|
بسم الله الرحمن الرحيم
(( سلاسل بحوث منهاجية لإصلاح تلك المضغة )) .
السلسلة الأولى :
كم
مِنّا مَنْ أسْلم وجهه لله عن إحسان !!
السلسلة الثانية : ماذا تعرف عن أصـول الصلة
مـع الله ؟!
السلسلة
الثالثة : ضـرورة فقه تسلسل الأسباب
والنتائج
الحمد لله القائل ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله )) ، والصلاة والسلام على نبيه القائل:(( إذا همّ -
وفي رواية
إذا أراد
- أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة...))، وعلى آله وصحبه أجمعين
.
توطئة :
نظراً
لأهمية مكاشفة النفس لإصلاح تلك المضغة ، فلا بد من معرفة أصولها مع ما
تقدم من أصول أخرى في السلسلة الثانية : (( أصول الصلة مع الله ))
، فمعرفة الأصول تغني عن كثير من الفصول ،حيث يصعب تصور إصلاح تلك المضغة
دون العمل بتلك الأصول ، والعلم قبل العمل .
الأصل
الأول: معرفة ومراقبة
الاعتقاد والعمل
الاعتقاد الصحيح لا ينشأ إلا من علم نافع ، وأحكام التكليف خمسة: واجب،
محرم، مكروه، مستحب، مباح، فمتى عرف
العبد ذلك قبل أي عمل ؛ ساعده على الإقبال أو الإحجام ، ومراقبة الاعتقاد
والعمل تتيحان للعبد ملاحظة وكشف أي تغير يحدث قبل أن تتكاثر النكت
السوداء، فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرِبَ من هواه .
وقد جاء في الحديث :
((
تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة
سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض
مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا
كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ))
[3].
مربادا: شدة البياض في السواد .
مجخيا:
منكوسا .
مثال:
رجل
كان يعتقد ويقول خيراً في فلان، ثم أصبح يقول فيه شراً، فهذا التغير إذا لم
يكن مبنياً على سبب شرعي مبرر صحيح ؛ فقد فتن في دينه بقدر قلتها وكثرتها
أو حجمها
الأصل
الثاني: معرفة ومراقبة النية ومجاهدتها وتنقيتها من الشوائب
العلم
بالنية مصحح للعمل والمراقبة شطر الإحسان ويزداد الأجر والإثم بتفاوت النية
فمعرفة ومراقبة النية تساعد العبد على
:
1)
معرفة حكم العمل وخصوصاً عند حصول اللبس ، ومثاله:
أراد
شخص أن يذكر رجلاً بعيب فيه ، فإذا راقب نيته لأقبل أو أحجم عن ذلك؛ لأن
الحلال والحرام سيصبح حينها من الوضوح ما يكفي للإقبال أو الإحجام ، ومن
ذلك ما جاء في الحديث الذي ((... والإثــــــم ما حــــــــاك فـــــي صدرك
وكرهت أن يطلع عليه الناس )).
فالأصل
أن المسلم يعرف نيته ويستطيع تمييز لمة الملك من لمة الشيطان ،
ولكن كما
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية :
((وَكَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُوحِي إلَى الْبَشَرِ
مَا تُوحِيهِ وَإِنْ كَانَ الْبَشَرُ لَا يَشْعُرُ بِأَنَّهُ مِنْ
الْمَلَكِ كَمَا لَا يَشْعُرُ بِالشَّيْطَانِ الْمُوَسْوِسِ
))
.
وذلك
بسبب قلة مراقبتها ومجاهدتها يصل إلى مرحلة لا يعرف الفرق بين اللمتين ،
أو يشك في نيته أو لا يدركها، وقد قال بعض السلف: (( من لا يعرف نيته لا
يعرف دينه )) .
2)
معرفة الأسباب الحقيقية لأي عمل ، -ونكرر نفس المثال- فقد يكون لبيان حق أو
لإسقاط الغير.
3)
تصفية النية ومجاهدتها من الشوائب وحظوظ النفس وللوقاية من أمراض القلوب .
الأصل
الثالث: فقه تسلسل الأسباب والنتائج
إن عدم
فقه هذا الأصل يعد من أكثر الأشياء شيوعا في تخبط وتعثر كثير من الناس
في حل مشاكلهم ، بل وأحيانا زيادتها ، سواء في علاقتهم مع المخلوقين أو
مع صلتهم بخالقهم ، وذلك حينما تُصنف النتائج على أنها من الأسباب ؛ لذا
يخفق دائما في وضع الحلول العملية السهلة للخروج من الدوامة التي يعيش فيها
.
وقد تم إفراد هذا الأصل بسلسلة مستقلة . وهي السلسلة الثالثة تحت عنوان
((ضـرورة فقه تسلسل الأسباب والنتائج )) . لذا فلا حاجة إلى الإطالة
والتكرار وكما قيل : (( الكلام إذا طال أكل بعضه بعضا )) : وهي على الرابط
:
http://saaid.net/Doat/sanad/2.htm
وفي الختام
.. هذا ما يسر الله إذ استخرته والخير ما يسره الله ، وما خاب من استخار
والحمد لله رب العالمين .
توقيع محب الاستخارة
(( اللهم هذه غاية قدرتي فأرني قدرتك واجعل أفئدة المسلمين
تهوي إليها وأرني ثوابها في الدنيا والآخرة .. اللهم آمين، اللهم آمين،
اللهم آمين
))
.
-----------------------------------------
) متاحة على الرابط :
http://saaid.net/Doat/sanad/1.htm
[2]
) فائدة
:
المعرفة إدراك الشيء بتفكر وتدبر، فهو أخص من العلم، يقال مثلا :
فلان يعرف الله ولا يقال: ( يعلم الله ) ، و لما كانت المعرفة
تستعمل في العلم القاصر المتوصل إليه بتفكر . (( التعاريف 1/511))
، والعلم هو إدراك الشيء على حقيقته إدراكا جازما . ( مختصر أصول
الفقه ) . لابن عثيمين - رحمه الله-
.
[3]
) أخرجه مسلم .
) أخرجه مسلم وغيره .
[5]
) (( مجموع الفتاوى : 17 / 530)) .