الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فلقد كتبت من قبلُ حول أحداث لبنان التي أوذي فيها أهل السنة في لبنان
، وتطرقت فيها لمن يسمون بالحوثيين في اليمن ، وذلك في مقالٍ حجبته
الصحيفة التي أجرت التحقيق الصحفي حوله ! وقد تضمن التحقيق آراء أخرى
يؤيد بعضها بعضا ، وقد نشرت ما يخصني منه في حينه - قبل سنتين تقريبا –
وذلك بعد التأكد من عزم تلك الصحيفة على عدم نشر التحقيق كله !! وكان
مما جاء فيه الدعوة إلى : " النظر فيما أعلن من قبل من مخططات من مثل :
الشرق الأوسط الكبير وآليته : الفوضى الخلاقة ! وأدواته الصهيونية وفي
مقدمتها الكيان الصهيوني ، ومثل : الخطة الخمسينية لآيات قم ، وآليته :
الهلال الرافضي وليس الشيعي ، وأدواته الرافضية وفي مقدمتها حزب إيران
اللبناني ... والمتأمل لواقع سير الأحداث التي تنطلق بروح طائفية
إيرانية - وإن نفى قادتها - يجد تأجيجا للصراع في لبنان الشام ,
وأحداثا دامية يقوم بها الحوثيون في اليمن السعيد , ونبرة تهديدات
للحكومة اللبنانية واليمنية في ذات الوقت , الأمر الذي قد يلقي بآثاره
على المنطقة بأسرها , ويعطي إرهاصات لمستقبل قد يحمل مفاجآت ، ربما
تساهم في اكتمال دائرة الهلال الرافضي وفق الخطة الخمسينية لآيات قم ،
وفي ظل غياب الرؤية العربية الموحدة والحلول الحاسمة ." انتهى الشاهد
من المقال المشار إليه .
1) وحيث قد يسر الله تعالى لي زيارة
منطقة جازان في اليومين الماضيين ، للمشاركة في ملتقى ثقافي دعوي مجدول
سلفاً ضمن مناشط المكتب التعاوني بمنطقة الحسين والنجوع ؛ فقد قمت
بزيارة مخيمات النازحين ( هم : المُنْتَقِلون من ديارهم إلى أماكن أخرى
داخل حدود وطنهم ، بخلاف اللاجئين : المنتقلين من ديارهم ومناطقهم خارج
حدود وطنهم ) من قراهم وبيوتهم وأملاكهم في الشريط الحدودي الفاصل بين
المملكة واليمن ، بسبب اعتداءات تنظيم الحوثيين الإجرامي ، الذي صنعه
أعداء الملة الإسلامية ليكون بؤرة فرقة ، ومنطقة أوجاع ، وخنجر غدر
ليطعن به من الخلف في أوقات الخيانة والغدر ؛ لتحقيق مآرب الأعداء
وتطبيق مكائد المتربصين بأمن المسلمين وأمانهم ومقدساتهم .
وكانت الزيارة لمخيم النازحين بجوار ( أحد المسارحة ) ، ومع أنَّ
المخيمَ للإيواء المؤقت ، والنزوحَ نتيجة العمل الخياني والتسلل الغادر
، ومع أنَّ الظرف ظرف مأساة آدمية حيوانية ، إلا أنَّنا قد رأينا بحمد
الله ما يريح القلب ويبعث السرور في النفس ، فالجهود الحكومية والأهلية
الكبيرة التي بُذلت وتبذل في المخيم ، وما فيه من استعدادات للطوارئ ،
تثبت أن المبادرات والاستعدادات التي قد تُنتقد أحيانا في وقت السلم ،
تكون حاضرة وبقوة في وقت الحرب ، فيصعب انتقادها ، وتكون ظاهرة فيصعب
إنكارها .. لقد ظهر الأداء الحكومي والأهلي في صورة التحام مواطنة حقّة
! لا يكتفي فيها المواطن بالتفرج ، ولا يتحمل فيها المؤمن بحق الأخوة
الاكتفاء بالكتابة !
لقد شاهدنا القطاعات الحكومية ذات الشأن حاضرة ، عسكريها في قمة اليقظة
، ومدنيها في قمة الفاعلية ، بدءا برجال الأمن العسكريين ، ومرورا
برجال الحسبة المدنيين ، وانتهاء ببقية الموظفين الحكوميين .
كما شاهدنا المؤسسات الأهلية الخيرية تقف جنبا إلى جنب ، في تنسيق رائع
مع الجهات الحكومية ، في صورة مبهجة ، بدءا من هيئة الإغاثة الإسلامية
، ومرورا بالندوة العالمية للشباب الإسلامي ، وانتهاء بجمعية الإحسان
الطبية ؛ فرأينا المخيمات التي زودت بما يحتاجه النازحون من متطلبات
الحياة بدءا ببنية تحتية ملائمة ، شملت التكييف لكل خيمة ، ومروراً
بالعناية الصحية في مخيم العيادة الرجالية والعيادة النسائية ، ومدرسة
للبنين وأخرى للبنات ، وانتهاء بالمتطلبات الاستهلاكية ؛ مما يخفف وطأة
الجرائم العظيمة التي ارتكبت ضد النازحين ، فلم تسلم منها المساجد فضلا
عن المنازل والحقول والمواشي ، من عصابات التسلل التخريبية المنظّمة .
لقد كان منظراً لطيفا مع ما يصاحبه من رقة قلب ، حين ترى الأطفال
يلعبون بين الخيام وفي ساحات المخيم في صراخ بهجة طفولية ! لكنه دليل
الارتياح الأسري داخل تلك الخيام .
نعم أثار فضولي – كما لو كنت صحفيا يبحث عن إثارة - وجود سيارات هيئة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورأيتها تجوب المخيم وكثير من الناس
لم يستيقظ بعد ، فسألت أحد المسؤولين في المخيم : هل لهم حاجة هنا ؟
قال : لقد جاءوا بناء على طلب العائلات في المخيم لمزيد الاطمئنان ليس
إلا !
ثم تقدمنا في اتجاه المنطقة الحدودية ، لنرى حركة النزوح ، وكانت لها
بقيايا يسيرة تظهر في قوافل من بهيمة الأنعام ما بين إبل وبقر وغنم ،
هي حلال النازحين من أبناء تلك المنطقة من أهل الريف . وعدنا من حيث
جئنا بعد أن وصلنا إلى حواجز للجيش ، تمنع تقدم المدنيين إلى ما وراءها
حفاظا على سلامتهم ، وتوفيرا لمسافات كافية للعمليات القتالية بعيدا عن
إيذاء المدنيين أو تعرضهم للسوء بشكل أو آخر .
2) وكم يشعر المرأ بالنشوة ، ويلهج بالدعاء بالنصر والتمكين ،
حين يرى وحدات جيشنا المتوضيء المصلي ، ويسمع هدير الطائرات تتجه إلى
هذه العصابات المجرمة المعادية لأهل الإسلام الحق ، أهل السنة والجماعة
؛ ذلك أنَّ الحرب التي تشنها دفاعاً ، بلادُنا - المملكة العربية
السعودية - على المتسللين داخل حدودها من التنظيم الحوثي ، إنما هي حرب
على شرذمة معادية للإسلام معتدية علينا ، شرذمة استنبتتها القوى
المعادية لملتنا وأمتنا ، ومن هنا يعلم يقينا أنها ليست حربا على
اليمنيين كما تروج بعض وسائل الإعلام و المواقع والمنتديات المشبوهة .
ولا أدل على ذلك من محاربة الحكومة اليمنية بجيشها وقواتها الأمنية
وبمساندة شعبها العربي المسلم لهذه الفئة التي تحركها القوى الخارجية ،
الحاقدة على أمتنا الإسلامية وبلادنا العربية ، ومقدساتنا الإسلامية .
فليتفطن العقلاء لهذه الأساليب الخبيثة التي تحاول الإيقاع بين البلدين
الشقيقين والشعبين الأبيين .
ولقد تحقق بحمد الله من الخير فيما مضى من هذا الجهد الأمني والعسكري
المكثّف ، ما يسرّ المؤمن ، فقد كانت آثاره ممتدة إلى العصابات
الجنائية ، من مهربي أنواع السلاح التخريبي ، والمخدرات ، وعصابات
التهريب وغير ذلك مما تحقق بحمد الله في الأيام لماضية وتحدث به الناس
هناك ، وابتهجوا به .
3) ينبغي أن يعلم أنَّ المتسللين ومن يعرفون بالحوثيين ، ليسوا
من أتباع المذهب الزيدي كما يظن بعض الإعلاميين فضلا عن غيرهم ،
وإنَّما هم نبتة رافضية اثني عشرية ، نشأت في المحضن القمي الإيراني
الفارسي ، فهم أشدّ انحرافاً من الشيعة ؛ بل إنَّ منهم من يصرح بأنَّ
حسين الحوثي رسول الله ! وهذا ما سمعناه من بعضهم في وسائل الإعلام ،
وقد أكَّده لي بعض الإخوة في مخيم النازحين ، وهذا القول لا يقول به
الشيعة ، فضلا عن الزيدية الذين هم أخف الفرقتين في موضوع التشيع ،
وأقرب إلى أهل السنة في الفقهيات . ومعرفة هذه القضية مهمة جدا ؛
فالملاحقة والقتال ليست للزيدية ، فالزيدية يشاركون في حرب هذه الشرذمة
الرافضية المجرمة .
4) وختاماً ؛ فإنني أقترح على وزارة الشؤون الإسلامية النظر في
التوجيه بالقنوت في هذه النازلة المركَّبة من نازلتين : نازلة مواجهة
المتسللين الغادرين ، ونازلة النازحين الذين أخرجوا من مساكنهم وقراهم
بغير حق . ولا سيما أن من فوائد القنوت : تثبيت المؤمنين ، وحفظ الله
للمجاهدين من رجال قواتنا المسلحة بجميع قطاعاتها ، وكشف كربة النازحين
، وما يتبع ذلك من تعميم الشعور بالمسؤولية تجاه هذه القضية ، ودفع
الغافلين إلى إدراك خطورة الفكر المنحرف على الإسلام وأهله ومقدساته .
اللهم انصرنا أخواننا المرابطين ، وانصرهم على المجرمين المتسللين ،
واكشف الكرب عن إخواننا النازحين وردهم إلى ديارهم سالمين آمنين .
سعد بن مطر العتيبي