|
الحمد لله ، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاهُ ،
واتَّبعَ هُداه ، وبَعْدُ :
فقد رأيتُ كتابًا مطبوعًا بعنوان «الأسئلة العراقيَّة ، في مَسَائل الإيمان
والتَّكفير المنهجيَّة ، وأجوبة فضيلة الشَّيخ صالح بن فوزان الفوزان» ، ضَبْط
وتَعْليق عليّ بن حَسَن بن عليّ بن عَبْد الحميد الَحلَبيّ ، ونَشْر «دار
المنهاج» بالقاهرة عام (1426هـ) في نحو (38) صفحة تقريبًا .
وزَعَمَ الضّابطُ والُمعلِّقُ (عليٌّ الحلبيّ): أَنَّها أسئلةٌ وَجَّهَها
بَعْضُ طُلّاب العِلْم العراقيِّين لمعالي الشَّيخ صالح بن فوزان بن عبد الله
الفوزان في حَجِّ عام (1424هـ) ، لَـمَّا التقوا به هناك ، فأجاب عليها ،
وأعطاهم إيَّاها .
فَلَمَّا قرأتُ الكتابَ بما فيه مِن أجوبة : قطعتُ بِكَذِبِ نسبتِها إلى
الشَّيخ صالح الفوزان ! وأَنَّها أجوبةٌ مُختلقةٌ عليه ! وذلك لأُمورٍ عِدَّة :
مِنْهَا : الصّياغة والعبارة والتَّراكيب والمُفْردات ، فليستِ الصّياغة
والعبارة والتَّراكيب والمُفْردات في جُـمْلةٍ مِنْهَا ، بصياغة الشَّيخ ، ولا
عباراته ، ولا تراكيبه ، ولا مُفْرداته !
وَمِنْهَا : مُخالفةُ بَعْضِ الأجوبة للمُسْتَقِرِّ الَمعْروفِ مِنْ قول
الشَّيخ واعتقادِه ، ففي الكتاب إقرارُ الشَّيْخِ صالحٍ لِإِرْجَاءِ مُرْجئةِ
العَصْرِ ! مُخْرِجي العَمَلِ مُطْلقًا عن شَرْطيَّة صِحَّةِ الإيمان ! وأَنَّ
هَذَا القَوْلَ الُمبْتَدَعَ مِنْ أقوال أهل السُّنَّةِ ! مع اشتهار مُخالفة
الشَّيخ صالحٍ لهذا ! وحُكْمِه بِأَنَّهُ قَوْلُ الُمرْجئةِ ، لا قَوْل أهل
السُّنَّة ! وقَدْ تكاثرتْ أقوالُ أَئِمَّةُ السَّلَفِ والسُّنَّة في ذَمِّهِم
وتَبْديعِهم وتَضْليلِهم .
وَمِنْهَا : عَدَمُ كتابةِ الشَّيخ صالحٍ الفوزان فتاوى فَرْدِيَّةً ـ كما حصل
لهم مِنْهُ بِزَعْمِهم ـ وإِنَّما المَعْروف مِنْ طريقتِه : إِمَّا الإجابة
شفاهًا ، أو الإحالة على «هَيْئة كبار العُلماء» ، أو«اللّجنة الدّائمة
للإفتاء».
ومع هذا ، رَفَعْتُ الكتابَ مُرْفَقًا به خِطَابٌ مِنِّي لمعالي الشَّيخ
صَالِحٍ حفظه الله ، سائلاً لَهُ عن صِحَّةِ نسبة تلك الأجوبة إليه . فَكَتَبَ
إِلَـيَّ حفظه الله بعدم صِحَّتِهَا !
وَإِنِّـي لَأَعْجَبُ مِنْ ترويج عليّ بن حَسَن الَحلَبيّ ـ هداه الله ـ لـهذه
النُّسخة المكذوبة ، واحتجاجِه على صِحَّتِهَا وثُبوتِها بشهادةِ شهودٍ لا
يُعْرفون ! مع استطاعتِه الاتِّصالَ بالشَّيخ صالحٍ وسُؤالَهُ عن صِحَّةِ
نسبتِها له !
وإذا كان هذا حَالُ الَحلَبيّ المذكورِ في تصحيح نسبةِ أجوبةِ كتابٍ لِعَالمٍ
مُعَاصِرٍ بَيْنَنا ، وهي لم تَصِحَّ ! واعتمادِه في إثباتِ صِحَّتِها على شيءٍ
لا يُعْتَمَدُ على مثله ! وتجنُّبهِ طُرُقَ الثُّبوتِ والإثباتِ الُمعْتبرةِ :
فكيف بِحَالِه في تصحيح أحاديثِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم
وتَضْعيفِها ، وقد مَضَتْ عليها قرونٌ طويلةٌ وعصورٌ ، وهو لَيْسَ مِنْ أَهْل
الفَنِّ ولا أربابِه ! بل أعجبُ مِنْ هذا وأغربُ : أَنْ يُنازِعَ أَهْلَهُ
وأَئِمَّتَهُ ! بِرَدِّهِ تَصْحيحاتِهم في بَعْضِ ما ضَعَّفَهُ ! أَوْ رَدِّهِ
تَضْعيفاتِهم في بَعْض ما صَحَّحَه !
لِـهَذَا فَأَنَا أدعو الإخوةَ جميعًا إلى الَحذَرِ مِـمَّا ينسبه الُجهَّالُ
إلى العُلماءِ سابقين ولاحقين ، خَاصَّةً إذا نسبوا إليهم أقوالاً مُسْتغربةً
ليستْ مَعْروفةً عَنْهم في الُمسْتَقِرِّ المُعْتَبرِ ! فَهَؤلاءِ بين
مُخْتَلِقٍ للكَذِبِ شَاهِدٍ بهِ عَلَيْهِ ! وبَيْنَ جاهلٍ لا يَعْرِفُ ما
يَصِحُّ مِن الأقوال المَنْسوبةِ ومَا لا يَصِحُّ ! وكيف السَّبيلُ إلى مَعْرفة
صِحَّتِهَا ؟ وإِنْ كَانتْ تلك الأقوالُ لِعَالمٍ بَيْنَ ظهرانينا ! فكيف
الحالُ لو كانتْ لِإِمَامٍ مُتَقَدِّمٍ ؟!
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لي وله الهداية والتَّوفيق ، وأَنْ يُقِيْمَنَا
على السُّنَّة ما حيينا ، ناصرين لها ، غَيْرَ مُبَدِّلِينَ ولا شَاكِّينَ ،
وأَنْ يُعَافِـيَ الأُستاذَ عَلِيًّا الَحلَبيَّ مِنْ بدعة الإرجاء ،
ونِسْبتِها لِلأَئِمَّةِ ، والانتصارِ والاحتجاجِ لها وللقائلين بها
وتَرْويجِها ، وصَلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وعلى آلِهِ وصَحْبِه
أَجْمَعِينَ .
كـتـبـه
عَبْد العزيز بن فيصل الرَّاجحيّ
الرّياض
الاثنين 15/4/1426هـ
ص.ب 37726 الرّمز البريديّ 11449





