انتقاد الاختلاف
بين أهل العلم ، وهل اختلاف العلماء رحمة
د. سعد بن مطر العتيبي
السؤال :
يلحظ أحيانا اختلاف العلماء في بعض الفتاوى بين
محلل ومحرم . فنجد الكثيرين ينتقدون العلماء على هذا الإختلاف في الفتوى . فما
هي أسباب مثل هذه الإختلافات على الرغم من توفر الأدلة الشرعية للجميع بالتساوي
في هذا الزمن من خلال توفر جميع الوسائل المؤدية إليها ؟ وإذا كان الأمر هو في
الإختلاف في الإجتهاد وتفسير الأمر فكيف لنا أن نعرف الفتوى الأقرب إلى الصواب
؟
وفي شأن الإختلاف بين العلماء نسمع عبارة ( اختلاف العلماء رحمة ) فما مدى صحة
هذه العبارة ؟
الجــواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله !
الاختلاف بين أهل العلم - في جميع التخصصات الشرعية والتجريبية موجود - وله
أسباب كثيرة ، وهو أمر لا محذور فيه ما دام في إطار الخلاف المقبول شرعا ،
وإنما المحذور الفرقة في الدين .. وهذا الإمام ابن قدامة يورد الأقوال في
المغني ، ثم لا يزيد عند ذكر اختياره لقول ما على قول : ولنا ... هذه أخلاقيات
أهل العلم وفهمهم لأسباب الخلاف المقبول .
ولعلكم ترجعون إلى كتاب : رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، لأبي العباس ابن
تيمية رحمه الله فقد فصل في ذلك الكتيب تفصيلا حسنا وسهلا .
ولكن مما ينبغي التنبه له ومعرفته لأهميته : أن الفتوى قد تتغير ، وذلك إذا
تغير مناط الحكم فيها ، ولعل في هذا المقال ما يكشف جانبا من هذا الموضوع مع
الأمثلة العصرية :
http://saaid.net/Doat/otibi/12.htm
وأما أن اختلاف العلماء رحمة ، فهو وإن كان في صحة بعض الأحاديث التي ورد فيها
عبارة نحوه نظر ، إلا أن له معاني صحيحة ، وذلك في دائرة الخلاف في المسائل
الاجتهادية لما في تعدد الأقوال فيها من التوسعة على المسلمين ، وفي كون
الإنكار فيها على سبيل التأثيم - لا النصح والإرشاد - لا يجوز ، وإن كان الواجب
على المسلم اتباع ما ظهر له دليله إن كان من أهل العلم ، أو ما قال به من يثق
في علمه وتقاه إن كان مقلدا ، ولا يجوز له تتبع الشاذ من الأقوال ، أو انتقاء
الفتاوى اليسيرة عليه من عدد من العلماء مثلا ، والكلام في هذا الموضوع يطول ،
لكن لعل فيما أجيب به ما يكفي لتصوره في الجملة . والله تعالى أعلم .