|
عَوْدًا على بَدْءٍ ، والعَوْدُ أحمد!
(1/2)
6/7/1423هـ
الَحمْدُ للهِ ، وبَعْدُ : فكنتُ قد كتبتُ مقالاً نُشِرَ في«جَرِيدة الَجزِيرة»
يوم الأحد (28/9/1421هـ) في الصَّفحة التُّراثيَّة الَمعْروفة ، الُمسمّاة : بـ«وَرَّاق
الَجزِيرة».
بَيَّنْتُ فيه : سَرِقَةً عِلْمِيَّةً كَبِيرةً ، قَامَ بها أَحَدُ السُّرّاقِ
الُحذّاق ! وليستْ أُوْلَى سَرِقَاتِه ! ولا إخالها الأخيرة ! وهو عليّ بن
حَسَن الَحلَبيّ .
وكان قد عمد إلى«كتاب النِّهاية في غَرِيب الَحدِيث والأثر» لابن الأَثِير،
بتحقيق الأُسْتاذَيْنِ الكبيرَيْنِ : الطَّاهر الزّاويّ ، والدّكتور محمود
الطَّناحيّ رحمهما الله ، وكان في خمس مُجَلَّداتٍ كِبَارٍ ، فجَعَلهَا ـ هَذَا
الَحاذِقُ ـ في مُجَلَّدٍ واحدٍ كبيرٍ، بِخَطٍّ دَقِيقٍ ، ووَرَقٍ رَقِيقٍ ،
ووَجْهٍ صَفِيقٍ !
وقد بَيَّنْتُ في تلك الَمقَالَةِ : عَظِيمَ جُهْدِهما رحمهما الله ، وكَبِيرَ
عنايتِهما ، بطبعتِهما تلك ، وما قَامَا به ، حَتَّى خَرَجَ عَمَلُهُمَا بتلك
الصُّورةِ البَدِيعَة .
وذَكَرْتُ ـ فيما ذَكَرْتُ ـ : أَنَّهُمَا ـ كَمَا ذَكَرَا ـ جَعَلا «الطَّبْعة
العُثْمانيَّة» ، لكتاب «النِّهاية»: أَصْلاً ، ثُمَّ صَحَّحَا أخطاءَ تلك
الطَّبْعة ، وصَوَّبَا ضَبْطهَا ، ثُمَّ قابلاهَا على نُسْخةٍ خَطِّيَّةٍ
جَيِّدةٍ ، لكتاب «النِّهاية» مَحْفوظةٍ «بدار الكتب المصريّة» ، برقم (516
حديث) في مُجَلَّدٍ كَبِيرٍ، ورَمَزَا لهذه النُّسخة بِحَرْف ( أ ).
ثُمَّ عمدا إلى نُسْخةٍ نَفِيسةٍ مِنْ«كتاب الغَرِيْبَيْنِ» للهَرَويِّ ـ ولمْ
يكن طُبِعَ حينذاك ـ في ثلاثٍ مُجَلَّداتٍ ، مَحْفوظةٍ بـ«دار الكتب المصريَّة»
برقم (55 لغة تيمور) إِذْ أَنَّهُ أَحَدُ مصادر الُمؤلِّفِ ابن الأثير .
وَقَابَلا نَقْلَ ابْنِ الأثير مِنْهُ ، تَوْثيقًا للنَّقْل ، وتَصْحيحًا
لِـمَا قد يحصل في الأَصْلِ مِنْ تَحْرِيفٍ ، أو تَصْحيفٍ .
وذَكَرَ الأُستاذانِ : أَنَّهما وَقَفَا ـ بعد تلك المُقابلة ـ على فُرُوقٍ
مُهِمَّةٍ جِدًّا .
وكَانَ ابنُ الأَثِيرِ إذا نَقَلَ مِنْ «كتاب الغَرِيبَيْنِ» للهَرَويِّ :
سَبَقَهُ بِحَرْفِ (هـ) ، إِلَّا أَنَّ ذلك قد تَخَلَّفَ في مواضعَ كثيرةٍ !
فَقَامَ الأُستاذانِ باستدراك ذلك كُلِّهِ ، ووَضَعَا الرَّمْزَ (هـ) لِـمَا
نَقَلَهُ ابنُ الأثير مِنْهُ ، ولَـمْ يرمزْ له ، إِلَّا أَنَّهما جعلاه بين
مَعْكوفَيْنِ [ ] تَـمْيِيْزًا لِعَمَلِهِمَا مِنْ عَمَلِه .
وَرَاجَعَا في ضَبْطِ «كتاب النِّهاية» وتَصْحِيحِه : كُتُبًا كَثِيْرَةً ، كـ«الفَائقِ
في غريب الَحدِيثِ» للزَّمَخْشَرِيِّ ، و«لِسَان العَرَب» لابن مَنْظور ،
و«تَاجِ العَرُوسِ» لِـمُرْتَضَى الزَّبِيديِّ ، وأَثْبَتَا فُرُوْقَهَا
ورواياتِها في مواضع كثيرة ، وسَجَّلا تَعْقيباتِ السُّيُوطيِّ على
«النِّهايةِ» ، وزياداتِهِ مِنْ كتابِه«الدُّرِّ النَّثِيْرِ».
كَمَا رَاجَعَا :«جَامِعَ الأُصُولِ» لابن الأَثِيرِ ، وكُتُبَ الَحدِيثِ
نَفْسَها ، في تَصْحيحِ بعض الألفاظ ، أو إزالةِ إشكالها .
