|
الحب من أسمى العلاقات ، وأرفع المقامات ، وهو سلوة الفؤاد ، وريحانة الظمير ،
الحب دوحة غناء ، وظل وارف ، الحب إخلاص وصفاء ونقاء ، نعم.. بالحب تصفوا الحياة
وتشرق الشمس ويرقص القلب ، وبالحب تُغفر الزلات وتقال العثرات وترفع الدرجات ،
ولولا الحب ما التف الغصن على الغصن ، ولا بكى الغمام على جدب الأرض ، ولا ضحكت
الأرض لزهر الربيع ، وحين ينتهي الحب ويضيع ، تظلم النفوس وتضيق الصدور ، فلله در
الحب كم أضاع من وقت ؟ وكم أسر من فؤاد ؟ وكم أذهب من عقل ؟ فما أجمل الحب وما
أكثر مدعيه ؟ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : متى
الساعة ؟ قال وماذا أعددت لها قال : لاشيء إلا أني أحب الله ورسوله ، فقال : أنت
مع من أحببت [ رواه البخاري ] إنه الحب الحقيقي لا الحب الزيف ، إنه الحب الذي
يقرب إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنه الحب الذي دعا صاحبه إلى
أن يقول هذه الكلمات النيرات " والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه
تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي " إنه الحب الذي ملك قلوب أولئك الصحابة
البررة الأطهار يوم أعلنوا الحب وقالوا " يا رسول الله : هذه أموالنا بين يديك
فاحكم فيها بما شئت ، وهذه نفوسنا بين يديك ، لو استعرضت بنا البحر لخضناه ،
نقاتل بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك "
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا
كفى بالمطابا طيب ذكراك حاديا
* حقيقة المحبة .
المحبة ليست قصصا تُروى ، ولا كلمات تقال
، ولا ترانيم تُغنى ، المحبة لا تكون دعوة باللسان ، ولا هياما بالوجدان ، وإنما
هي طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، المحبة عمل بمنهج الرسول صلى الله عليه
وسلم ، تتجلى في السلوك والأفعال والأقوال" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني
يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم "
* وجوب محبة
الرسول صلى الله عليه وسلم .
عن عبد الله بن هشام قال : كنا مع النبي
صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال له عمر يا
رسول الله : لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ، فقال له عمر : فإنه الآن ،
والله لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر [رواه
البخاري ] وبذلك يُعلم أن محبته صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الدين ، فلا
إيمان لمن يكن الرسول حبيبه ، لأن محبته شعبة من محبة الله تعالى .
* أسباب
جالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم .
1.
محبة الله عز وجل والأنس بذكره وحمده وشكره .
2ـ تقديم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
على ما سواه ،
3ـ محبة قرابته وأهل بيته وأصحابه .
4ـ تمني رؤيته والشوق إلى لقاءه .
5ـ محبة سنته صلى الله عليه وسلم والتمسك
بها .
6ـ معرفة أن الله اختاره واصطفاه لمقام
النبوة والرسالة .
7ـ ما خصه الله به وفضله على سائر
الأنبياء .
8ـ تذكر العاقبة الحميدة والأجر العظيم
لمحبي النبي صلى الله عليه وسلم .
* أقسام محبة النبي صلى الله عليه وسلم .
ذكر ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى أن
محبة النبي صلى الله عليه وسلم درجتين ، الأولى : فرض وهي المحبة التي تقتضي قبول
ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله ، وتلقيه بالمحبة والرضى
والتعظيم والتسليم ، والثانية : فضل وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به وتحقيق
الاقتداء بسنته وأخلاقه وآدابه ونوافله وطاعاته وأكله وشربه ولباسه وحسن معاشرته
لأزواجه وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخلاقه الطاهرة .
* كيف تحقق محبة النبي صلى الله عليه وسلم
.
1.
استشعار أن محبته عليه الصلاة والسلام عبادة
وقربة الله تعالى .
2ـ الإخلاص لله ومتابعته صلى الله عليه
وسلم في كل صغيرة وكبيرة .
3ـ تقديم محبته على النفس والوالد والولد
والناس أجمعين .
4ـ معرفة قدره ومحاسنه صلى الله عليه وسلم
.
5ـ تقوى الله عز وجل والخوف منه وحده
وخشية مفارقته صلى الله عليه وسلم عند الصراط .
* آثار محبة النبي صلى الله عليه وسلم .
1.
أنها جالبة لمحبة الله تعالى .
2ـ الإكثار من ذكره والثناء عليه بما
يناسب مقام رسالته ونبوته .
3ـ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
والتأدب عند ذكره والاستماع لحديثه .
4ـ الاهتداء بهديه والتحاكم إلى سنته .
5ـ الذب عن شخصيته الكريمة ونصرة سنته
النبوية .
6ـ بمحبته صلى الله عليه وسلم يتذوق العبد
حلاوة الإيمان .
* صور من الجفاء مع النبي صلى الله عليه
وسلم .
1.
عدم تطبيق سنته ظاهرا وباطنا .
2ـ العدول عن سنته وسيرته الشريفة .
3ـ الجهل بخصائصه ومعجزاته.
4ـ اتباع الهوى والابتداع في الدين .
5ـ الغلو في محبته صلى الله عليه وسلم .
6ـ ترك الصلاة عليه لفظا وخطا
7ـ عدم الذب عن صحابته وحمايتهم والوقوع
فيما شجر بينهم .
وبعد أخي المسلم .. فإن من تمام الإيمان : محبته صلى الله عليه وسلم وتعظيمه
وتوقيره " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " [
رواه البخاري ]