|
أيها الأزواج .. رفقا
بالقوارير (5)
الزوجة والصدود العاطفي
أخي الزوج المبارك ..
أتدري من زوجتك ؟. إنها فراشك وموضع سرك ، وأسيرة بيتك ، إنها موطن المودة
والرحمة التي قال الله عنها " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ
أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
وَرَحْمَةًَ " إنها موضع قضاء وطرك وإعفاف نفسك ، إنها طاهية
طعامك وكانسة منزلك ، ومنظفة ملابسك ، ومرتبة حالك ، ومربية أولادك ، فهل أدركت
يا ترى كل هذه الأبعاد ؟ إن كثيرا من الأزواج لم يعد يأبه بزوجته فلم يتق الله
في أهله ، ولم يرع العهود التي بينه وبين زوجه ، فرويدا .. رويدا .. ورفقا رفقا
بزوجاتكم ، ومزيدا مزيدا من حسن التعامل ، ولطف العشرة ، ودماثة الخلق معهن .
إني أخاطبك ، وأنادي فيك رجولتك قبل عقلك ، أخاطبك وأناديك بخطاب رسولك صلى
الله عليه وسلم يوم أن قال : رفقا .. رفقا بالقوارير ألم تسمع قول ربك لك " فإن
كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا " ألم تتأمل قول رسولك
صلى الله عليه وسلم " استوصوا بالنساء خيرا " ألم تفقه قوله عليه الصلاة
والسلام " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " ألم تهزك كلماته الجميلة وهو
ينادي الرجال " خياركم خياركم لنسائهم " وقوله " إن من أكمل المؤمنين إيمانا
أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله " ألم تقرع أذنيك وصيته صلى الله عليه وسلم بالنساء
في حجة الوداع وهو يقول أمام الآلاف من الرجال " اتقوا الله في النساء فإنكم
أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله " ويقول " استوصوا بالنساء
خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإذا ذهبت
تقيمُه كسرت ، وإذا تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا " يقول ابن كثير
رحمه الله تعالى في قوله تعالى " وعاشروهن بالمعروف " أي : طيِّبوا أقوالَكم
لهنَّ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منكم .. نعم .. كم
هم الرجال الذين يتوهمون أن الزواج هو مقبرة الحب والرومانسية ، وأن الرومانسية
في التعامل مع الزوجة وتبادل الأحاسيس الرقيقة ، والمشاعر المرهفة معها ،
وبثّها حديث الغرام ومناجاتها بأشعار الهيام شيء خاص مقصور على أيام الملكة فقط
تنتهي صلاحيته مع نهاية الملكة ، وهذا في الحقيقة ظن خاطئ ووهم كبير ، كيف لا
..؟ والإعتراف المتبادل بالحب والمودة الصادقة الخالصة بين الزوجين هو الذي
يسموا ويترعرع ويكبر تحت ظل شجرة الزواج الوارفة الظليلة .
تذكر دائما أن زوجتك حين تأتي إليك ، وتقبل تجاهك ، فإنها تحمل قلبا ومشاعر
مرهفة ، نعم تحمل مشاعر وقلبا لتقدمه لك على طبق من ذهب ، فإذْ بها تفاجأ بك ،
وقد أخذت مشاعرها وأحاسيسها تلك لترمي بها في مهب الريح ، فتذهب أدراجها ،
وحينها يئن قلبها وينزف ، ويتألم فؤادها الجريح ، ويتأوه وجدانها الذبيح ،
وتنهمر من عينيها الدموع الساخنات ، وتتصاعد من أعماق قلبها الآهات والزفرات ،
لقد تركتها أيها الزوج مذبوحة بخنجر الصدود ، ومقتولة بسيف الجمود ، فهي تتمنى
أنك لو ضربتها بالسياط لكان في قريرة قلبها أسهل بكثير من صدودك العاطفي تجاهها
، فلماذا كل هذه القسوة مع رفيقة دربك ، وأسيرة فؤادك ، ومهجة عينك وروحك ،
لماذا ...؟ ألا تعلم كم هي الآلام النفسية ، والجراح الوجدانية التي يسببها
صددوك عنها ويؤدي إليها احتقارك لمشاعرها ونفورك من فيض حبها وودادها ، نعم ..
أتعلم مدى تأثير ذلك الصدود على نفسها وعلى كبريائها وعلى أنوثتها والتي أنت في
أمس الحاجة إليها ، فلماذا المكابرة والعناد ؟
لا تقل : قد تقدم بي السن ، فلم أعد بحاجة إلى تلك المشاعر والعواطف ، أنا لا
أريد ذلك الفيض من الحب فأنا لست بحاجته ، فلدي من الأعمال والأشغال
والارتباطات ما يجعلني أنسى تلك العواطف والتُفاهات لكنني أقول لك : إن لم تكن
بحاجة إلى تلك العواطف الرقراقة والمشاعر الفواحة ، فما ذنب زوجتك إذا التي أتت
تحمل مشاعرها الرقيقة لتهديها لك وتشنف بها أذنيك ؟ ما ذنبها الذي اقترفته حتى
تقابل صافي حبها وودادها بالجحود والصدود والجمود ؟ صحيح .. أنك ربما قد تعاني
من ضغوط العمل ، أو بعض المشاكل الاجتماعية أو النفسية ، لكن لماذا تحمِّلها
خطأ غيرها ؟ ولماذا تعاقبها بجريرة سواها ؟ ولماذا تحاسبها على خطأ لم ترتكبه
يداها ؟ ألم تكن في بداية عمرك مع شريكة حياتك تبحث عن هذا الحب الصافي ،
وتتمنى هذه المشاعر الرائعة ؟ لقد أخطأت الطريق أخي الزوج ، نعم .. أخطأت
الطريق وتاهت بك الخطوات في دروب القسوة والغلظة ، فليس ثمة إنسان لا يحتاج إلى
العاطفة الصادقة والمودة الصافية ، إني أقولها بملئ فيّ الذي بين فكي ( ليست
هناك حياة جميلة بغير هذا السحر الخفي الحب )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأزواج .. رفقا بالقوارير
(7)