واحتكما في ضَبْطِ مَوَادِّهِ اللُّغويَّةِ : إلى المعاجم ، في كُلِّ صَغِيرَةٍ
وكَبِيرَةٍ ، كما ذَكَرَا رحمهما الله .
وَبَعْدَ جُهْدِ الأُسْتَاذَيْنِ (الزّاويّ والطَّنَاحيّ) رحمهما الله ،
وعَمَلِهِمَا فيه سنين ، عَمَلَ تَحْقِيْقٍ وتَدْقِيْقٍ ، لا اخْتِلَاسٍ
وتَلْفِيقٍ ! : أَتَى هَذَا الَحاذِقُ !(عَليٌّ الَحلَبيُّ) مع مركز (ن) ،
وسرقوا جُهْدَ الأُسْتَاذَيْنِ ، بل زادوا على قُبْحِ فَعْلَتِهم : أَنْ كتبوا
على غلاف طَبْعَتِهم تلك :(حقوق الطَّبْع مَحْفوظة 1421هـ ! لا يُسْمح بإعادة
نَشْرِ هذا الكتاب ! أو أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ ! بأَيّ شَكْلٍ مِن الأشكال ! أو
حِفْظِه أو نَسْخِه ! بأَيِّ نظام ميكانيكي ، أو إلكتروني ، يُمكّن مِن استرجاع
الكتاب ! أو تَرْجمتِه إِلَى أَيّ لُغَةٍ أُخْرَى ! دُونَ الُحصُولِ على إِذْنٍ
خَطِّيٍّ مُسْبَقٍ مِن النَّاشر!) انتهى بنَصِّه .
حِفَاظًا على سَرِقَتِهم هذه أَنْ تُسْرَقَ ! وكأَنَّ النَّاسَ ليس لهم حقوقٌ
في حِفْظِ حقوقِهم وجهودِهم ! أو أَنَّها تُصْبِحُ كَلَأً مُباحًا بعد مَوْتِهم
!
وهَذَا ، وَإِنْ كُنْتُ قد ذكرتُه في ذلك المقال الأَوَّل الُمشَار إليه ،
إِلَّا أَنّي أعدتُه هنا : لبيانِ عَظِيمِ جُرْمِ هذا السّارق مِنْ وَجْهٍ ،
وإحاطةِ مَنْ لَـمْ يَقِفْ على مقالي الأوَّل ، بمُخْتصرِ ما فيه مِنْ وَجْهٍ
آخر .
وبعد هذه الفَضِيحةِ ، بِالشَّواهد والدَّلائل الصَّحِيحةِ : حَارَ فِكْرُ هذا
السّارق ! كيف يَصْنعُ ؟ وأَيَّ خَرْقٍ ـ عساه ـ يَرْقَع ! فَسَكَتَ دَهْرًا ،
وحين نَطَقَ نَطَقَ كذِبًا ومَكْرًا !
فَرَدَّ عَلَيَّ ضِمْنَ كتابٍ طَبَعَهُ حديثًا سَمَّاهُ :«الرَّدُّ البُرْهَاني
، في الانتصارِ للعَلَّامةِ الُمحَدِّث ، الإمام الشَّيْخِ محمَّد ناصر الدِّين
الأَلبانيّ»(وهو رَدٌّ على جُزْءٍ صَغِيرٍ ، كَتَبَهُ الدّكتور محمَّد أبو
رُحيِّم ، بعنوان :«حقيقة الإيمان عند الشَّيخ الألبانيّ») في مُجَلَّدٍ ، كان
رَدُّهُ عَلَيَّ في الصَّفحات (235-238).
فَرَمَاني ـ أَنَا ـ بالسَّرِقَةِ !! ولَبَّسَ ، ودَلَّسَ ، وحَرَّفَ ، بل
وَكذَبَ ! مِنْ غَيْرِ حَيَاءٍ ولا أَدَب !
ثُمَّ في آخِرِهِ تَوَعَّدَ وتَهَدَّد ! إِنْ لَـمْ أَكُفَّ : أَنْ سَيَفْعَلَ
!! وَأَنْشَد :
إِنْ تَنْجُوْا (مِنَّا) تَنْجُ مِنْ ذِي
عَظِيْمَةٍ *** وَ إِلَّا فَـإِنِّي لَا أَظُــنُّــكَ نَـاجِــيَـا
فَتَذَكَّرْتُ قَوْلَ الشّاعرِ الُمجِيْدِ ،
وأَنْشَدْتُ :
فَـدَعِ الـسَّـفَاهَـةَ إِنَّـهَـا
مَـذْمُـوْمَـةٌ *** وَ الْكَـفُّ عَنْهَا في العَـوَاقِبِ أَحْـمَدُ
وَ دَع ِ الـتَّـهَـدُّدَ بِالُحـسَـامِ جَـهَالَـةً *** فَحُـسَـامُكَ
القَـطَّاعُ لَـيْسَ لَـهُ يَـدُ
مَـنْ قَـدْ تَرَكْتَ بهِ قتِيْلا ً أنْبني *** مِمَّنْ توَعَّدُهُ وَ مَنْ
تتهدَّدُ
إنْ لمْ أَمُتْ إلا َّ بسَيْفِك َ إننِي *** لقرِيرُ عين ٍ بالبَقاءِ مُخلدُ
اسْكتْ ! فلوْلا الحِلمُ جَاءَك َ مَنطِقٌ *** لا مَيْنَ فِيْهِ يَذُوْبُ
مِنْهُ الجلمَدُ
يُنبي بأسْرَار ٍ لدَيْك َ عَجِيبة ٌ! *** لكِنْ جَمِيْلُ الصَّفح ِ مِني
أعْوَدُ
وأنا أُجْمِلُ بيانَ تلبيسه ، وتدليسه ، وتحريفه
، وكذبه في نقاطٍ مُخْتصرات :
إحداها :
لقبني -أو حاول- ب«وَرَّاق الجزيرة» ! مُوهمًا أَنهُ لقبي ! ومكتوبٌ على رأس
مقالي ! بل زَادَ أَنْ قال:(كما هو مُثبتٌ على رأس الصَّفحة ، والإنصافُ
عزيز)!!
