينهم ، اللهم رحمن
الدنيا والآخرة ورحيمهما ، يارؤوف يارحيم ، اللهم انصر إخواننا المستضعفين
في فلسطين ، اللهم انصر عبادك الموحدين في كل مكان ، اللهم كن لهم مؤيداً
ونصيراً ، وعوناً ومعيناً ، يارب العالمين ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها
، ونعوذ بك من النار ولهيبها ، اللهم اغفر لنا جميع الذنوب والخطايا ،
والآثام والرزايا ، يا باسط اليدين بالعطايا ، اللهم لا تجعل في قلوبنا
غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، عباد الله : إن الله يأمر بالعدل ، والإحسان
، وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء ، والمنكر ، والبغي ، يعظكم لعلكم
تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،
ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون .