|
” الدراهم و الدنانير خواتم رب العالمين، أينما ذهبت بخاتم رب العالمين
قُضيت حاجتك” .. وهب بن مُنبِّه
من لوازم العيش الكريم، الضامن لكرامة الإنسان، توفر المال الكافي للإنسان،
و الذي يُغطي أكثر جوانب حياته. الإنسان مفطور على ذلك، و منهوم به لا يشبع
منه، فكما في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : “ منهومان لا يشبعان؛
طالب علم و طالب مال”, و هذا النهم لا يقف عند حدٍّ، فقد جاءَ الوصف لصاحبه
بأنه ” لو كان له وادٍ من ذهب لتمنَّى إليه ثانيا، و لو كان له واديان
لتمنَّى إليهما ثالثا”. و هذا الحالُ حالُ طبيعةٍ و غريزة، و هما على
المحمدةِ في الأصلِ، فإذا وُظِّفَتْ في مصلحة و خير كانت خيرا، و إن
وُظِّفَتْ في شر و مفسدة فهي كذلك.
من هذا يبين أن العناية بالمال و جمعه مما حضَّت الشرائع السماوية عليه، و
لم تمنع منه، حيث أنها جاءت لتحقيق مصالح الإنسان على وَفْقِ قانون السماء،
و أتتْ بالتوجيهات و الإرشادات العامة التي تقوم على بيان مسالك التحصيل
للمال من خلال: التجارة، و العمل باليد، و غيرها. و كذلك من خلالِ الإشارة
إلى الكسبِ و التحصيل، و من خلال الإقرار لأحوال المال.
في تحصيل المال، و الاكتمال به تحقيق لجودة الوضع الإنساني، و تحقيق لكمال
الاعتناء بالكرامة الإنسانية، ففي تحصيل المال، و في الاكتفاء المالي يجد
الإنسان بُغيته في أي وقتٍ شاء، و ربما وجد إكراما من الناس لأجل ذلك،
فالمالُ كم هو قيمة للحياة و العيش الجميل، فهو كذلك قيمة للذات الإنسانية
لدى أصحاب المال.
لا يتحاشَ الإنسان في كسب المالِ إلا ما كان ممنوعاً من جهة الدين أو
النظام، و ما غير ذلك يسلك سُبُلَه ذُللاً، حيث الله قال مشيرا إلى ذلك : ”
وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا
كَثِيرًا وَسَعَةً “، أي : خارجاً للكسب و التجارة. و الأنبياء عملوا بذلك،
و سار على سنَنِهم أصحاب الكمالات، فليس في ذلك إلا كمالُ حمْدٍ و ثناءٍ
على فعال، و لا تكون فعال الكمال إلا بمالٍ. و ذاك هو خير الكمال الذي لا
يستغني عنه من يَطمح إليه، و يسعى لبلوغه.