وهَذَا كذِبٌ ، فإنَّ «وَرّاقَ الجزيرة» : اسمٌ للصَّفحة التُّراثيّة ،
ب«جَريدة الجزيرة» وليستْ لقبًا لي ، ولا لغيري ! وهَذَا ظاهرٌ ، إلا َّ أَنهُ
يريد أمرًا ما ! لمْ يَتِمَّ لهُ ! شفاهُ الله ُ، أَوْ شَافاه !
النّقطة الثانية :
زَعَمَ أَنَّ بَعْضَ«الحِزبيِّين» -كما سَمّاهم ، ولمْ يُبيِّنْ مَنْ يريد !-
حاولوا التَّلبيس! بأَني - أنا- : عبد العزيز (بن عبد الله) الرّاجحي !
الشَّيْخُ العالِمُ الكبير، لِيُرَوِّجَ هؤلاءِ الملبِّسُوْنَ - بزَعْمِه -
مقالي ذلك !!
وهَذَا كذِبٌ مِنْ وجهَيْن ِ:
أحدهما : أَنَّ اسمي كتِبَ ثلاثِيًّا على المقال ، بل وصُوْرَتِي كانتْ معه ،
فكيفَ يكونُ التَّلبيس؟!
الثّاني : أَنَّ كوْنَ كاتبهِ هَذَا أو ذاك ، لا يُغيِّرُ في الحقيقةِ شَيْئًا
- وليس هو مَحَلّ النِّزاع ، ولا طرَفا فيه - : فالسّارقُ سَارق ! والدَّليل
قائِمٌ في (الفارق) !
النّقطة الثالثة :
أغضبَ الحلبيَّ كثيرًا : تلقيبُ الدّكتور أبو رحيِّم لي : ب(الأُستاذ) ،
فاشْتَط َّ به الغَضَب ، فقال :(فإذا بهذا الوَرّاق - لِرَدِّهِ على عَلِيّ
الحلبيّ- يُصبحُ بقدْرةِ قادِرٍ : أُسْتاذاً ! فأقولُ : أُسْتاذُ ماذا ؟! يا
هَذَا ! لعلها مِن بابةِ أُستاذِيتك ، الواردة إليك في الأحلام ! في اليقظة
والمنام ! ) اه كلام الحلبيّ .
وهذا تلبيس ، يُظهرُه أمورٌ :
1-
أَني عند هَذَا (السّارق) : مَجْهولُ حَال ٍ! فلا يعرفني ، أكنتُ أستاذاً ! أم
لمْ أكن ! فبمَ نفى ذلك ، وقد أثبتهُ أبو رحيِّم ؟! أَمْ أَنَّ رَدِّي عليه ،
مُسْقِط ٌ لأُسْتاذِيَّتي ! إنْ كنتُ أُسْتاذاً ؟!
2-
وكيف عَرَفَ أَنَّ سببَ أُستاذِيَّتي - عند الدّكتور أبو رحيِّم- هي رَدِّي
عليه؟!
ثمَّ إنَّ الحلبيَّ أَصْلا ً: لا يُقيمُ لهذهِ الألقابِ اعتبارًا ! لا (أُستاذ)
، ولا حَتَّى (دكتور) ! فقد اعتبرَها في كتابهِ هذا (ص42) وفي غيرِ موضعٍ :
مِنَ (الإهالات) ! التي لا تُعبِّرُ - ألبتة - عن أَيِّ ثقةٍ علميّةٍ ، وإنما
هي مَحْضُ (شهادات) فارغة ! وألقابٌ خَاوية ! كذَا قالَ ! فإنْ كانتْ لا قيمة
لها - كما ذكر - فلِم َ نفاهَا عَني؟!
وكان الحلبيُّ يعني بكلامِهِ ذلك - في نفي قيمة الألقابِ العِلميّة- :
الدّكتورَ أبو رحيِّم ! وجَعَلَ الحلبيُّ العُمْدَة َ في الثقةِ العِلميّة :
إلى (الإجازات) ، فقال في كتابهِ (ص42):(فالإجازاتُ العِلميّة ُ مِنْ مشايخ
العِلم ، وأهل الفضْل : هي الأصل الأَصيل ، النافي جَهْلَ كلِّ دخيل ، وقد
مَنَّ الله ُ علينا - وله الفضْلُ وَحْدَه - بعَدَدٍ منها ، عن عَدَدٍ مِنْهم ،
وأثباتُهم في ذلك مَحْفوظة ، كالشَّيْخِ العلامة حَمّاد الأنصاريّ ، والشَّيْخ
العلامة بديع الدِّين السِّنْديّ ، والشَّيْخ العلامة عطاء الله حنيف
الفوجيانيّ ، والشَّيْخ العلامة عبد الله بن سَعِيد اللحْجيّ ، والشَّيْخ
العلامة مُحِبّ الله الرّاشديّ ، والشَّيْخ العلامة محمَّد السّالك الشِّنقيطيّ)
، ثمَّ قالَ :(وغيرهم).
