|
وللحقيقة فقط ..(10)
ومن سنن الله تعالى في إهلاك
هذه الدولة ..
خامسا :البطر .
وهو كفر النعمة ، وكفرها يكون إما بجحد المنعم بها وإما بعدم شكره أو
باسخدامها في غير ما خلقت لأجله كصناعة الخمر من العنب ، وكالمتاجرة بالجنس
، وتصنيع السلاح لإخضاع الأمم ظلما وعدوانا ، وكتوجيه الأبحاث العلمية فيما
فيه ضرر على الإنسانية كالاستنساخ البشري وما أشبه ذلك .
إن المتفحص لأسلوب ومنهج حياة الأمريكيين يرى أن جميع هذه الطامات الكفرية
موجودة فيهم كل بحسبه لكنهم جميعا مشتركون في انتهاج البطر أسلوبا لحياتهم
، ومعلوم أن البطر سبب من أسباب هلاك الأمم كما قال الله " وكم أهلكنا من
قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تُسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن
الوارثين " قال بن كثير رحمه الله " بطرت معيشتها أي طغت وأشرت وكفرت بنعمة
الله فيما أنعم به عليهم من الأرزاق كما قال الله تعالى " وضرب الله مثلا
قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله
فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون " ومن أنواع البطر
التباهي بالقوة والجبروت واستخدام ذلك للتعدي على الإسلام وعلى الداعين إلى
الله وللصد عن سبيل الله ، وهو ما تفعله أمريكا وتشجع وتؤيد حلفاءها على
فعله واقترافه ، قال تعالى " ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء
الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط " فهذه أمريكا قد جالت
وصالت في البحار والأجواء والبراري بحاملات طائراتها ومدمراتها وصواريخها
وبدباباتها ومدرعاتها متباهية بذلك أمام شعوب العالم ومرهبة لهم ليسمعوا
لها ويطيعوا ، وحالها كحال قريش عندما خرجوا لملاقاة النبي صلى الله عليه
وسلم في معركة بدر ، إذ قال أبو جهل : لا والله ، لا نرجع حتى نرد ماء بدر
وننحر الجزور ونشرب الخمر وتعزف علينا القيان لتسمع بنا العرب ، فكان عاقبة
ذلك أن هزمهم الله تعالى شر هزيمة وانزل بهم أمحق عقاب فتشرذموا بين قتيل
وأسير وفار ومذعور فانكسرت شوكتهم وحرنت نفوسهم ، ولذلك نقول عن هذا
الصولجان الحربي الذي رفعته الولايات المتحدة في وجه أمم الأرض ، بطرت به
قد يحل بها من العقاب الإلهي ما يعطل مفعوله ويخمد أنفاسه فيصبح كخردة
الحديد وكانوا قد أعدوه للبطش بالدول والشعوب ، تماما كما وصف الله تعالى
حال عاد عندما قال لهم نبيهم هود عليه السلام " أتبنون بكل ريع آية تعبثون
* وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين " فهلا اعتبرت
الولايات المتحدة بعبر التاريخ ، ونظرت في حال الأمم السابقة التي مارست
البطش ضد عموم البشر فكان ذلك سببا لإهلاكهم قال الله " فأهلكنا أشد منهم
بطشا ومضى مثل الأولين " وقال " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا
فنقبوا في البلاد هل من محيص * إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى
السمع وهو شهيد " وقال الله " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد
أو تسمع لهم ركزا " وقال " وكم أهلكنا قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص "
قال بن عباس رضي الله عنه : ليس بحين نداء ولا نزاع ولا فرار أي نادوا
النداء حين لا ينفعهم .