هل الوعيد لمن
باتت هاجرة لفراش زوجها يشمل غير المدخول بها ؟
د. سعد بن مطر العتيبي
السؤال :
هل هذا الحديث الشريف ينطبق على البنت المكتوب كتابها
فقط (الغير مدخول بها): (من باتت وزوجها غاضب عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح(
ولو كان سبب الغضب خلاف عادي على شيء بسيط؟؟
الجــواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله !
أولاً : الحديث المشار إليه في السؤال ثابت في الصحيحين ، وقد جاء لفظه صريحا
في الوعيد لمن هجرت فراش الزوجية من غير عذر ، ففي لفظ لأبي هريرة رضي الله عنه
: ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه ، فأبت أن تجيء ، لعنتها الملائكة حتى
تُصبح ) ، وفي لفظ : ( إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى
ترجع ) .
ولذلك ترجمه البخاري بقوله : ( باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها) .
ثانياً : هذا الحديث ليس على إطلاقه ، فهو مقيد بالحالات التي يشرع فيها للزوج
دعوة زوجه للفراش . ولذلك قال الحافظ ابن حجر مبينا معنى تبويب البخاري : " أي
بغير سبب لم يجز لها ذلك " (فتح الباري :9/294) ؛ أما لو وجد سبب يمنع من
إجابتها ، فإنه لا حرج عليها ، ولا تكون داخلة في هذا الوعيد ؛ ومن ذلك ما لو
دعاها للفراش - بمعنى الوطء - في حال العذر مثلا .
ثالثاً : بيّن بعض العلماء أن الفراش هنا كناية عن الجماع ، ويقوي هذا الرأي
ورود الكناية به عنه في أحاديث أخرى ، والكناية عن التصريح بما يستحيا من ذكره
كثير في نصوص الشريعة ؛ وعليه فإنَّ المرأة غير المدخول بها بسبب عدم زفافها
إلى زوجها ، لا يلزمها تسليم نفسها لزوجها قبل الزفاف ، إذا كان في ذلك مخالفة
للعرف المعتبر ، لما يترتب على ذلك من مفاسد قد تعود على المرأة بالضرر ، بل
وعلى أصل النكاح بالفرقة ، ومن ثم لا تكون آثمة بذلك ؛ ومن القواعد الفقهية
المعتبرة أن : المعروف عرفا كالمشروط شرطا ؛ ومع وجود العرف الذي يقضي بعدم
تسليم المرأة نفسها لزوجها قبل إعلان النكاح ؛ فكأن مسألة الفراش مما اشترط
عدمها قبل إعلان الدخول بالزفاف ، فلا تكون المرأة داخلة في الوعيد المذكور في
الحديث في هذه الحال ، والله تعالى أعلم .