ثمَّ قالَ :(والإجازاتُ العِلميّة ُ هذه - في أَصْل ِ وَضْعِها- : هِيَ
المعَبِّرة ُ تَمَامًا ، عن حقيقةِ الثقةِ العِلميّة ، الممْنوْحَةِ مِنْ قِبَل
ِ المجيزِ في المجَاز) اه كلامُه .
وأقولُ : هَذَا مقياسُ العِلم عنده ، ولا بأس ! فإنْ كان ذلك كذلك : فإني
أَعْلمُ منه ، وأَرْفعُ ، وأَوْثقُ عِلمِيّة !! فإنَّ مشايخي الذين أجازوني ،
أضعافَ أضعافِ مَنْ أجازُوه ، بل إنَّ منهم : شيوخَ بَعْض ِ مُجيزيه ! فأَنا في
طبقة بَعْض ِ شُيُوخِه ! وقدْ أُجِزْتُ - بحمْدِ الله - عن نحو مِئَةِ مُسْندٍ
بل يزيدون ، غيرَ مَنْ دَرَسْتُ عليهم .
فإنْ كنْتُ عند الحلبيّ - بَعْدَ هَذَا - : لا أستحقُّ لقبَ (أُستاذٍ): فماذا
يكونُ هو؟!!
النّقطة الرّابعة :
زَعَمَ أَني سَارق ! لِسَرِقتي - كما يَزْعم - مَعْلومة َ طبعات«كتاب
النِّهاية» لابن الأثير : مِنْ مُقدِّمة الطناحي ! فقالَ :(فقد أوقعَ الله
تعالى هذا الوَرّاق ، ومَنْ تابعه مِمَّنْ ليس له خَلاقٌ ، أو أخلاق ! -
لِشَرِّ صنيعه - ببَعْض ِ ما اتهَمَ فيه غيْرَهُ بالباطل . فقد ذكرَ في طيِّ
مقالهِ : عَدَدَ الطبْعاتِ التي طبعَتْ مِنَ الكتاب ، وبَينَها ! مُحَدِّدًا
تواريخها ! ومُحققيها ! دُونَ أَنْ يذكرَ لِقرّائِه ، مِمَّنْ مُسُّوا ببَلائِه
! مَصْدَرَ هذه المعلومةِ النادرة ! التي لايستطيع أَنْ يَعْرفها مُجرَّدُ
وَرّاق ! مع أَنَّ المصدرَ مَعْروف ، وهو بين يديه : إنهُ مُقدِّمة الدّكتور
مَحْمود الطناحيّ ، وزميلِه !!) إلخ كلامِه .
وهَذَا كذِبٌ مِنْ وجوهٍ :
1-
أحدها : أَنَّ هذه المعلومة َ ليستْ بنادرة ، وهي في مصادر كثيرة ! لعَلَّ
جَهْل الحلبيِّ قد عَمَّهَا ، فلم يَعْرِفها ! فهي في :«مُعْجم المطبوعات
العَربيّة والمعَرَّبة» لسركيس(1/35) ، و«ذخائر التُّراث العَربيّ الإسلاميّ»
لعبد الجبّار(1/39) ، و«فهرس المكتبة الأَزهريّة» (1/634-635) ، و«دليل مُؤلفات
الحديث الشَّريف»( 1/120-121) وغيرِها .
2-
الثاني : أَنَّ بَعْضَها - بحمْد الله - تَحْتَ يَدِي ، واطلعتُ عليه .
3-
الثالث : أَنَّ الحلبيَّ لمْ يَظنَّ ذلك إلا َّ لأَمْرَيْن ِ: جَهْله ، وقد
قدَّمْنَا دَلِيْله . والآخرُ : سَاءَ فِعْله ! فقبُحَ ظنهُ ، على حَدِّ قوْل
المتنبي :
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ، ساءَتْ ظنونهُ ***وَ
صَدَّقَ ما يَعْتادُهُ مِنْ توَهم ِ
4-
الرّابع : لوْ سَلمْنَا لهُ جَدَلا ً- ولا نُسلمُ أبدًا- : أَنَّ هذه سَرِقة ٌ
! لثلاثةِ أسطر ! مِنْ مُقدِّمةِ الطناحيّ ! وكنْتُ - كمَا حَكمَ عَليَّ-
سَارِقا ! وصَنِيعي شَرٌّ ! لِهَذِهِ الأسطرِ الثلاثة ! : فمَا حَالهُ هو ،
وقدْ سَرَقَ آلاف الأسطر ! مِمّا قد حَوَتهَا مُجَلداتُ «النّهاية» الخمْسَة
الكِبَار ، بتحقيق الزّاوي والطناحيّ ؟!! أخشى أَنْ يَحْكمَ على نفسِهِ -
لِفرْطِ حساسيَّته ! ودِقة خشيتِه ! - بأَنهُ مَارِقٌ ! لا سَارق !
النّقْطة الخامسة :
تساءَل الحلبيُّ عَنْ : سَبَبِ خَصِّي سرقته - لكتاب «النِّهاية» لابن الأثير-
بالكتابةِ والبيان ، وأَنا أَرَى - كمَا ذكر- أعمالا ً(سَرِقاتٍ) كثيرة ، شبيهة
بعَمَلِه ؟!
ثمَّ ضَرَبَ مثالا ً فقال :(ولِمَاذا أغمضَ عَيْنَيْهِ مثلا ً، عن«الكتب
السِّتَّة» الصّادرة مِنْ وَقتٍ قريبٍ جِدًّا ، قريبًا منه جدًّا في الرّياض !
في مُجَلد واحد ، وحَالُ هَذَا المجَلد ، كحال ذاك المجَلد ! في الملحظِ ،
والصُّوْرة ، والحقيقة ، نشْرًا وإشرافا) إلخ .
وجوابُ هذه الكذبات الباردات ، والتَّلبيسات السّاقطات ، سَهْلٌ مِنْ وجوهٍ :
1-
أحدها : أَني لمْ ألتزمْ فضْحَ كلِّ اللصوص ! فإنْ فضحتُ لِصًّا واحدًا : لمْ
يلزمني فضْحُ البَقِيَّة ! ولم ألتزمْهُ !
2-
الثاني: أَنَّ (مشوار) الألف ميل ! : يَبْدأُ بخطوةٍ واحدةٍ ! وخُطوتي
الأُوْلىَ : الحلبيُّ ! بل والثانية ! ورُبمَا الثالثة ! إنْ شَاءَ الله ، فلهُ
عندي : تحَف ! مِنْ جِنْس ما عَرَف !
3-
الثالث : أَنَّ قِيَاسَ عَمْل ِ هَذَا السّارق ، في«كتاب النِّهاية» لابن
الأثير ، بعَمَل ِ«الكتب السِّتَّة» المشَار إليه : قِيَاسٌ مع الفارق ! فإنَّ
كتبَ الحديث السِّتَّة ، طبعَتْ عشرات الطبْعات ، إنْ لمْ تكن المِئات !
وغالبُها بغيرِ حقوق ولا تَحْقيق ! ولا أعرفُ أَنهم عمدوا إلى طبعة مُعيَّنة
فأخذوها ! بل طبعتُهم تلك : مَزِيْجٌ مِنْ طبعات كثيرة ، حاولوا أَنْ يستفيدوا
منها جميعًا ، ويَخْرجوا بطبعةٍ جديدةٍ جَيّدةٍ ، ولِكلِّ مُجْتهدٍ نصيب !
والمشْرِفُ على تلك الطبْعة : مُحْتسب ، لا مُغْتصب !
أَما الحلبيُّ : فقدْ سَرَقَ طبعة (الزّاوي والطناحي) المحَققة على الوَجْهِ
البديعِ الذي قدَّمناهُ ، وتقاضى على سَرِقتِهِ تلك.....الدُّولارات ، لا
الرِّيالات !
النّقْطة السّادسة :
زَعَمَ الحلبيُّ : أَنَّ بطبعة (الزّاوي والطناحي) : أخطاءًا طباعيَّة ً،
وأوهامًا علميَّة ً، ليستْ قليلة ً، وَقعَ فيها المحَققان ِ السّابقان ِ،
وأَنها قدْ صُحِّحَتْ في طبعته تلك !!
وهَذَا باطلٌ مِنْ وجوه :
1-
أحدها : أَنهُ كذِبٌ ، فمَا تلك الأَخطاءُ الطباعيَّة ، والأوهامُ العِلميَّة ،
غير القليلة ، التي في طبعة (الزّاوي والطناحي) ، وقامَ الحلبيُّ ، ومَنْ
مَعَهُ بتَصْحيحِها ؟! ولِمَاذا ترَك َ الأمرَ خِلوًا دون أمثلة ، بل حَتَّى
دون مثال واحد .
2-
الثاني : هل وجودُ بضعةِ أخطاءٍ في خَمْس ِ مُجَلداتٍ كبيرةٍ : يُحِلُّ
سَرِقتَها ، بعد تصحيحِ تلك الأخطاء ؟!! إذنْ لنْ يسلمْ كِتَابٌ !!
3-
الثالث : أَنَّ طبعة الحلبيّ هذه المسروقة : هي ذاتُ الأَخطاءِ الطباعيَّة
والأوهام ، وقد وَقفتُ على جُمْلةٍ منها ، أُفرِدُهَا في حلقة قادمة - بمشيئة
الله - مع موضوع ذِي صِلةٍ بهَذَا السّارق ، وكتابِ ابن الأَثير هذا .
النّقْطة السّابعة :
أَنَّ مَحَلَّ النِّزاع بَيْني وبَينَ الحلبيِّ ، هو : في كوْنِهِ سَارقا لطبعة
الزّاوي والطناحي ، أم لا ، فلمَ ترَك َ الحلبيُّ مَحَلَّ النِّزاعِ ، ولمْ
يتكلمْ فيه ! وخَاضَ فيما سَبَقَ مِمّا يعنيه ، ولا يَعْنيه ؟!
مع أَنَّ رَدَّهُ عَليَّ - قد اشتملَ ضِمْنًا- على اعترافِهِ بجنايتِه ! وأَنَّ
أَصْلَ طبعتِهِ تلك : هو طبعة الزّاوي والطناحي !
نُشِرَ هذا المقال في«جَريدة الرّياض» يوم الجمعة
(6 رجب 1423هـ) ، عدد (12502) السَّنَة الثامنة والثلاثون
عَوْدًا على بَدْء ، والعَوْد أحمد! (2/2)
13/7/1423هـ
ملاحق
الملحق الأوَّل
ذكرَ عليّ الحلبيُّ في حاشية (ص238): أَنهُ رَأَى كتابي «هَدْي السّاري ، إلى
أسانيد الشَّيْخ إسماعيل الأنصاريّ»: فوَجَدَ فيه تعصُّبًا للشَّيْخ إسماعيل !
ونبزًا للشَّيْخ الألباني ! ووَصْفا له : بالتَّسرُّع ، والحِدَّةِ في الرَّدِّ
والشِّدَّة ، إلى آخره .
وذكر الحلبيُّ هذه الأوصافَ : مقطوعة ًعَنْ سِيَاقِها ، لِيَسْلمَ له مساقها !
لعِلمِه أَنهُ لو ذكرَها بالسِّيَاق ، لمَا راج تلبيسُه .
الملحق الثّاني
أَنَّ كتابَهُ المذكورَ الذِي أظهرَهُ في ثوْبِ الانتصار للشَّيْخ الألبانيّ
رحمه الله ، وسَمّاهُ «الرّدّ البُرْهاني ، في الانتصار للعلاّمة المحَدِّث
الإمام الشَّيْخ محمَّد ناصر الدِّين الألباني»: ليْسَ في حقيقتِهِ انتصارًا
للشَّيْخ الألبانيّ ! وإنما هو انتصارٌ لنفسِهِ ، وذبٌّ عن فِلسِه !
وهو - كعادتِه- يستغلُّ اسْمَ الشَّيْخ الألبانيّ ! في ترويجِ كتبهِ ، وما
يريدُه ! ولو جَعَلَ كِتَابهُ ذلك دفاعًا عن نفسِه : لِمَا اشْتراهُ أَحَدٌ !
ولا راج !
فإنْ كان حَامِلهُ على تسويدِ ذلك الكتاب : هو الدِّفاع عن الشَّيْخ الألبانيّ
- كما يزعم -: فأَينَهُ عَمَّنْ رَدَّ على الشَّيْخ الألبانيّ في مُجَلداتٍ
مُنذ سنين ، أظهرَ فيها آلافَ التَّناقضات ! ورَمَاهُ بعشرات الاتهامات ؟!
أفليسَ هو أَوْلىَ مِنَ الدّكتور أبو رحيِّم ، السُّنِّيّ ، ذِي الكتاب
الصَّغير المخْتصر ؟!
ولِمَاذا كان غالبُ كتابهِ - أعني الحلبيَّ- : دِفاعًا عن نفسِه ؟!! وبيانا
لقدْرِه ومكانته ؟!!
ولمْ يَأْتِ الدّكتورُ أبو رحيِّم في كتابهِ ذلك الذي رَدَّ عليه الحلبيُّ ،
بمُنْكرٍ مِنَ القوْل ِ ولا زُوْر ، وإنمَا قرَّرَ ما كان قدْ قرَّرَهُ كِبارُ
مشايخنا في«هَيْئة كِبَار العُلمَاء» في فتَاوى عدَّة !
بل بينُوا أَنَّ المبْتَدِعَ المخالِفَ لِمَذْهبِ أهل السُّنة : هو عليٌّ
الحلبيّ ! وسَمَّوهُ باسمِه ، ونصُّوا عليه ، كما يُبيِّنُهُ الملحق الآتي .
الملحق الثّالث :
أَنَّ الحلبيَّ زَعَمَ - كاذبًا في«الرَّدّ البُرْهاني»-: أَنهُ على اعتقادِ
أهل السُّنَّة والجماعة في مسائل الإيْمَان ، وأَنهُ ليس بمُرْجئ ! وأَنَّ
كِبَارَ عُلمَاءَ بلادِنا يوافقونه ! وأَنَّ مَنْ خَالفهُ في اعتقادِه في
الإيْمان ِ: مُبْتَدعٌ خَارجيّ !!
وهَذَا كذِبٌ ظاهرٌ ! فإنَّ مشايخنا الكِبَار ، قد أصدروا فتاوى يُحَذِّرون منه
بعَيْنِه ! ويُبيِّنونَ ابتداعَهُ وضَلالهُ في مسائل الإيْمَان ، وأَنهُ على
اعتقادِ المرْجِئَةِ الضُّلاّل ! مُخالِفٌ لاعتقاد أهل السُّنَّة في الإيْمَان
! كما في فتوى«اللجْنة الدّائمة ، للبحوث العِلمِيّة والإفتاء» برقم (21517)
وتاريخ (14/6/1421هـ ) ، التي حَذَّرَ فيها مشايخنا الكبار ، مِنَ الحلبيِّ
وكتابَيْهِ :«التَّحْذير مِنْ فتنة التَّكفير» ، و«صَيْحة نذير».
وذكر فيها المشايخُ : أَنَّ مؤلفهما الحلبيَّ ، بناهما على مذهبِ المرْجِئَةِ
البدْعيِّ الباطل ، وأَنهُ حَرَّفَ النَّقلَ عن ابن كثيرٍ ، وأَنهُ تقوَّلَ على
شَيْخِ الإسلام ابن تيمية ما لمْ يقلهُ ! وأَنهُ حَرَّفَ مُرَادَ الشَّيْخِ
محمَّد بن إبراهيم في رسالته «تَحْكيم القوانين الوَضْعِيّة» ، وهَوَّنَ مِنْ
شَأْن ِ الحكمِ بغيرِ ما أَنزَلَ الله .
ثمَّ بيَّنَ المشايخُ حفظهم الله في آخر فتواهم تلك : أَنهُ لا يَجُوزُ طبعُ
كتابَيْهِ السّابقين ، ولا نشرُهما ! ولا تداولهما ، لِمَا فيهما مِنَ الباطل
والتَّحْريف .
ثمَّ نصحوا الحلبيَّ بتقوى الله ، وأَنْ يطلبَ العِلمَ الشَّرْعيَّ على
العُلماءِ الموْثوْقينَ المعْروفِينَ بحسْن ِ اعتقادِهم ، وأَنْ يَتْرُك َ هذه
الأراءَ ، والمسلك المزْري في تَحْريف كلامِ أهل العِلم ، كذَا قالوا .
فكيف يزعم الحلبيُّ - هَذَا الكذوبُ-: أَنهُمْ مُوافِقونَ له ؟!
بل قد أصدرت«اللجْنة الدّائمة»: فتْوى سابقة لفتواها هذه ، في حياة شيخِنا ابن
باز رحمه الله ، وتوقيعه ، قبل سنتين مِنْ تاريخ الفتوى السّالفة ، برقم
(20212) وتاريخ (7/12/1419ه) في كتاب «إحكام التَّقرير ، في أحكام التَّكفير»
لِمُرَاد شُكري ، الذي سَعَى في طبعهِ ، ونَشْرِه ، وتزكيتهِ : عَلِيٌّ الحلبيّ
، وكتبَ على غلاف طبعتِهِ تلك :(قرَأَهُ ، وقامَ على طبْعِه عَلِيّ بن حَسَن بن
عبد الحميد الحلبيّ الأثريّ)! واتصَلَ مِنَ الأُردن ، بدار نشْرٍ سعوديّة
بالرِّياض ، وغرَّرَ بصاحبها ! وأظهرَ له الكتابَ على خِلافِ حقيقتِه حَتَّى
طبعه ! ثمَّ كانَ ما كان .
وذكر المشايخُ في «اللجْنة»: أَنَّ مُؤلفَ هَذَا الكتاب (مراد شكري ، المزَكى
مِنَ الحلبيّ): قرَّرَ فيه مذهبَ المرجئةِ الباطل ، وأَنهُ أظهرَ هذا المذهبَ
المرْدِي - كذا قالوا - باسم السُّنة والدَّليل ! وأَنهُ قوْلُ عُلماء السَّلف
!
ثمَّ قالوا :(وكلُّ هَذَا ، جَهْلٌ بالحقِّ ، وتلبيسٌ وتَضْليلٌ ، لعقول
الناشِئَةِ ، بأَنهُ قوْلُ سَلفِ الأُمَّة ، والمحَققينَ مِنْ عُلمائِها !
وإنما هو مذهبُ المرْجِئة).
ثمَّ قالوا :(لِمَا تَقدَّمَ : فإنَّ هذا الكتابَ ، لا يَجُوزُ نشرُه وطبْعُهُ
، ولا نسبة ُ ما فيه مِنَ الباطل ِ إلى الدَّليل مِنَ الكتابِ والسُّنَّة ، ولا
أَنهُ مذهبُ أهل السُّنَّة والجمَاعة ، وعلى كاتبهِ ، وناشرِه : إعلانُ
التَّوْبةِ إلى الله ، فإنَّ التَّوْبة تغفرُ الحوْبة).
ومع أَنَّ رئيسَ «اللجْنة» حينذاك : شَيْخُنا العلامة الإمام ابن بَازٍ رحمه
الله ، وهو أَحَدُ الموَقعينَ على تلك الفتوى ، إلا َّ أَنَّ الحلبيَّ أراد
الكذِبَ عليه بَعْدَ مَوْتِهِ : فزَعَمَ(ص138): أَنَّ الأعمالَ شَرْط ُ كمَال ٍ
للإيْمَان عند الشَّيْخِ ابن باز ! وليستْ شَرْط َ صِحَّة !
ثمَّ قال الحلبيُّ :(مع تفريقهِ رحمه الله بَينَ الصَّلاةِ وغيرِها مِنَ
الأعمال الإسلاميّة ، تَرْجيحًا واجتهادًا).
وذكر الحلبيُّ قبْلهَا بصفحة : أَنَّ قوْلَ الشَّيْخ ابن بازٍ بكفرِ تارك
الصَّلاة : تَرْجيحٌ فقهيٌّ ، ليْسَ إلا َّ !!
وهذه ليستْ أُوْلىَ كذباتِ هذا الفاسق ِ الكذُوب ، ولا إخالها الأَخيرة ، وقد
سَأَلتُ شَيْخنا الإمامَ ابنَ بازٍ رحمه الله عام (1415ه) وكنا في أحد
دُرُوسِهِ رحمه الله عن الأعمال : أَهِيَ شَرْط ُ صِحَّةٍ للإيْمَان ِ، أَمْ
شَرْط َ كمَال ؟
فقالَ رحمه الله :(مِنَ الأعمال ِ: شَرْط ُ صِحَّةٍ للإيْمَان ِ، لا يَصِحُّ
الإيْمَانُ إلا َّ بها ، كالصَّلاة ، فمَنْ تَرَكهَا فقد كفرَ . ومِنْهَا : ما
هُوَ شَرْط ُ كمَال ٍ، يَصِحُّ الإيْمَانُ بدُوْنِها ، مع عِصْيان تاركِها
وإثمِه).
فقلتُ له رحمه الله : مَنْ لمْ يُكفرْ تارك َ الصَّلاةِ مِنَ السَّلفِ ، أيكونُ
العَمَلُ عنده شَرْط َ كمَال ؟ أَمْ شَرْط َ صِحَّة ؟
فقالَ :(لا ، بل العَمَلُ عند الجميعِ شَرْط ُ صِحَّة ، إلا َّ أَنهم اختلفوا
فيما يَصِحُّ الإيْمَانُ بهِ منه ، فقالتْ جَمَاعة ٌ: إنهُ الصَّلاة ُ،
وعَليْهِ إجماعُ الصَّحابةِ رضي الله عنهم ، كمَا حكاه عَبْد الله بن شَقِيق ،
وقال آخرون بغيرِها . إلا َّ أَنَّ جِنْسَ العَمَل ِ، لا بُدَّ منه لِصِحَّةِ
الإيْمَان ِ عند السَّلفِ جَمِيعًا . لهذَا الإيْمَانُ عندهم : قوْلٌ ، وعَمَلٌ
، واعتقادٌ ، لا يَصِحُّ إلا َّ بهَا مُجْتَمِعَة) اه كلامُ شَيْخِنا ابن باز
رحمه الله .
وقد ذكر الحلبيُّ في كتابهِ «الرَّدّ البُرْهاني» رجالا ً أثنى عليهم - هو-
وَهُمْ مِمَّنْ أصدرتْ «اللجْنة الدّائمة» فيهم فتاوى تُحَذِّرُ منهم ، وأَنهم
على اعتقادِ المرْجِئة ! فمَا الذِي جَمَعَهُمْ في كتاب الحلبيّ ؟! ورَحِمَ
الله ُ القحطانيَّ حين قالَ :
لا يَمْدَحُ البدْعِيَّ إلا َّ مِثْلهُ ***
تَحْتَ الرَّمَادِ تَأَجُّجُ النِّيْرَان ِ
الملحق الرَّابع
أَنَّ الحلبيَّ قد زَعَمَ في كتابه «الرَّدّ البُرْهاني»: أَنَّ الشَّيْخَ
الألبانيَّ رحمه الله مِنْ شيوخِه ، مع أَنَّ الدّكتور أبو رحيِّم - وهو
مِمَّنْ صَحِبَ الألبانيَّ كثيرًا- نفى بالدَّليل أَنْ يكونَ للشَّيْخِ
الألبانيّ تلاميذٌ ، لأَنَّ الشَّيْخَ كان مُنشغلا بمُؤلفاتهِ العِلمِيّة ،
ولمْ يَدْرُسْ أَحَدٌ عليه ! ولمْ يأذنْ - هو- بدَرْس ٍ، لانشغالِهِ واعتذاره
عنه !
إلا َّ أَنَّ الحلبيَّ : أنكرَ ذلك ! وزَعَمَ أَنَّ مُرَادَ الدّكتور أبو
رحيِّم مِنْ ذلك : أَنْ يَمْنَعَ الذّابّينَ والمنْتصرينَ للشَّيْخ الألبانيّ
مِنَ الذَّبِّ والانتصار ! وكأَنَّ مِنْ شَرْطِ الانتصار للألبانيّ والذَّبِّ
عنه : التّتلمذَ عليه !! واستدلَّ الحلبيُّ على تلمذتهِ تلك على الألبانيّ :
بأَنهُ قرَأَ عليه «نُخْبة الفِكر» ! في رِحْلة سَفر ! وسَأَلهُ عن مسائل
في«الباعث الحثيث» ! لابن كثير .
و«نُخْبة الفِكر» مُخْتصرٌ في المصْطلح في ورقة واحدة ! ورُبما بَلغَ في بعض
النُّسَخ ورقتَيْن !
وإنْ عجبنا مِنْ تلمذةِ الحلبيّ هذه على الشَّيْخ الألبانيّ على هذا الوَجْهِ ،
فأعجبُ مِنْهَا ادِّعاؤه التَّلمذة َ على الشَّيْخِ ابن بازٍ ، والشَّيْخ ابن
عُثيمين !! رحمهما الله ، كما في كِتابهِ (ص 73و137و146و210).
ولا أدري أَرَافقهُمَا أيضًا في رِحْلة سَفر ! أم أتاهم مُقِيمين بحضَر!!
تَمَّ
ما عندي هنا بحمْد الله مُخْتصرًا ،
وإلى حلقة جديدة ، ضمن هذه «السّلسة» بمشيئة الله ،
وصَلى الله على نبيّنا مُحمَّد ،
وعلى آله ، وصحبه ،
وسَلم تَسْليمًا
كثيرًا
نُشِرَ هذا المقال في«جَريدة الرّياض» يوم الجمعة (13 رجب
1423هـ) ، عدد (12509) السَّنَة الثامنة والثلاثون